DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

رواية أدبية لأميرة المضحي

رواية أدبية لأميرة المضحي

رواية أدبية لأميرة المضحي
أخبار متعلقة
 
يعتبر فن كتابة الرواية الأدبية في الأدب العربي، من الفنون الحديثة التي أدخلها أدباء المهجر بادئ ذي بدء في أدبياتهم، ثم ما لبثت أن انتشرت، وليس من السهولة بمكان كتابة رواية أدبية تحل كل صفات الرواية الناجحة، فالرواية ــ خصوصاً الطويلة منها ــ تحتاج إلى نفس روائي صافٍ، يضع شخصيات الرواية منذ بداية الرواية في مواضعها، يراعي الفوارق الدقيقة بين هذه الشخصيات، يدمج الشخصيات بالمحيط الزمني والمكاني، يدير الأحداث والصراعات بينها، حتى يصل بها للقمة أو الحبكة. فالروائي الناجح لا يحتاج إلى شخصيات وأحداث حقيقية ليصنع منها شخصياته وأحداثه، بل هو من يصنع الشخصيات ويحييها بالأحداث، ويصل بها للقمة في صراعاتها، ضمن إطار روائي أدبي من الطراز الرفيع، هذا ما لقيته في روائية «الملعونة» التي كتبتها، رغم أن الأحداث والشخصيات ــ كما تبين لي ــ مستمدة من الواقع الذي عاشته الرواية، إلا إنني أرى أن الكاتبة أجادت إجادة كاملة في إدارة روايتها بشكل كبير، طبعت الرواية ثلاث طبعات في الأعوام 2007م، و 2008 م، و 2010 م، و»الملعونة «هي الرواية الثانية في مسيرة أميرة المضحي السردية، التي صدرت عن دار الكفاح للنشر والتوزيع، ووقعت في مئتين وتسع وسبعين صفحة من القطع المتوسط. تدور أحداث الرواية في مدينة القطيف التي حضرت بشوارعها وعائلاتها وعاداتهم في الزواج، ووجدنا هواجسهم وبعضا من معتقداتهم الدينية وأفكارهم وبرغم انفتاحهم التعليمي والثقافي إلا أنهم يحملون ازدواجية ما. تبدأ الرواية بحدث استراق «عماد الغانم « السمع لحديث أخته الهاتفي مع إحدى صديقاتها فيجد نفسه مشدوداً لهذا الصوت، كما أن مسار حياته الرتيب جعله يتعلق بها ويجاهد لكشف هويتها فتكون صاحبة الصوت الرقيق هي « كاميليا» إحدى صديقات أخته، وتنتهي الرواية بهروبها ــ أي كاميليا ــ معه بعد علاقة استمرت أربع سنوات واتسمت هذه العلاقات بالسرية ومرت بالكثير من الأزمات والعقبات والتقلبات . استخدمت المضحي في كتابة رواية تقنية أسلوب السرد الروائي للراوي الذي يعلم بكل ما حدث وبكل مجريات الأحداث والتفاصيل وكينونة الشخصيات الرئيسة وسواها، وجاء ذلك مبرراً لما كتبته الروائية في بداية روايتها حيث أنها عبرت بوضوح بأنها تتلبس دور الراوي العليم وهي تكتب هذه الحكاية لأنها تعرف البطلة «كاميليا» التي ائتمنتها على أسرارها، والتي قررت الكاتبة إفشاءها على شكل كتاب احتارت بعنونته حكاية أم رواية أم حدوته ولكن كلمة رواية جاءت على غلاف العمل. ذكرت الكاتبة في روايتها في الصفحة السابعة ما محتواه:»( ماذا ستكون ردة فعلها عندما تعرف بأنها أصبحت شخصية رئيسة في كتابي، وأن كل ما أعرفه عنها وما أخبرتني إياه أصبح على الورق، وسيكون بين أيدي الناس، والكل سيعرف بالسر الذي حرصت على إخفائه) كما أن الكاتبة لا ترى أن السرية التي التزمتها « كاميليا» في إخفاء علاقتها بعماد ذات معنى بعدما حدث ما حدث، فلم تعد للسرية أي أهمية بعد تلك الأحداث. شخصية «عماد»الذي يهيمن صوته على بقية الأصوات تكفلت بصياغة أحداث السرد، مع وجود ملامح أخرى من سرد مشهدي حواري، فهو صاحب شخصية غامضة ومتكتمة، يرفض الانتماء الفكري لمنطقته «القطيف» و يصر على أنه صاحب ثقافة خاصة لا تنتمي لمكان محدد. وعلى سبيل المثال هو يرفض الزواج التقليدي (نحن على أبواب الألفين وليس من المعقول أن أذهب لخطبة فتاة كما خطب جدي جدتي) و»عماد» يمثل الأنموذج المنفرد للسمو والنبل، فهو الشاب المتزن البرجوازي المنتمي لطبقة اجتماعية راقية تظهر في كلامه مثلما كان يفتخر بأنه يستمع لفيروز لأنها مطربة النخبة، ولهذا وجدنا مقاطع لأغنيات السيدة فيروز ترافقه في كل حالاته، وطريق الحب الذي سلكه بعقباته المتمحورة حول حبيبته «كاميليا» وتتمحور حولها فصول النص بالمناصفة، وكانت سبباً رئيساً في صياغة كل ذلك الحشد الهائل من الحب والعواطف والأحاسيس والغزل. من الطبيعي أن النص الذي يحمل ثراءً لغوياً و فنياً وسردياً لا تكفيه استعراض العضلات اللغوية بدون وجود همّ ما أو قضية أو رؤية يريد الكاتب إيصالها للقراء، فالعمل الروائي الجيد يجب أن يكون صاحب شكل ومضمون باعتبار أن الأدب مرآة عاكسة للمجتمعات. وهنا وجدنا الكاتبة تحاول إيصال هموم بنات جنسها وقضاياهن، فعلى سبيل المثال وجدنا «كاميليا» تنادي باحترام المرأة وإعطائها حقوقها في العمل والزواج والتعبير عن الرأي، وهي بنفسها تخوض تجربة عاطفية صعبة لتثبت ولتؤكد بأن لها حقاً تناساه الناس، وهي وغيرها تطالب به وهو حق اختيار شريك الحياة ومعرفته جيداً، فها نحن نجد «كاميليا» الشابة المعتدة بنفسها والتي تريد انتزاع حقها بمعرفة شريك حياتها، وجدت نفسها تخوض علاقة كانت مستعدة للوصول إلى غايتها ولتحقيق ذاتها بأي ثمن حيث تقول على لسانها:» لا تهمني القطيف وهل كتب الله علي أن أتزوج برجل لا أعرفه ومغطى بملابسه ومظهره الكاذب الذي يخفي سيئاته وعيوبه» ــ حسب رأيها. * اسم الرواية : الملعونة. * اسم المؤلف : أميرة بنت حبيب المضحي . * الناشر : دار الكفاح للنشر والتوزيع.