شكّل هذا الموقف المتشنج من الجيل السابق ضد جيل الانترنت مشكلة حقيقية تصعّدت وتيرتها لتبلغ حدّ الظاهرة ودون وعي منّا، ظاهرة أدت إلى اختلال آلية التواصل بين الجيلين، فجيل الانترنت في نظر هذا البعض جيل بائس غير مؤهّل للمستقبل، وغير قادر على تحمّل مسؤولية نفسه ولا أمته؛ لأنه منشغل بالتكنولوجيا ومنقطع إلى عوالمها، جيل لا ينتمي إلى هويته بقدر انتمائه إلى العولمة، وبقدر عنايته بكل ما هو مستورد وطارئ.. وإلى آخره من التهم التي أحسبها قادرة على شرخ المجتمع وتعزيز اشكالات الأمة. لذا وبعيدًا عن هذا التشنج نقول: ما ذنب جيل فتح عينيه على ابهار البلاي ستيشن وسرعة البلاك بيري وتشظي الآي فون وتواصل الفيس بوك وديناميكية التويتر وفضاءات الجوجل والبرودكاست واليوتيوب؟ جيل نشأ قابضًا على الكرة الأرضية في جهاز صغير بين كفيه، عقول تتسرّب إليها في جزيء الثانية ملايين المعلومات والأخبار والمشاهد، عالم مدهش يغريك للهاث وراء جديده وطازجه وغريبه! إنها بيئته الواقعية التي فتح عينيه عليها ولم يرَ غيرها؟، فإذا كان الجيل السابق يرى أن هذه الوضعية الحياتية التكنولوجية التي يعيشها الجيل الجديد غير متسقة مع واقعنا وتقاليدنا وعاداتنا ويُطالب بعزله عنها، فبلا أدنى شك قد أخطأ التقدير، فالتيار أعنف وأقوى من قدرتنا على صدّه، والخطاب التوبيخي التهميشي الذي يتبعه البعض قاصر عن منازلة خطاب التكنولوجيا وقوة تأثيرها، وبالتالي فمعالجة الأمر بقطع التواصل مع الجيل الجديد وازدراء شخصيته واسلوب حياته معالجة خاطئة وغير مجدية البتة.
الذي يتوجّب علينا فعله هو تبديل استراتيجيات مخاطبة شباب هذا الجيل، ونظرتنا إليه لنجعلها أكثر احترامًا، وأولى هذه الإستراتيجيات خلق جسر تواصلي مع الشباب ضمن منظومة عوالمهم الاتصالية التي لم ولن يرضوا بديلًا لها.
الذي يتوجّب علينا فعله هو تبديل إستراتيجيات مخاطبة شباب هذا الجيل، ونظرتنا إليه لنجعلها أكثر احترامًا، وأولى هذه الإستراتيجيات خلق جسر تواصلي مع الشباب ضمن منظومة عوالمهم الاتصالية التي لم ولن يرضوا بديلًا لها، أعني الفيس بوك أو التويتر أو المنتديات الانترنتية وغيرها، فهم هناك منتظرون، وهم هناك مقيمون، وقد لاحظنا كيف أن بعض مفكّري ووعاظ وأدباء الجيل السابق حدّثوا أساليبهم وخاطبوا جيل الانترنت بوسائطهم، وهذا جيد. يتوجّب علينا في ظل امتلاك هذا الجيل لإمكانات خارقة في مجال تقنية استثمار مواهبه وتوجيهها صوب أهداف تصبُّ في خير تنمية وطنه ومجتمعه، ولنقنع بأن هذا الجيل لديه حماس منقطع النظير للمشاركة والتفاعل، فقط هو بحاجة إلى أن ننزل من أبراجنا العاجية الواهمة البالية لنشاركه الطاولة نفسها ونحفزه، ولنكن على ثقة بأنه سيبهرنا بما يمتلكه من عطاء ووعي وذكاء. جانب نفسي أخير نضعه نصب أعيننا، نستمده من هدْي النبي محمد «صلى الله عليه وسلم»، قدوتنا الذي يقول: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَى بِهِ، وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ»، إنها المسحة الحانية والكلمة المشجّعة البانية التي ينتظرها الجيل المتوقد، ساعتها علينا أن نقيس مدى حُكمنا المتسرّع عليه بأنه الجيل الكسول، الفاشل، الاتكالي!.