مما يخجل .. أن داء الواسطة أصبح من القيم الاجتماعية السائدة بيننا فتحول المنطق الرشيد إلى مبدأ واه فكان داء الواو فيتامينا .. ما تعرف أحدا .. تخبر أحدا .. عندك واسطة .. عندك معرفة .. أفكار بليدة منها سادت فكرة عند معظم أفراد مجتمعنا أن انجاز معاملة ما، أو تخليص أمر يحتاج إلى وسيلة لتمريره، ووسيط لإنفاذه، وواسطة (لتسليكه) حتى وإن سببّ ذلك الالتفاف على التنظيم والنظام، وكسر الانضباط والترتيب.
الواسطة .. والمحسوبية وجهان لعملة واحدة هي عملة التشويه .. والفساد الإداري، والفوضى النظامية .. الواسطة في أغلبها سبب في إحقاق باطل، أو إبطال حق، في ضياع فرص، أو تلاشي خيارات، في تقديم مؤخر أو تأخير مقدم، في منع مصلحة أو جلب مفسدة .. هكذا هي الواسطة وهكذا هي المحسوبية، وتلك هي المحاباة التي تفضي إلى ممارسات يقوم بها الضعفاء للتسلط على حقوق الغير وخطف ما يخص الآخر ، والعبث بالنظام من جهة، وممارسات تخص أولئك المرضى الذين يستثمرون مناصبهم أو قرابتهم في منح الامتيازات والقرابين لمحسوبيهم أو معارفهم أو لمن تربطهم بهم مصلحة، بغض النظر عن أحقيتهم أو مؤهلاتهم ودون إحساس لما قد يقع من ضرر وظلم على الآخر. تلك هي المحاباة التي تفضي إلى ممارسات يقوم بها الضعفاء للتسلط على حقوق الغير وخطف ما يخص الآخر ، والعبث بالنظام من جهة، وممارسات تخص أولئك المرضى الذين يستثمرون مناصبهم أو قرابتهم في منح الامتيازات والقرابين لمحسوبيهم أو معارفهم أو لمن تربطهم بهم مصلحةمن أكبر المشكلات أن يساء فهم معنى البر، وإغاثة الملهوف، ومساعدة المحتاج وأن يتشوه مفهوم الشفاعة الحسنة التي تصلح وتفرح بمخالب (الواسطة المقيتة) التي تتضمن سلوك التجاوز، وتصرف المراوغة، ومسيرة القفز على الأنظمة، والبعض يظن أنه في محيط الشفاعة الحسنة وهو بعيد عنها .. وحتى الأعمال البسيطة أصبح البعض يتلفت يمنة ويسرة ليجد أحدا يجعله يطير فوق الجميع ليحصل على ما يريد قبل الكل، بل ومما يزعج القلوب، ويصدع العقول أن بعض الناس يتفاخرون باللهث خلف الواسطة، ويعتبرون اللجوء إليها أمرا بدهيا لابُدّ منه، وتجد البعض يتباهى بمعارفه ومحسوبياته وقدراته على تجاوز الأنظمة، وتعدي الإجراءات وهو يظن أن القوة فيما يتحقق من خرق النظام.
وعلى النقيض تحول فشل البعض إلى إسقاط إخفاقه على مسألة ما على عدم وجود واسطة فكأن المفاهيم الطيبة مقلوبة. ختام القول : الحق يصل إليه الشخص بالقانون، والحاجة يصل إليها المرء بالنظام، فلا يحتاج إلى واسطة حميدة ولا خبيثة لأن فكرة الحصول على الحقوق لا تحتاج إلا إلى قاعدة وسيادة وقانون وما عدا ذلك يعني أن الخلل والفساد هما ما يمكن ان يوصف بهما حال المجتمع .. الواسطة تخلف آثارا نفسية واجتماعية سيئة تسهم في ضعف الدين، وفقدان السيادة والقانون، وضياع الأمانة، وإخلال الذمة، وإشاعة الضلال. بعد كل هذا.. ألسنا بحاجة لإنشاء إدارة عامة لمكافحة الواسطة..؟