DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الدكتور أسعد عبدالرحمن 

الدكتور أسعد عبدالرحمن 

الدكتور أسعد عبدالرحمن 
أخبار متعلقة
 
قبل نحو ثلاثة أشهر، بدا وكأن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد «خضع» لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو!! لكن إعلان وزارة الداخلية الإسرائيلية (أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي) عزمها بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية قد قلب الطاولة، وهو ما عكسته طريقة استقبال الرئيس الأميركي لضيفه نتنياهو في واشنطن. ورغم استمرار الأخير على مواقفه المتطرفة المانعة للتسوية، حرص اوباما وإدارته على استمرار طرح المواقف الواضحة تجاه رفض إسرائيل التجاوب مع الطلب الأميركي بخصوص المستوطنات، مع تأكيد تأييدها لحل الدولتين، في ظل استمرار الجهد الأقصى الأمريكي لتفعيل التسوية. هذا كله، جعل نتنياهو يلجأ إلى اللوبي اليهودي إيباك (لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية) حيث أكد في كلمته الأخيرة أمام ذلك اللوبي رفضه وقف الاستيطان في القدس المحتلة، معتبرا أن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل وليست مستوطنة، وذلك بعد ساعات من تحذير وزيرة الخارجية (هيلاري كلينتون) من انعكاسات الاستيطان على مصالح تل أبيب وواشنطن معا. لقد وقف المحللون كثيرا أمام مواقف أوباما الأخيرة، متسائلين من أين جاءته هذه الجرأة خاصة مع اجتماع «إيباك» الذي حضره آلاف اليهود والصهاينة مع ما يقارب 300 عضو كونغرس. ولم ينتقص من جدية هذا التساؤل حقيقة منظمة «جي ستريت» المنافسة والمعاكسة لـ «ايباك» كون «إعلان المبادئ» الخاص بمنظمة «جي ستريت» يؤيد إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ضمن تسوية متفاوض بشأنها تقوم على حل الدولتين انطلاقا من حدود 1967 على أن تكون القدس عاصمة مشتركة لكلتا الدولتين، علاوة على دعوتها للحوار - وإن عبر وسطاء - مع حركة حماس. وطبعا، لا يزال جناح «ايباك» – اللوبي اليهودي الأعمى بتأييده المطلق لإسرائيل – هو الأقوى وعلى نحو بارز من جناح اللوبي اليهودي «غير الأعمى» ولا نقول «المبصر»! وفي جميع الأحوال، لا يستقر القرار النهائي لأي إدارة أميركية عند إرادة اللوبي اليهودي وحده. الآن، إن كان تصلب نتنياهو ليس جديدا، فإن الجديد هو إصرار إدارة أوباما على حل الصراع العربي - الإسرائيلي كبؤرة للتوتر تحول دون الاستقرار في عموم المنطقة، ودون تحقيق سياسة أوباما بفتح صفحة جديدة مع العالمين العربي والإسلامي، خاصة بعد التأييد الذي حصل عليه من عدد من القادة في مجالات عسكرية اميركية (ومن أبرزهم وزير الدفاع روبرت غيتس، الجنرال جيمس جونز، الادميرال مايك مولين، والجنرال ديفيد باتريوس). بل ان الجنرال الأخير رئيس القيادة الأميركية الوسطى قد شهد أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الاميركي موضحا أن «استمرار الصراع العربي - الإسرائيلي يغذي جذوة مشاعر العداء للولايات المتحدة في المنطقة، بسبب محاباة واشنطن ومساندتها لإسرائيل، مما يعرض حياة الأميركيين للخطر». وهو الأمر الذي أكده قادة سياسيون وإعلاميون بارزون آخرون على نحو لا سابق له. من جهتها، ترى إسرائيل ان المشكلة تكمن في فريق البيت الابيض. لذلك، نجدها تلجأ لما يمكن تسميته باللوبي الصهيوني غير اليهودي ممثلا أساسا بالعناصر القوية المؤيدة لها في الكونغرس عملا بمبدأ (الصديق وقت الضيق) للسيطرة على ادارة أوباما. وفي الوقت الذي وصف فيه هذا الأخير الصراع العربي «الفلسطيني» الإسرائيلي بأنه «عقبة كبرى» في طريق المصالح الأميركية، قالت رابطة «مكافحة التشهير» – الصهيونية المنشأ والموقف ـ ان اوباما نفسه «يفكر بشكل خطير»!! ومع انضمام «المؤتمر اليهودي العالمي» لموقف «الرابطة»، حث الجانبان أوباما على «عدم إلقاء اللائمة على اسرائيل في الانتكاسات الامريكية بأماكن أخرى». على صعيد مقابل، يقول شموئيل روزنر في مقال بعنوان «من هو المؤيد لاسرائيل؟»: «لقد وافق داني ايالون نائب وزير الخارجية على لقاء اعضاء من الكونغرس ولكن دون مرافقيهم من منظمة جي ستريت. فوزارة الخارجية تعتقد بان عناقا اسرائيليا لـ (جي ستريت) مشروط بتفاهمات مسبقة مع المنظمة على قواعد لعب تحدد انتقادها لاسرائيل ونشاطها دون تجاوز (خطوط حمراء)». بالمقابل، يقول يوسي بيلين في مقال بعنوان «أزمة مع الولايات المتحدة وتنفس الصعداء في الايباك»: «ازدحم جمهور بلغ نحو 10 آلاف شخص لاستماع البث المكرور : القدس عاصمة اسرائيل وأننا اصدقاء جيدون للولايات المتحدة برغم جميع خلافات الرأي. تكريم كبير، واحتضان كثير، ولا نهاية للتصفيق مع الوقوف. سنة بعد أخرى يعدون (أعضاء مجلس) الشيوخ الذين يأتون (أتى 60 هذا الاسبوع) وأعضاء مجلس النواب (لا يمكن العد)، ويطلقون تنفسا الصعداء : ما تزال الايباك على قيد الحياة. كل ذلك – برغم الأزمة والكلمات الشديدة التي قيلت في واشنطن وفي القدس، وبرغم كلام الجنرال بتريوس، وبرغم جي ستريت، التي تعرض بديلا ليبراليا معتدلا من سياسة الايباك اليمينية المحافظة، وبرغم النقد الذي يزداد للمنظمة. (ايباك) اليوم تواجه موجات انتقاد داخل الجماعة اليهودية الامريكية وخارجها». من جانبها، كتبت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية (وغيرها من صحف عالمية بارزة) تقول إن (آيباك) حركت مناصريها في الكونغرس للضغط على البيت الأبيض بهدف دفع الإدارة الأميركية والرئيس أوباما إلى تخفيف حدة مواقفهم من سياسات «الاستيطان». وقد استهدف هذا اللوبي اليهودي من هذه التحركات خلق انطباع عند الرأي العام الأميركي أن موقف الادارة الأمريكية من بناء المستوطنات في القدس لا يحظى بموافقة الكونغرس وأن العديد من المسؤولين الأميركيين يشاطرون الحكومة الإسرائيلية الرأي بخصوص بناء المزيد من المستوطنات. إن ظهور منظمة (جي ستريت) انعكاس للتناقض الاميركي - اليهودي مع السياسات التي تتبعها إسرائيل التي لم تدرك تغير المناخ في واشنطن، حيث وصف نتنياهو المنظمة بأنها مناهضة لاسرائيل، على عكس لجنة (إيباك) (واللوبي الصهيوني غير اليهودي في مجلسي الكونغرس الأميركي) حيث يمثل هذان الأخيران اللوبي الأعمى لإسرائيل، في حين تمثل (جي ستريت) اللوبي اليهودي غير الأعمى. ومع ما يبدو من تأييد «اللوبي العسكري» الأميركي (وهو أقوى «اللوبيات» دون أي منازع) لسياسة قيادته السياسية الراهنة، وفي ظل هذا التباين/ الشرخ في بنيان الأقلية اليهودية المؤثرة في الولايات المتحدة، هل ينجح الرئيس اوباما – حتى في ظل غياب النظامين الرسمي العربي والمسلم - في تحقيق رؤيته؟.  القدس المقدسية