الأمور الكبيرة تطغى على الأمور الصغيرة , والأفكار العظيمة تتناسى الأفكار البسيطة , والمشاريع الضخمة تهمل الجهود المتواضعة هذا ما قد يحدث لدى جهات كثيرة ومنها وزارة الصحة التي تبذل جهودا كثيرة ومهمة على كافة الأصعدة الكبيرة والعظيمة والضخمة فمن الحملات الإعلامية إلى المشاريع الصحية ثم إلى المؤتمرات والندوات وغير ذلك .. ولكن هناك بعض الأمور الصغيرة , والأفكار البسيطة , والجهود المتواضعة تطغى , وتُنسى وتٌهمل..
خلال هذه الفترة تم سحب دواء مهم لمرضى السكر وهو دواء استمر في الصيدليات لعدة سنوات ويقال انه تم تجريبه والبحث عليه لمدة سنوات قبل أن يطرح في الأسواق .. وكان مبرر السحب منطقيا ومهما ومعقولا وهو خطورته في أنه قد تحدث منه مضاعفات وآثار على القلب أو أيا كانت آثاره .. والمشكلة هنا أن سحبه تم بطريقة التعاميم على الشركات التي عممت وأصدرت أوامرها بسحب أو إرجاع كافة منتجات هذا الدواء ومشتقاته فأصبح مستخدم هذا العلاج يفاجأ بسحب هذا الدواء دون معرفة مسبقة أو إعلام إرشادي أو تبليغ عبر وسيلة إعلامية أو منشورات صحية لكافة مستخدميه من مرضى السكر .. وأتساءل ماذا يحصل لمن اشترى عددا من العبوات أو كمية منها ومازال يستخدمها .. وخطورته بانت واتضحت لوزارة الصحة واقتصر تبليغها على الصيدليات فمنع بيع العلاج فيها على أن هناك بعض الصيدليات تبيع بعض ما تبقى لديها من تحت الطاولة .. والصدق أقوله إنها تبيعه بسعره العادي وليست القضية هنا .. ولكن المسألة الخطيرة هي أن تمنع وزارة الصحة دواء وتوجه بسحبه من الصيدليات وهي لم تضع المريض أو المتداوي في حسابها بأن تعمم بسحب العلاج ولم تهتم بإيصال معلومات الخطورة والأضرار للمريض , أو تنبه لضرورة عدم استخدامه ومراجعة الطبيب المختص لاستخدام بديل له إن وجد (من خلال سؤالي فهو لا يوجد بديل مماثل له) .. لأن المريض لا يحتمل المفاجأة أو لنقل الصدمة فهذا سيحمله أكثر من طاقته وسيتعبه ويرهقه في البحث عن بديل وعلاج جديد خصوصا لهؤلاء الذين ارتاحوا وانسجموا مع استخدام هذا الدواء ؟ وماذا سيحدث لو لم يحصلوا على بديل مثالي لهم ؟ وكيف يضبطون نسبة السكر لديهم ..
والحقيقة أن موضوع سحب الأدوية بهذه الطريقة دون توعية مستخدميها أمر يتكرر كثيرا ومازال هناك متضررون بسبب ذلك .. ولو جعلت أو هيأت وزارة الصحة آلية مناسبة للتوعية والإرشاد تتعامل مع مسائل سحب الأدوية الخطيرة أو التي اتضح أنها تسبب مضاعفات وخصوصا تلك التي ليس لها بديل مثالي .. كما تكون الآلية منظمة ومدروسة وفعالة للتعامل مع مشكلات الأدوية وطوارئها ومسائلها فيما يتعلق بالمستفيدين أو المستخدمين لها.
وهناك قضية أخرى حيث مازال كثير من الصيدليات يبيع الأدوية كطريقة بيع الألبان حيث يقدم الأدوية ذات التواريخ القريبة من انتهاء الصلاحية وتأخير الأدوية الجديدة .. وأتعجب أحيانا من وصف بعض الأطباء لمرضاهم دواء لمدة معينة وخصوصا المضادات الحيوية ولكن محتويات الدواء وبالذات من الكبسولات أو الحبوب تكون كميتها أكثر وأطول فالمريض يشتري أكثر من حاجته ليستخدم جزءا من الدواء (إحدى العلب تحتوي على عشرات من الحبوب مع أن الوصفة تضمنت استخدام 12 حبة فقط).. فلماذا لا يكون الدواء في أشرطة مغلفة وتباع بحسب الكمية التي وصفها الطبيب كما هو معمول به في الدول المتقدمة والغنية وحتى بعض الدول المتأخرة والفقيرة ..
مازال بعض المراكز الصحية يتعامل مع صاحب التأمين الصحي تعاملا جشعا فحين يعلم بعض الأطباء أن المريض من أهل التأمين إلا وتجده يصف أغلى وأمثل دواء وأثمن علاج حتى وإن كان الحل والشفاء بإذن الله في أقل مما وصفه خصوصا إن كان الأمر متعلقا بصيدلية المركز .. ومازال بعض الصيدليين يتعاملون مع مرتادي الصيدلية بأسلوب غير واع ولا مسئول حيث يتم تكليف عامل التنظيف والترتيب في الصيدلية وهو ممن ليس له علاقة بالدواء يتم تكليفه بالإتيان بالدواء ومبرر ذلك انه عرف وتعود وتجد الصيدلي يتمطط في القيام والرد ويتأفف من الخدمة على الرغم من تحذيرات وزارة الصحة من ذلك إلا ان البعض لا يبالي خصوصا من قبل المتعاقدين المقيمين ..
ختام القول : إن أمر الأدوية أمر مهم يتطلب الدقة والمتابعة والحزم فلا عبث ولا جدال في صحة الإنسان , ولا مجال ولا مبرر للخطأ فيما لا يمكن الخطأ فيه بسبب الإهمال .. فلعل الوزارة تنظر إلى مسائل الأدوية بعين القريب والقرب وتهتم بحل جميع المشكلات والحالات السلبية المتعلقة بأوضاع الأدوية فكل ذلك دعم لصحة المواطن والمقيم على أرض هذا الوطن .. وكذلك لكي لا تضيع جهود الوزارة الكبيرة في إهمالات صغيرة.
[email protected] 
