وصفوه ذات مرة بأنه مدرسة في العلاقات العامة, فتنصل الرجل من هذا الوصف بقوله "كبير هذا الوصف على مواصفاتي النفسية والاجتماعية، لأن العلاقات العامة باتت اليوم علماً وفناً، ولا توجد عندي خلطة سرية لعلاقات ناجحة، لكنني أزعم أن لي نصيباً متواضعاً من النجاح في علاقاتي مع جل الناس يتكئ إلى حبي لهم أكثر من أيّ شيء آخر، وأتمنى أن أتأهل يوماً تأهلاً يقربني من مشارف هذا الوصف الطموح" ذلك هو الرجل الأقرب دائماً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جلسات مجلس الوزراء الأسبوعية بحكم منصبه أميناً عاماً للمجلس وهو المنصب الذي ارتقى إليه راعي الأغنام في جبال تهامة عبدالرحمن السدحان بعد رحلة عملية طويلة مليئة بالخبرات والممارسات العملية
والذي أطل علينا في هذا الشهر الكريم من خلال برنامج إذاعي يومي تحت عنوان «علمتني الحياة» تبثه موجات الإذاعة السعودية كوجبة غنية بالفكر والمراس الناجح الذي قاد مثل هذا النموذج من أبناء الوطن إلى سدة النجاح والعطاء في مضمار يصب مباشرة في مواقد العمل الكثيف من أجل الوطن وعموم مواطنيه, عبدالرحمن السدحان قصة نجاح وموضع قدوة وشخصية تدعوك إلى التأمل في مشروع طموحك ان كنت عرفت بعضا من ملامح مسيرته وتحدياتها حيث لم يولد هكذا أميناً عاماً لقمة هرم الإدارة والقرار في بلادنا بل حفلت مسيرته بجملة من التحديات والمعوقات لازمته منذ نعومة أظافره عندما شاء القدر أن ينفصل أبواه ويظل حبيس نوع من الحرمان للحنان الأسري الكامل ولكنه التحدي الذي يُلمح إليه السدحان دائماً في استعراضه الإذاعي اليومي الذي وفقت الإذاعة في انتقاء فكرته وبثها على الملأ لإمداد مسيرة الناشئة بالنماذج المتميزة, كنت أستمع إلى رسالة والد السدحان له عندما بعث بها إليه وهو في مقاعد الدراسة في أمريكا وكم كانت تلك الرسالة غنية بالمعاني والوصايا المباشرة والصريحة التي شخصت حيثيات يومياته كمبتعث غر مملوء بطاقة الشباب وحماسته في بلاد مليئة بالمباهج الجاذبة والمغريات فقال له بين سطور الرسالة "إذا كنت في روما فلا تفعل ما يفعل الروم" فتخيلت تلك الرسالة كقطعة أدبية راقية تستحق أن تضمن نصوص مواد السلوك في مدارسنا, أيضا سعدت وأنا أستمع إلى أولى حلقات هذا البرنامجلم يولد هكذا أميناً عاماً لقمة هرم الإدارة والقرار في بلادنا بل حفلت مسيرته بجملة من التحديات والمعوقات لازمته منذ نعومة أظافره عندما شاء القدر أن ينفصل أبواه ويظل حبيس نوع من الحرمان للحنان الأسري الكامل ولكنه التحدي الذي يُلمح إليه السدحان دائماً في استعراضه الإذاعي اليومي الذي وفقت الإذاعة في انتقاء فكرته وبثها على الملأ لإمداد مسيرة الناشئة بالنماذج المتميزةحيث التقيت الرجل ذات مرة خارج إطار العمل في احد مجالس الرياض وكم كنت مبهوراً بشخصية الرجل لا لمنصبه الرفيع بل لأطروحاته العميقة كمفكر تحضر في ذهنيته دائماً ملامح المجتمع وشجونه ويملك خاصية الحوار مع الحضور بمختلف مستويات ثقافتهم وميولهم ويظل في النهاية متلقياً يثري حصيلة بما تنضح به أفكار من حوله فقفز إلى ذهني وصفه السابق بمدرسة العلاقات العامة والذي قرأته له سابقاً في إحدى المقابلات الصحفية, مرة أخرى أشيد هنا بموضوعية الانتقاء المعنوي لإذاعتنا لمثل هذه البرامج وأفكارها المتبنية لمهمة الإمداد القيم لأجيال المجتمع الصاعدة من خلال استعراض تجارب شخصيات نالت سمات النجاح بالعمل المخلص والطموح المتواصل والمثابرة الناجحة رغم الكثير من العقبات والمثبطات, وقبل أن أختم أنقل لكم هنا كيف تعرض الرجل للصد ذات مرة في بداية شبابه حينما حاول نشر مقالة في صحيفة اليمامة وكيف حول أسباب الرفض التي صدح بها رمز الصحافة في بلادنا الشيخ حمد الجاسر أمامه إلى برنامج فهم أوسع لظروف الأمة في تلك المرحلة, وإليكم القصة حيث يرد على سؤال عن ردة فعله عندما رفض الجاسر نشر مقالته, فيقول: لم أتخذ من رد فعله (رحمه الله) قبل أكثر من أربعة عقود دليل جفاء منه إزائي، ولم تكن تجربتي الفكرية والحياتية يومئذ تعينني على فهم موقفه الرافض لنشر ذلك المقال سيئ الحظ في صحيفته الشهيرة (اليمامة)، وقد خرجت من مكتبه بعد اللقاء المقتضب معه بانطباعين، أحدهما الشعور بالإنجاز أن تحققت لي فكرة لقاء طالب صغير مغمور السيرة والأثر، برجل عملاق في قامة الشيخ حمد الجاسر، وأن يكون بيني وبينه حوار، حتى لو هيمن عليه طرف واحد، أما الانطباع الثاني الذي لم أستوعب مغزاه تفصيلاً إلا بعد حين، فهو أن الأمة العربية في ذلك الوقت من المحيط إلى الخليج كانت تصبح وتمسي على أنغام الوحدة العربية ووحدة المصير تروجها أفواه الساسة وأبواق الإعلاميين في معظم أرجاء الوطن العربي، ولذا فإن الفكرة التي حملها مقالي آنف الذكر لتخفيف استقدام العمالة العربية الوافدة كيلا تكون عبئاً منافساً للعمالة المحلية، كانت تنطوي على كثير من الرومانسية المحلية المناقضة للشعور القومي السائد في ذلك الحين، وهذا ما أوحى به لي في وقت لاحق موقف الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في ختام لقائي معه، حيث قال لي ما معناه: (العرب يا بنيّ يبحثون اليوم عما يوحدهم.. وأنت تدعو إلى الفرقة بينهم في مقالك).