DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

هايل الطالب

هايل الطالب.. ما الصلة بين القصة القصيرة جدا والشعر ؟

هايل الطالب
هايل الطالب
أخبار متعلقة
 
كثيراً، ما تُعقَد الصّلة ما بين القصة القصيرة جداً والشعر. برأيك ما هي الاعتبارات الداعية إلى عقد تلك الصّلة؟ وهل هناك مُحدِّد جوهري للتفريق بينهما رفعاً للالتباس؟ فأجابنا الأستاذ بكلية المعلمين بالأحساء الناقد هايل محمد الطالب بـ... مالت القصيدة الحديثة إلى التخلص من الزوائد باعتماد تقنية الاختزال فأصبحت المطولات الشعرية مائلة إلى الانقراض وهذا ما سببه التطور الهائل فانحازت ذائقة المتلقي إلى المختزل والمدهش في كل شيء حتى على صعيد الأغاني السريعة فبات من النادر من يستطيع الاستماع لأغنية مدتها ساعة مثلا، هذا كله أدخلنا في عصر الكبسولات الصغيرة ذات المفعول الكبير ومن هنا برزت قصيدة الومضة والقصة القصيرة جدا وهما يشكلان نموذجين مثاليين للعصر، طبعا إذا نظرنا إلى المسألة بحسن نية وبحس أدبي بعيدا عن التعصب الأجوف الذي تأباه طبيعة الفن، فالفن بطبيعته ولد عاق يأبى التصنيف والتقسيم المدرسي، هذا خلق مشكلة بل إشكالية كبرى بين وجهتي نظر: الأولى تقليدية ترى أن هذين المنتجين قد وجدا خارج بيت الطاعة لذائقة متعودة على ما ألفت وترى كل جنس خارج على ما هو متعارف عليه وفق التعاريف التقليدية للقصة والشعر مارقا وعقوقا وهنا تأتي حجة التداخل بين هذين الجنسين لوضع رأسيهما تحت المقصلة فانعدام المقياس الذين يفصل بينهما يكون سببا لرفضهما معا وتحديد التداخل بين ما عرف بالقصة القصيرة جدا وقصيدة الومضة التي قامت بنيتها على النثر، وثاني الأثافي في أسفين الرفض هو عدم قدرة هذه الذائقة على بناء جدار الفصل النقدي بين هذين الجنسين نتيجة تمردهما في أحيان كثيرة على التراث القصصي والشعري وتخليهما عن استراتيجيات بناء النص المعهودة لصالح بناء استراتيجيات جديدة وحساسية جديدة. ووجهة النظر الثانية حداثوية تبنت هذين النمطين بشدة ونظّرت لهما وأقامت المؤتمرات الأدبية والنقدية وحاولت التأسيس لهما على أنهما أجناس جديدة ولكنها تطرّفت أحيانا في هذا التأسيس فوقعت في ما رفضته من أصحاب النظرة الأولى فأقصت الآخر وباتت تنظر إلى نتاجاته من هذا المقياس الضيق في كثير من الأحيان. طبعا لا يعني هذه الفصل بين هذين الرؤيتين فصلا حادا لا يقبل التداخل ولكن هذا التفصيل بحد ذاته لإثارة الأسئلة والتي غالبها تصب في سؤال كيفية الفصل بين الأجناس؟ وسؤال ثان يتجلى في أن القصة القصيرة جدا والقصيدة الومضة قد أدخلت كل من (هب ودب) إلى دائرة الإبداع استسهالا وحبا بلقب (أديب أو شاعر)؟ أنا أرى أن الحالة الإبداعية بحد ذاتها هي حالة تجريب، وبالتالي فإنني لا أؤيد التطرف في الرفض الآخر من الطرفين السابقين فمن حق المبدع أن يجرب ومن حقه البحث عن خصوصية تميزه وتميز عصره ولولا التجريب الهائل الذين نهجته البشرية لما وصلت لما نراه الآن، أما مسألة الفصل بين الأجناس- اذا كان لابد منها- فهي بحاجة ممن يريدها إلى امتلاك الثقافة الواسعة التي تقوم على رحابة الصدر والاعتراف بحق الآخر في الاختلاف ومن ثمة لا يحق لكل من أمسك القلم وكتب سطرا أن يقبل ويرفض كيفما شاء، ثم أن عصرنا الحالي بكل معطياته المختلفة يتوجه على ما أرى نحو ثقافة النص المفتوح أي تداخل الأجناس وتعدد القراءات وهذا بحد ذاته رؤية جديدة للعالم والحياة تمسي معها تنظيراتنا القائمة على الفصل ساذجة وغير ذات قيمة مع أنني موقن تماما إلى أننا لم نصل إلى ثقافة النص المفتوح بعد، ولذلك كي لا يصاب أنصار الفصل بعسر الهضم من هذا الطرح فإنني أقول إن الفصل بين هذين الجنسين مازال قائما وفق المقاييس المألوفة لكل جنس لأن أغلب كتابهما – وهذا ينطبق على بقية الأجناس- مازالوا في تطور تشكل غير واضح المعالم فكثير من جيل الكتاب الجدد عندنا مازالوا مولعين بما أسميه ثقافة (الموجة) بمعنى كلما طرأ طارئ إبداعي جديد ركبوه وأعجبوا به ببلاهة، طبعا مع استثناء من رحم ربك والمبدع الحق بطبيعة الحال هو استثناء، ومن هنا فإن ما نراه من فوضى أدبية لا يجب النظر إليه على أنه أنفلونزا جديدة يجب أن ترعبنا لأنها في الحقيقة سمة ظهرت في كل العصور ورافقت تطور الأدب وإلا لماذا لا نذكر إلا المتنبي ورفاقه المعروفين وننسى جيوشا من الشعراء كانوا في عصرهم؟ لكن مشكلة عصرنا أنه كشّاف للعيوب فسهولة نشر الكلمة وتوزيعها على الكون كله الذي أصبح مختزلا في كمبيوتر مكتبي يجعلنا نرى السراب محيطا بنا من كل الجهات، باختصار شديد أزمة الأجناس الأدبية في مجتمعاتنا هي أزمة حضارية قطبها الأول تخلف مجتمعي وقطبها الثاني افتقاد المبدع الحقيقي المثقف صاحب الرؤيا والمشروع الفني البعيد عن الموجات والموضات وتلقف رؤى الآخرين، ومن هنا من سذاجة الأطفال أن نقول إننا متطورون شعريا وقصصيا، ومتخلفون تكنولوجيا لأن بناء العقل واحد، والتطور كل لا يتجزأ ومن هنا لا أرى أن ولعنا بالفصل بين الأجناس الأدبية التي أشرت إليها وجعلنا منها حربنا الضروس هو أس المشكلة لأنه في حد ذاته حسب رأيي لا قيمة له لذلك لابد من العمل على بنية العقل العربي وخلق آليات تفكير حضارية هي ستكون كفيلة بخلق المناخ لولادات المبدعين الحقيقيين الذين ينتجون إبداعا حقيقيا وهنا لب المشكلة ولكن السؤال الصعب هل سنبقى متفائلين؟