حين يتراضى الجميع ويحتكمون إلى إرادة شعبهم في حق تقرير مصيره كما حدث في جنوب السودان تصبح ولادة دولة جديدة مرحبا بها من قبل المجتمع الدولي ولعل حضور الرئيس السوداني عمر البشير الاحتفال وتهنئته بنشوء دولة جنوب السودان ومشاركته فرحتهم لهي قمة التحضر والروح المتسامحة. إرادة شعب الجنوب واحترامها من قبل الشمال يعززان آفاق المستقبل ويمنحان الدولتين فرصة للتعاون وتعزيز العمل المشترك والحفاظ على المصالح المشتركة رغم أن الطرفين ما زالا يتفاوضان على قضايا اقتصادية عالقة بينهما مثل اقتسام عائدات النفط والذي يأتي أغلبه من الجنوب. من تابع حفل الانفصال أمس أو حفل الاستقلال فسيدرك أن الروابط بين الشعب حتى لو انقسم سياسيا تكون أكثر إيجابية في حال القبول والتراضي ليتأسس حلم المستقبل الذي هو الأهم لأنه ملك الأجيال القادمة التي من المفترض ألا تعيش أسيرة لماضي الأجداد وحروبهم الطاحنة. إن نجاح دولة الجنوب في إدارة دولة حديثة ذات قدرات عالية كما قال الرئيس عمر البشير هو انتصار لدولة السودان وهذا ما كنا نرجوه من السياسيين في الشمال وبذلك يضربون مثالا نادرا في القدرة على النسيان والتسامح والتعاون الخلاق. أحلام كثيرة ودموع كثيرة سالت يوم أمس من قبل الجنوبيين وهم يرون الحلم وقد تحقق والفكرة أصبحت واقعا وليس المطلوب منا كعرب أن نرفض هذه الدولة ما دام الشعب السوداني ارتضاها وأيدها وعلينا ألا نحمّل المؤامرات الخارجية سوء إدارتنا لقضايانا وأحلامنا. نبارك للجنوب دولته الوليدة ونحن على يقين أن المستقبل يتطلب التعاون الكبير بين الشعبين و الدولتين وأن يمضيا نحو المستقبل بروح أكثر إيجابية وأن يتفرغا لتنمية بلديهما والقضاء على الفقر الذي يضرب في العمق ويكون ذلك بالتعاون المشترك دون حساسيات الماضي.
أمس دشّنت جوبا دولة جنوب السودان وسط احتفالات حاشدة من قبل شعب الجنوب وعدد كبير من كبار المسؤولين الدوليين وستحمل الدولة الجديدة رقم 193 في الأمم المتحدة.
لم ينم الجنوبيون ليلتهم فهي الليلة التي انتظروها عقودا كثيرة خاضوا من أجلها حروبا مع الشمال راح فيها عشرات الآلاف لكن السياسة هي من أنهت الحرب الأهلية حين وقع شمال السودان وجنوبه اتفاق سلام عام 2005 في العاصمة الكينية مدشنين مرحلة جديدة بعد أن عجزت الحرب عن حسم الأمور.