DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الـنـقد الـثقـافـي يـحتـاج إلـى جرأة وشـجـاعـة في تسمية الأشياء بأسمائها

الـنـقد الـثقـافـي يـحتـاج إلـى جرأة وشـجـاعـة في تسمية الأشياء بأسمائها

الـنـقد الـثقـافـي يـحتـاج إلـى جرأة وشـجـاعـة في تسمية الأشياء بأسمائها
الـنـقد الـثقـافـي يـحتـاج إلـى جرأة وشـجـاعـة في تسمية الأشياء بأسمائها
لم يصل الناقد د. عبد الله الغذامي بعد إلى الرضا عن نفسه وعن عمله، ويعلل ذلك بأن المرء إذا رضي عن عمله أصابه الغرور من جهة وانتهى عقله عن النمو من جهة ثانية. يود د. الغذامي أن يكون رجلاً ينظر إليه الآخرون على أنه مثقف مستقل، ويحمل آراء حرة يود أن يصف دوره معها بأنه يعرضها ولا يفرضها. يرجع سبب تحوله من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي إلى التغير الكوني في أساليب التواصل البشري مع حلول الفضائيات وثقافة الصورة وما يسميه بالشفاهية الإلكترونية، ويوضح أنه يمتلك الشجاعة النقدية وثقافة الاعتراف للتوجه نحو الأفضل، رغم أن ذلك عمل قاس ومر. ويؤكد أنه يجد في وجود ظاهرة النساء الناقدات والروائيات والشاعرات في الساحة الثقافية المحلية سبباً كبيراً للفرح، كما أنه يبتهج بما وصفه بـ «المد الكبير» من كتاب الصحف الذين يملكون شجاعة عالية في النقد والمتابعة، معتبراً أن هذين مظهران من مظاهر التغير الثقافي في زمن الصورة وفي زمن تعرية الأنساق وكشف القبحيات». وللحديث عن الغذامي وتجربته في النقد وتحوله من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي وما بعد الحداثة كان لـ (اليوم) معه هذا الحوار، فإلى نصه: مثقف مستقل   من هو عبدالله الغذامي؟ وماتصنيفك له؟ - رجل يود أن ينظر إليه الآخرون على أنه مثقف مستقل، يحمل آراء حرة يود أن يصف دوره معها بأنه يعرضها ولا يفرضها.   هل وصلت إلى الرضا التام عن نفسك في ظل التغيرات المتلاحقة؟ - أعوذ بالله أن أرضى عن نفسي أو عن عملي، وإذا رضي المرء عن عمله أصابه الغرور من جهة وانتهى عقله عن النمو من جهة ثانية. تأنيث الأدب   قلت إن طريق المرأة إلى موقع لغوي إبداعي لن يكون إلا عبر المحاولة الواعية نحو تأسيس قيمة إبداعية للأنوثة تضارع (الفحولة). فهل الفحولة مرتبطة بالرجل أم هي موقف؟ وكيف تقابل كلمة الأنوثة الفحولة، لا (الذكورة)، وقد ذكر في القرآن الكريم (الذكر والأنثى)؟ أم أن ذلك تصوير خاص في عقل الرجل العربي؟ - الفحولة مفهوم نقدي (شعري) أسس له الأصمعى والكتاب العرب الأوائل مثل ابن سلام وابن قتيبة، وتمثل هذا المفهوم في مجموعة قيم إبداعية وتصورية، وصبغ هذا إبداعات الرجل مثلما سيطرت على ما روي على ألسنة نساء -وإن كن قليلات في الماضي- وحينما دخلت المرأة مجال الإبداع بشكل أرحب ناضلت كي تجد لها موقعا وسط هذا النسق الطاغي، وكان لابد من التوجه نحو تأنيث القصيدة كما سنته نازك الملائكة بداية ثم توالت الاختراقات في الرواية والخطاب النقدي مثله مع الشعر. تدشين التقليد   لماذا أردت اعتساف المعنى اللغوي للنص لتصيره إلى أنثى، بينما التجاذب بين اللغة والنص تجاذب توليدي، بمعنى أن اللغة الأنثى تنجب النص الذكر الجيد، وهذا النص بدوره يحدد هويته بعد عملية الخلق؟ - النص المبدع لا يكون عبر قدرته على التجاوز والاختراق، أما لو قلنا إن هذا يولد هذا وذاك ينجذب إلى ذاك فهذا يعنى أننا ندشن للتقليد، وننسى قدرات النص الإبداعية والتغييرية. تحول للنقد الثقافي   لك رؤية منهجية قدمتها بشكل أوضح في ثقافة الأسئلة وما تلاه من إصدارات مستندا إلى التراث الأدبي العربي مادة غنية لتقديم رؤيتك النقدية، وكأنك مؤخرا تخليت عنها إلى منهجيات أخرى تنقضها. - ما حدث عندي هو تحول من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي، وهذا حدث بسبب ما نلحظه من تغير كوني في أساليب التواصل البشري مع حلول الفضائيات وثقافة الصورة وما أسميه بالشفاهية الإلكترونية، وهذا تغير في المادة والوسيلة يقتضي تغيير أدوات الرؤية وأدوات التحليل، وهذا ما يحققه النقد الثقافي، بينما يظل النقد الأدبي أسيرا للنص اللغوي بأعرافه الصارمة. شجاعة نقدية   في كتابك «النقد الثقافي» نلمس صرامة غير مهادنة للتراث الأدبي الذي أدخلته مضمار النسقية ليبدو أمامنا مهلهلا وتبخرت القيم النقدية القديمة التي بنيت عليها كتبك السابقة له، فما كنت تتغنى به هناك نراك تلعنه هنا، أقصد من ناحية القيمة النقدية، بمعنى ما كنا نراه من خلالك ذهبا قلبته هنا تبرا. - النقد الثقافي يحتاج إلى جرأة وشجاعة في تسمية الأشياء بأسمائها، أي كشف الأنساق وفضح القبحيات، بينما النقد الأدبي ظل يغازل اللغة والإبداع تحت دعوى الجمالية وأن الشعراء يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم، وهذا شأن لا يقبله النقد الثقافي، بل إنه يغوص على الأنساق المضمرة ويكشف عنها ويفضحها، وهذا عمل قاس ومر ولكن لابد لنا من ثقافة الاعتراف ولابد من الشجاعة النقدية. قراءة سيرة الأنساق   اتخذت الحكاية أساسا في بنية كتابك «القبيلة والقبائلية» فلا يكاد فصل منها إلا واحتوى على حكاية تؤثث التاريخ القبلي بشيء من التماس الملطف أو اللطيف، هل هذا هروب من الخوض في المسألة القبلية التي وضعتها بصورة مزرية في كتابك «النقد الثقافي» وهنا تتحايل عليها بتوصيفات غير محددة كالنسق والأنساق، كي تعفي نفسك من ولوج عرين الأسود؟ - لقد كان كتاب «القبيلة والقبائلية» بحثا في هويات ما بعد الحداثة، وهي الهويات الثاوية والمكتومة من قبل، ثم بدأت تجد طريقا للتعبير عن نفسها بصيغ عديدة، بعضها عرقي وبعضها مذهبي وطائفي وبعضها فئوي، وهذا مظهر ثقافي عالمي نجده في أوروبا وأمريكا مثلما نجده في بلداننا، حتى اللون صار قضية هوية وقضية تعبير ذاتي وعقلي، وهنا جاء الكتاب لقراءة سيرة هذه الأنساق، وأنا في كتبي كلها لا أصدر أحكاما وإنما أتعرف على الأنساق أولا ثم أكشف سلوكها -كما هو- وأجعلها تبرز للعلن بدلا من السكنى بعيدا عن سؤال البحث العلمي والنقدي.   كتاب «القبيلة والقبائلية» أو هويات ما بعد الحداثة، لم يلق تصفيقا حارا من قبل المتلقي، هل لأنه تناول قضية ساخنة كتبت بحبر بارد مكتفية بالتوصيف والسرد التاريخي والمقولات وبعض التأويلات دون الغوص في لب القضية بمثل ما تناولها خلدون النقيب في كتابه «صراع القبيلة والديمقراطية» وكتابه الآخر «فقه التخلف»؟ - أترك لك الجواب على هذا السؤال مثلما تركت لك حق طرح السؤال. استعانة بالنقد الثقافي   الغذامي علم في النقد علم على المنصات الأدبية والثقافية، إذا تحدث تمنيت أنه لا يصمت وإذا كتب طالبته بالمزيد حتى لو لم تخرج منه إلا بمحصلة قليلة لقدرته على الاستحواذ الكلامي، بيد أنه أحيانا يخلع جلباب الحكمة غير محتم ولائذ بنظرية النسق المعرفي المعين على فهمنا ثم حكمنا على الأمور وينطق بما يقرب من الكفر بالآخرين وتهميشهم، وكأنه ينشق عن نفسه من مثقف أريب بشخصنة القضايا وتحويلها إلى ما يشبه التلاطم بالتهم أو الأحكام المتسرعة على الآخرين. - أنا رجل معيب فيه مثل ما في غيره من عيوب، وكم أعرف عن عيوب لي سترها الله، ولم يعلم بها الناس، وكل ما أقوله هو أنني أعترف بعيوبي واستغفر الله عنها، ولا أدافع عنها، وكما أنتقد النسق فإني أعترف بوجوده عندي، ولا أكابر وأقول إنني الطاهر بين الآثمين والنقي بين الملوثين، ولكنني أقول إنني ابن هذه الثقافة أحمل عيوبها مثلما أحاول تمثل مزاياها، والفرق الذي يميزني هو أنني استعين بالنقد الثقافي للنقد الذاتي أولا ولنقد الثقافة قديمها وحديثها، ولكنني أظل مثل الطبيب الذي يصف العلاج ولكنه هو نفسه لا يسلم من المرض. ما بعد الحداثة   انتقالك إلى مرحلة ما بعد الحداثة، هل يجعلك مقتنعا بما قدمت حتى الآن خاصة أنك تبرأت من كتبك وذكرت أن لا علاقة شخصية تربطك بها؟ - من مقومات نظريات (ما بعد الحداثة) هو قبول كل الهوامش والتعدديات -بما في ذلك سؤال الذات والهوية- ولذا فإن هذه النظريات تعطي قدرة أعلى في التعامل مع كل أنواع الثقافات دون تعال أو إقصاء، والتعالي النظري كان من سمات مرحلة الحداثة، وهذا ما هو مرفوض في نظريات ما بعد الحداثة. أنا أقول أني مفكر حر ومثقف مستقل، وهذا يعنى الاستقلال والتحرر من أية سلطة حتى سلطة الذات وسلطة الرأي، ورأي إذا قلته انتهى أمري معه ولا ألزم نفسي به لأنه رأي حر مستقل وأنا في مقابله حر مستقل، وهو للآخرين تحت شعار: أعرضه ولا أفرضه، وأنا لا أفرضه على الناس، وكذلك فإني لا أفرضه على نفسي.   في ظل اتهامك للحداثة بالرجعية وبطلان مفعوليتها لاقتصارها على الشعر، هل بالفعل نحن نعيش مرحلة ما بعد الحداثة؟ - الكون العالمي كله يعيش مرحلة ما بعد الحداثة اقتصاديا وسياسيا وفلسفيا، ونحن جزء من هذا العالم ولا خيار لأحد في أن يكون غير ذلك، أو لسنا نعيش زمن ثقافة الصورة بكل صيغه وتفاعلاته، أو ليست الأخبار صورة والحرب صورة والزمن صورة -كما هو ملحوظ الآن...؟.   ما هي صفات مرحلة ما بعد الحداثة؟ لعلك تتكرمين عليّ بقراءة الفصل الأول من كتابي «النقد الثقافي» مبحث ما بعد الحداثة، وفيه تفصيل واسع أرجو أن يوضح المسألة. سبب كبير للفرح   ما تقيمك للساحة الأدبية والثقافية الحالية؟ - أجد سببا كبيرا للفرح بوجود ظاهرة النساء الناقدات والروائيات والشاعرات، كما أبتهج بهذا المد الكبير من كتاب الصحف الذين يملكون شجاعة عالية في النقد والمتابعة حتى صرنا نحرص على قراءة بعض الزوايا ونتراسل حولها ونستقبل التنويه بها كل صباح على شاشات جوالاتنا، وهذان مظهران من مظاهر التغير الثقافي في زمن الصورة وفي زمن تعرية الأنساق وكشف القبحيات، كما هي رسالة النقد الثقافي. إزاحة الجماهير للنخبة   ذكرت أن المثقف لم يعد صاحب دور وتأثير، فما تفسيرك للطفرة الحالية للكتاب والمثقفين ممن يتسيدون صفحات المجلات والصحف والمواقع الالكترونية؟ - الذين يتسيدون الصفحات الإلكترونية هم عموم الناس، وهذه جماهير صارت تعبر عن نفسها بحرية فكرية ولغوية واجتماعية، كما أن الرواية هي نمط في السرد، وهو نسق جماهير حكائي، وهذه صور من صيغ ثقافة الصورة وزمان الانفتاح على المهمش والمسكوت عنه، وليس زمن شوقي وأدونيس -كما كنا من قبل- ولكنه زمن الناس الذين تسللوا من الظل إلى وهج النور عبر الإنترنت والسرد والكشف وعدم التحرج وعدم التأنق الأسلوبي مع سقوط سلطة الرقيب وسلطة المثقف المتحكم وسلطة الموظف المقنن. والدور هنا للجماهير العريضة ولم يعد للنخبة -كما هي الدعوى القديمة-. افتقار لسمات الحوار   في زيارتك للأحساء لحضور فعاليات الحوار الوطني ذكرت إننا نفتقر إلى أبسط سمات الحوار والخطاب الثقافي في التعامل ومنها إلقاء السلام. هل هذا مرتبط بموقف خاص بك؟ - عدم إلقاء السلام وقع في القاعة من رجلين تحديدا، أحدهما شيخ واعظ يخرج على الناس بمواعظه، لكنه يبخل بكلمة السلام حتى في رسائل الجوال وفي المقابلة وجها لوجه، وفي يومين كاملين في الأحساء، لم يطرح السلام على عدد منا، ووجهه كان يفيض بالكراهية والتأفف، الثاني كان طالبا عندي في مرحلة الدكتوراه، ثم عمل معي في نفس القسم ولم يطرح علي السلام على مدى عشر سنوات، وإذا قابلني في الممر أشاح بوجهه نحو الجدار، فماذا تقولين لهذين الرجلين، وقد جاءا للأحساء من أجل ماذا؟.. يقولون: للحوار. ما شاء الله على هذا الحوار!. كلنا علماء   ماذا ينقص الناقد العربي والسعودي تحديدا؟ - العلم مثل الهواء، نحتاج فقط إلى فتح أنوفنا لاستنشاقه، وسيدخل فينا ويملؤنا بالأوكسجين والحياة، وكما في الحديث الشريف: كلكم في الجنة إلا من أبى، وقياسا عليه فإننا كلنا علماء إلا من أبى.

أخبار متعلقة