عرضت القناة الاولى مساء الاحد هذا الاسبوع وقائع استقبال خادم الحرمين الشريفين للقائمين على مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام يتقدّمهم معالي وزير الاعلام ومدير جامعة ام القرى وعدد آخر من الاكاديميين ومن القائمين على شؤون المسجد الحرام.
ما أشبه الليلة بالبارحة عندما عرض معالي وزير الاسكان قبل بضعة اشهر لخادم الحرمين الشريفين بدء عملية تنفيذ عدد من الوحدات السكنية عندما سأل خادم الحرمين الشريفين من حوله: «وش رأيكم»، وقد كان لنا وقفة مع هذه المناسبة في زاويتنا هذه. فيما يتعلق بالآليات الادارية والهندسية المتعلقة بادارة المشاريع ومتابعتها، فالامر هذه المرة مشابه تماماً لسابقه في الإسكان: سيادة اجواء البروتوكول على الجوانب الاساسية التي عقد من اجلها اللقاء وهي اطلاع صانع القرار على سير المشروع بأدق تفاصيله بعيداً عن اجواء البروتوكول. إلا ان هناك فارقاً اساسياً بين المناسبتين فالموضوع المطروح هنا هو المسجد الحرام وبالتحديد في ذروة الزحام عندما يؤدي الحجاج الطواف في كل عام.
مشهد الاستقبال كان بروتوكولياً. الا ان خادم الحرمين الشريفين عوّدنا دائماً على كسر البروتوكول بأسئلة مباشرة وصريحة تبحث عن اجوبة مباشرة وصريحة.. وفي رأيي المتواضع وكما يستدل من سير الحوار ان الاجوبة لم تكن لتشفي غليله.
بداية فقد حفظ المشرفون على مشروع توسعة المطاف - في بادرة يشكرون عليها – لكل ذي حق حقه واشاروا بالاسم صراحة الى جامعة الدمام ودورها الريادي في تطوير المشروع وهو امر معروف للمطلعين على بواطن الامور. غير ان الاعلان عن ذلك امام الملأ وامام خادم الحرمين الشريفين يجعل من الجامعة ممثلة في كلية العمارة والتخطيط بها طرفاً اساسياً في هذا المشروع، وهو مصدر فخر للجامعة ولكوادرها وطلبتها ولكل من ساهم في المشروع بأي صورة كانت. كان هذا قبل ثلاثة اعوام وقت طرح المشروع غير ان تأخر اعلانه الى هذا التاريخ وطريقة عرض المشروع واجوبة الحضور عن اسئلة خادم الحرمين الشريفين امور تُعرض لأول مرة.
مشهد الاستقبال كان بروتوكولياً. الا ان خادم الحرمين الشريفين عوّدنا دائماً على كسر البروتوكول بأسئلة مباشرة وصريحة تبحث عن اجوبة مباشرة وصريحة.. وفي رأيي المتواضع وكما يستدل من سير الحوار ان الاجوبة لم تكن لتشفي غليله. بداية وفيما يتعلق بطريقة العرض فان الحل المقترح بسحب درج ساحة الطواف الى حدود التوسعة السعودية الاولى وتوسيع ساحات الطواف في الدور الاول بحاجة الى تفصيل اوضح لكي يمكن لخادم الحرمين الشريفين ان يطلع على الحل ويبدي رأيه فيه. ان الاكتفاء بعمل مجسّم رائع للحرم من الخارج لم يكن كافياً لان المجسم لا يوضح الحل المقترح كما ان العرض المرئي لم يتطرّق اليه. كيف يمكن لصاحب القرار – واي قرار هذا – ان يقرر في شيء لم يتمكّن من فهمه لقصور في العرض.
ثانيا: عندما سأل خادم الحرمين الشريفين عن موعد انتهاء المشروع قيل له ست سنوات. هنا صمت قليلاً وعندما شعر القوم بأن الاجابة لم تكن لترضيه قلصوها الى النصف، وعللوا ذلك بأن الرئاسة العامة للحرم هي المسؤولة عن طول المدة نظراً لأنها حسب توجيهاتها لا يمكن ان يتم العمل في وجود الطائفين وهو ما سيؤخر عملية البناء.
وبعد ان تم استعراض مجسّم الحرم تم اقتراح منارتين اضافيتين في زوايا التوسعة الجديدة وهنا ومن باب التخصص الدقيق لا ينصح بها.
يطرح استقبال خادم الحرمين الشريفين لفريق المشروع، والحوار الذي دار، عدداً من الاسئلة التي تتعلق بسير المشاريع الحيوية في المملكة ومشروع تطوير الحرم الشريف وتوسعة المطاف منه بوجه خاص.
بداية فقد اخذ مشروع توسعة المطاف وقتاً اطول بكثير مما ينبغي واذا ما تمت اضافة السنوات الست التي سوف يستغرقها المشروع فإننا امام زمن طويل لإنجازه. والسؤال هنا وكما جاء على لسان خادم الحرمين الشريفين: ألا يمكن تنفيذ المشروع في وقت اسرع. والجواب القاطع بالتأكيد ومع الحفاظ على حركة الطائفين. ليس هنا مكان التفصيل في ذلك لكن هذه حقيقة يجب العلم بها وتوصيلها الى صانع القرار لكي يبني قراره عليها.
اضافة الى عامل الوقت فما زالت الآلية التي تمت بها تطوير المشروع غائبة تماماً عن اناس هم اولى بأن يكونوا على علم واطلاع عليها. لقد استغرق العمل على مشروع توسعة المطاف من كلية العمارة بجامعة الدمام قرابة ستة اشهر كان خلالها الشغل الشاغل لإدارة الكلية وكافة فرق العمل ليل نهار وتم فيها السفر والاستعانة ببيوت خبرة متمكنة بحثاً عن الحلول الناجعة لمشكلة الازدحام وهي تجربة مميّزة لكل من عمل عليها. الا انه ومنذ ذلك الحين والى الآن فانه لا يعرف مصير تلك المقترحات. لقد كان عرض مساء الاحد الماضي الجواب الاول وربما الاخير حيال هذا المشروع.
نحن هنا امام مشروع ليس ككل المشاريع وكان من المفضل ان تتم الاجابة عن اسئلة خادم الحرمين الشريفين بوضوح وبشفافية، وإشراك من قام بتطوير افكار المشروع والسهر عليها ليل نهار في ذلك الحديث.
لا احد يقلل من اهمية البروتوكول الا ان ذلك لا يعني اهمال الجوانب العلمية والهندسية والتقنية التي يتحدّد بموجبها نجاح المشروع من عدمه. الحديث هنا ليس عن اي مشروع في اطهر بقعة على وجه