أما كون الانسان كأنه غريب في هذه الدنيا فهو فعلا غريب منذ أن يخرج من بطن أمه ويفتح عينيه على من حوله فيجد أناساً يتكلمون ويقومون ويقعدون ويمشون حتى اذا استوى عوده وقوي عظمه صار يشاطرهم الحركة ويشاركهم في الرزق .. والعبادة .. والطاعات إن كان من السعداء. وأنا أقول لاخواني الخطباء والوعاظ والملتزمين: الدنيا دار العبادات وكسب الحسنات , والجنة لا تدرك إلا بالحسنات والحسنات لا تنال إلا بالعمل والإنفاق ومساعدة الآخرين والخلق الحسن, لذلك فان المتعب اذا لم يصبح لا يستطيع ان يصلي ويقوم الليل والذي لا يجد المال لا يستطيع أن يتصدق ولا يحج ويعتمر والمريض لا يصوم حتى يكسب المزيد من الحسنات، لذلك فإن الدنيا هي دار العمل والبذل والتراحم والتواصل بالخير لان الله ـ سبحانه وتعالى ـ يقدم الخير فقال تعالى: ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره) ..
لولا كد الانسان وكسبه وعبادته ومثابرته على أعمال الخير في الدنيا لم يجد شيئاً يكافأ عليه في الآخرة وبذلك تكون الدنيا هي غرفة الامتحان التي يخرج منها أهلها إما خيراً يره وإما شراً يره.
والذي يسعى في هذه الدنيا على رزقه ورزق أبنائه وأفراد أسرته ويتصدق ويساعد قدر طاقته فإن له مكافأة عمل الخير، وكذلك الذي يحافظ على الصلوات في أوقاتها يكسب من الحسنات بعدد خطواته وقراءاته وتسبيحاته وتهليلاته الذي يحج ويعتمر له من الحسنات بقدر مشقته وانفاقه .. وكل هذه الحسنات تحفظ له في حساب عند من لا يغفل ولا ينسى حتى يأتي اليوم الذي يستلم فيه المكافأة بقدر المقبول من عمله في الدنيا, إذ لولا كد الانسان وكسبه وعبادته ومثابرته على أعمال الخير في الدنيا لم يجد شيئاً يكافأ عليه في الآخرة وبذلك تكون الدنيا هي غرفة الامتحان التي يخرج منها أهلها إما خيراً يره وإما شراً يره. لذلك يجب النصح للمسلمين بمداومة عمل الخير والإكثار من كسب الحسنات أقوالاً وأفعالاً وصدقات حسب الطاقة والمقدرة الجسدية والمادية والدنيا هي المعبر الذي يستطيع المؤمن أن يتخذه مسلكاً الى خير الآخرة وما فيها من خيرات حسان, فيها كل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت بفضل رحمة الله وغفرانه جزاء لكل عمل صالح يؤديه المؤمن في هذه الدنيا التي سيغادرها الخلق وهم آسفون على فراقها.