كتب ومقالات كثيرة تحمل عنوانا واحدا هو «أين الخطأ؟» هذا العنوان/ السؤال يستدعي على الفور ادعاء اننا نعرف الصواب ونحدد مواقعه.. في حين ان الخطأ والصواب ليسا ثابتين.. إنهما نسبيان ويتبادلان المواقع.. حسب الزمان والمكان وحسب المرجعيات المعرفية والتجارب العملية.
الخطأ والصواب ثنائية تسير من خلفنا وأمامنا.. ونجابهها في كل حقل من الحقول النقدية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية.. وهما بؤرة الخلاف المندلع بين البشر على مر التاريخ.
والصواب لا يكون صوابا في رؤية صاحبه الا مرافقا لليقين.. والخطأ لا يكون خطأ الا في مهب الشك.. وقد تمر بعض المجتمعات بمراحل يقينية.. تلك المراحل يكون الناس فيها كالأواني المستطرقة فكرا ووعيا وتجربة.. انها في رحلة السبات اللذيذ ولكنها مع ذلك على مقربة من عاصفة المخاض.. اذ فجأة يتصدع اليقين بيقين آخر او بشك يقف في وجه ذلك اليقين ويهدمه بهدوء.لكل مجتمع يقينه وشكه حسب مراحل تطوره التي تطول او تقصر.. كان هذا منذ آلاف السنين.. اما الآن فقد كادت الحداثة ان تزيل الفروق (القيمية) بين المجتمعات.. لقد اصبحت القيم اشد وضوحا وارتباطا بحياة الناس السلوكية والاخلاقية اليومية.لكل مجتمع يقينه وشكه حسب مراحل تطوره التي تطول او تقصر.. كان هذا منذ آلاف السنين.. اما الآن فقد كادت الحداثة ان تزيل الفروق (القيمية) بين المجتمعات.. لقد اصبحت القيم اشد وضوحا وارتباطا بحياة الناس السلوكية والاخلاقية اليومية.
العولمة حين نفض الوجدان عن جرائمها الاقتصادية الفادحة.. لها حسنة واحدة هي تبلور قيم بشرية مشتركة كانت غائبة طوال الازمنة الغاربة.. فقيم مثل: حقوق الانسان، الديمقراطية، الحرية، المساواة بين البشر، مفهوم المواطنة وغيرها من القيم التي تمس الحياة الفردية والاجتماعية.. هذه المفاهيم بفضل الحداثة اصبحت بعيدة عن رياح الشك واصبحت قاسما مشتركا بين البشر على الارض.
الصواب والخطأ هل يرتبطان بالقيم؟
هما يرتبطان بالتأكيد ولكن الانسان يملك طاقة «تبريرية» تقوده الى تعريف فردي لهذه القيم وتكييفها على ضوء مصالحه ونوازعه.. ان الطغاة يعرفون قاموسيا معنى العدالة والحرية.. ولكنه يعرفها حسب نوازعه – ويلوي اعناقها للسجود تحت قدميه.. وكذلك الكثير من الناس الذين يحملون ضمائر ميته يقدمون على اقتراف كل الشرور وهم يرونها بيضاء من غير سوء.
هنا يأتي السؤال الفلسفي الدائم: هل بلاء الانسان نابع من ذاته ام من خارجه؟ قل لي انت في النهاية.
هل البلاء من الذات ام من الغير؟ ثم قل لي ما هو الحل؟