أحداثُ غريبةٌ تحدث في جدة وبقية مدننا الفاضلة وأكثرها إثارةً للدهشة في نظري أننا دائماً ما نصبح فجأةً على كارثة دون سابق إنذار، هذا الأسبوع كنّا على موعد مع حريق كارثي في مدرسة أهلية في جدة وحادث مروع في حائل توفي خلال الحادثتين 14 مواطنة وأصيبت 47 مواطنة أخرى.
هاتان الحادثتان هما امتداد لكوارث سيول جدة وتسرب مصنع الدمام ونفق الدمام وحوادث الطرق السريعة الممتدة من الظهران إلى الجبيل أو إلى الأحساء، وعقود الطرق وتصريف المياه واختناق المرور في الرياض، وكوارث مشاريع (المقاولات بالباطن)، وتدني تصنيف التعليم الوطني في المؤشرات العالمية، وقرب خروج المنتخب من التصفيات الأولية بشكل مفاجئ.. إلخ.
المشكلات في تزايد والحل دائماً تشكيل لجنة تحقيق أو تقصٍ للحقائق لمعرفة الأسباب، لكن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لم يتم تشكيل هذه اللجنة قبل وقوع الكوارث للتخطيط من أجل الخروج بحلول تمنع حدوث هذه الكوارث ومهما تكن المبالغ التي سترصد للتخطيط المسبق أليست أقل من الأضرار التي تنجم عن عدم التخطيط والاستسلام للأمر الواقع أو محاولة التصحيح المتأخر؟!
تكرار تلك المشكلات التي تمتد من التعليم إلى الطرق إلى الصرف الصحي إلى الصحة إلى كافة القطاعات الخدمية الحيوية يؤكد على أننا بحاجة إلى تحديث آليات الرقابة وتشديدها ورفع العقوبات لمعالجة الفساد الذي يولد البيئة الحاضنة لتلك الكوارث (غير الطبيعية).تكرار تلك المشكلات التي تمتد من التعليم إلى الطرق إلى الصرف الصحي إلى الصحة إلى كافة القطاعات الخدمية الحيوية يؤكد على أننا بحاجة إلى تحديث آليات الرقابة وتشديدها ورفع العقوبات لمعالجة الفساد الذي يولد البيئة الحاضنة لتلك الكوارث (غير الطبيعية)قرأت في الصحف حوارات التعليم والدفاع المدني حول حريق مدرسة (براعم الوطن) الجهة الأولى تؤكد أن المدارس تخضع لشروط الدفاع المدني وإجراءات السلامة والجهة الثانية تؤكد أنهم أمروا بإغلاق 5 مدارس غير مطابقة لمواطفات السلامة دون جدوى!، هذه المساجلة ذكرتني بتلك التي دارت بين الدفاع المدني في الشرقية وأمانة الدمام على خلفية ظهور عيب شرعي في نفق الدمام بعد شهور قليلة من إنجازه تسبب في إغلاقه!
حالات كثيرة جرى التحقيق بشأنها أو من المفترض أن يجري لكن الأمور تخفت مع عامل الوقت إلى حين حلول كارثة جديدة تعيد إلى الواجهة سابقتها دون أن يتم الإفصاح عن كافة نتائج تلك التحقيقات ووضع حلول جذرية لها.
اعترافنا بوجود أخطاء أمر هام للإصلاح والأهم دراسة المشكلات المتوقعة، ووضع حلول حقيقية لحل الأزمات قبل اندلاعها بوقت كافٍ، ثم تشديد الرقابة على المتلاعبين بأموال الناس وأرواحهم وإعلان عقوبات صارمة بحقهم ليكونوا عبرة للجميع.
إن ما يجري يشير إلى حقيقة تفاقم الفجوة بين المملكة ودول الجوار الخليجية إن على صعيد البنى التحية والخدمات العامة أو على صعيد الإجراءات الفعالة والتحديث مع إيماننا بأن عوامل عدة تجعل التحديث لدينا أكثر صعوبة، ومع هذا على المملكة رهان كبير في اللحاق بالدول المتقدمة وقبل ذلك دول المنطقة التي خطت خلال سنوات قليلة خطوات كبيرة على كافة الأصعدة.
ولعل الحادثتين اللتين جاءتا تباعاً تدقان جرس الإنذار لمختلف الجهات الخدمية لإبدال مبدأ إطفاء الحرائق أو التعامل مع الأزمة فقط، بمبدأ التخطيط الإستراتيجي القائم على تقييم الواقع ثم إيجاد حلول للمشكلات المتوقعة بصورة مخططة، وقد يكون خيار الاستعانة بجهات أجنبية خبيرة ضرورياً في مرحلة التجديد.
إن الوفيات التي حدثت جراء الكوارث أو المشكلات التي تركتها تلك الأخطاء الجسيمة لا يمكن تعويضها من خلال السجالات بين الجهات المختلفة أو لجان التحقيق لكن علينا وضع آليات حقيقية للمستقبل كي نتفادى وقوع مزيد من الأزمات أو التخطيط الصحيح لمواجهتها.
أخيرا لا نملك إلا الدعوة بالرحمة لشهداء التعليم في حائل وجدة وكل من لاقته منيته وهو يعمل من أجل الإسهام في بناء هذا الوطن.. تحياتي،،