في الوقت الذي يتهرب فيه العالم للأسف، من مسؤوليته الأخلاقية، تجاه كوارث فيضانات باكستان المؤلمة، نجد أن اليد السعودية سبّاقة ـ كعادتها دائماً ـ بالخير، وتعمل دائماً وفق ما تعلمته من دينها وتقاليدها، بضرورة الوقوف بجانب الأشقاء، والعمل على مساعدتهم ومساندتهم في أوقات الشدة والمحن.
ها هو فارس الإسلام عبد الله بن عبد العزيز، يدشن حملة شعبية للتضامن مع الأشقاء والأخوة في الدين، وفي البشرية، لمسح العناء عن وجوه ذاقت معنى التشريد والبؤس والفقر والضياع.
وها هو الشعب السعودي كله، يهب مع قائده، لنجدة الأخوة في باكستان، كل يتبرع بما يقدر عليه، وبما تجود به نفسه، تماماً مثلما فعل في حملات سابقة لنجدة وإغاثة الأشقاء في فلسطين واليمن، وكما وقف هذا الشعب أيضاً نفس الوقفة الإنسانية متضامنا مع شعوب أخرى في العالم، عانت الأمرين في كوارث طبيعية مماثلة، من تسونامي إلى إعاصير الهند، إلى مآسي فنزويلا قبل سنوات، إلى ما حدث في الولايات المتحدة ودول أوروبية مختلفة.
العالم الذي تهرّب، ووقف متفرجاً على ما يحدث في باكستان، يثير موقفاً مخزياً، وربما كانت تلك الدعوات الغربية ـ للأسف ـ على عدم المساعدة أو النجدة، تجعلنا نتشكك حقيقة في مضمون ما يثيره البعض عن مفاهيم الإنسانية والأخوة البشرية، ذلك أن هؤلاء الذين يتفرجون بداعي «أن باكستان كانت حاضنة للإرهاب» يناقضون أنفسهم بشدة، حينما لا يعرفون أنه لا أحد يشجع على الإرهاب، وأن باكستان عانت من الإرهاب الذي كان الغرب أول من شجعه في حربه العقائدية ضد ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي، ولم يعرف بعض هذا الغرب، إنه عندما كان يبتسم فرحاً وهو يشعل النار، أن شررها سيتطاير ليلاحقه ويكويه هو الآخر.
كنا نتمنى أن نجد العالم الجديد، الذي بشر به آباء محاربة الإرهاب أنفسهم، سيكون على الأقل أكثر إنسانية، ولا يتفرج على طفل يغرق في فيضان قاتل، أو امرأة تلفظ أنفاسها في سيول لا ترحم، أو شيخ عجوز يحاول النجاة بما يملك يلفظ أنفاسه على طريق مليئة بالوحل!
كنا نتمنى أن نسمع صوت هؤلاء الذين صدعونا بقيم الأخلاق، والشراكة الإنسانية، وعلى الأقل يتعاطفون مع هكذا مصائب، إنما أن يتفرجوا ويشمتوا، فهذا انحدار أخلاقي لا يليق بمن يعتبرون أنفسهم من البشر!