منذ ان تم الاستفتاء على تقرير المصير لشعب ابناء جنوب السودان برعاية الأمم المتحدة واستقلال الدولة الوليدة والامور تجري الى منعرجات خطرة لأن التسوية سياسية لاستعجال الحلم لابناء الجنوب بإعلان دولتهم والمفاوضات التي جرت وقتها اجلت الكثير من الاشكالات على أمل ان تحل عبر مفاوضات مستمرة بعد ان تتعزز الثقة بين الدولتين لكن ذلك في حد ذاته احد الألغام المتفجرة ومن المتوقع ان تثور الغام اخرى. مشكلة التسويات السياسية التي تأتي تحت وطأة ضغوط دولية ولأهداف دول كبرى متنفذة مثل امريكا وفرنسا دائما ما تخفي الحقائق ولعل تلويحهم بالمحكمة الجنائية للرئيس السوداني واثرها الاعلامي والنفسي قد عجل من التسوية المبتورة والهدف الحقيقي هو تقسيم السودان الى عدة دويلات قومية واثنية ودينية وهو ما يجري على عدد من دول افريقيا حاليا مثل مالي وغدا قد يخترعون لنا قصة اخرى. الخطط الاستراتيجية للدول الكبرى تتجه في هذه المرحلة الى تقسيم الدول التي تعاني من التوترات والنزاعات الاهلية مع التأكيد على عوامل الثروة والموقع الاستراتيجي لهذه الدول المراد تقسيمها. القرن الحالي الذي طوى حقبته الاولى يبدو انه يسير في اتجاهات تنفيذ مخططاتهم في التقسيم ودفن القيم القومية للدول ذات الاعتزاز بقومياتها او عقائدها الايدلوجية ولعل مراكز الدراسات الامريكية والاوروبية نشرت عدة دراسات وادارت نقاشات عديدة حول ذلك المنهج لكن الخوف هو ما يرعب الدول من ان تتحول الى صفوف المغضوب عليها من الدول الكبرى. نأمل من حكومة البشير وحكومة جنوب السودان التوافق على حلول برغبتهم وان لا يتركوا المجال للتلاعب بهم من قبل الدول الاخرى عبر الاصطياد في المياه العكرة.