جسور المحبة والأخوة التي تجمع منذ عشرات السنين بين شعبي المملكة العربية السعودية وشقيقتها مملكة البحرين كانت ولاتزال هي الرابط الحقيقي لتعميق العلاقات وزيادة الأواصر التي أرسى دعائمها قادة المملكتين , ولا يعتبر جسر الملك فهد الذي تم إنشاؤه قبل 24 عاما إلا وليدة لجسور المحبة والأخوة التي جمعت بين الشعبين , فقد أصبح هذا الجسر العملاق معلما بارزا وفريدة من فرائد العالم المطلة على الخليج العربي فلا غرابة إذا تصدرت منشأة جسر الملك فهد قوائم التميز متقدمة على أكبر منشآت الدول العالمية بعد أن عمل مؤسسوها على جعلها الأفضل والأجدر بالصدارة مسخرين لها المال وجهود الرجال التي لاتقدر بثمن فالهدف أسمى من ذلك , الهدف تحقيق المزيد من أواصر التلاحم والترابط التي بدأها الآباء والأجداد رغبة في التأكيد على مقولة « خليجنا واحد وشعبنا واحد» .
ويعد جسر الملك فهد الأطول في الشرق الأوسط حيث بلغت تكلفته 3 مليارات ريال، ويربط بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين فيما تم افتتاحه رسمياً في 25 نوفمبر 1986 مسهما في تحقيق العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للبلدين الشقيقين ودول مجلس التعاون الخليجي , كما يعتبر أحد أهم الإنجازات الحضارية على الصعيد المعماري في العصر الحديث واستغرقت الدراسات اللازمة له 25عاماً وتم تنفيذه خلال 52 شهراً.
وبدأت فكرة إنشاء جسر الملك فهد في عام 1385هـ الموافق 1965م أثناء زيارة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة للمملكة من أجل السلام على جلالة الملك فيصل (رحمه الله) حيث عبّر جلالته عن رغبته في بناء هذا الجسر.
وفي عام 1387هـ الموافق 1968م، تم تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين لدراسة إمكانية تنفيذ المشروع وقد قامت اللجنة بدراسة ميدانية لتقدير حجم الالتزامات المالية كما طلبت اللجنة المشتركة من البنك الدولي المساهمة في اختيار أفضل السبل لتنفيذ مثل هذا المشروع الكبير المتشعب الجوانب البيئية والجغرافية.
وفي صيف عام 1392هـ الموافق 1973م عقد في جدة اجتماع ضم جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز وصاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (رحمهما الله) وصاحب السمو آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، وفي هذا الاجتماع طلب المغفور له (بإذن الله) جلالة الملك فيصل أن تتجاوز اللجنة في دراستها النواحي الاقتصادية والمالية، واعتبار مشروع بناء الجسر من المشروعات ذات الطابع القومي.
وفي أواخر عام 1395هـ الموافق 1975م قدّم البنك الدولي دراسته ومشورته بعد أن استعان بالخبرات العالمية المتخصصة في دراسة العوامل الجغرافية والبيئية والتيارات البحرية.
وفي ربيع عام 1396هـ الموافق 1976م وخلال زيارة المغفور له (بإذن الله) جلالة الملك خالد بن عبد العزيز لأخيه المغفور له (بإذن الله) سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين اتفق العاهلان الكبيران على تشكيل لجنة وزارية من البلدين للعمل على تنفيذ المشروع.
في السابع من رمضان 1401هـ الموافق 8/7/1981م قام معالي محمد أبا الخيل وزير المالية والاقتصاد الوطني بالمملكة العربية السعودية آنذاك وسعادة الأستاذ يوسف أحمد الشيراوي وزير التنمية الصناعية بدولة البحرين آنذاك بالتوقيع على اتفاقية إنشاء الجسر البحري بين البلدين.
إزاحة الستار
في 25 محرم عام 1403هـ الموافق 11/11/1982م تفضل الملك فهد بن عبد العزيز وصاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة - رحمهما الله - بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية في حفل رسمي حضره قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إيذاناً ببدء العمل بالمشروع. في يوم الخميس 21 رجب 1405هـ الموافق 11 أبريل 1985م قام صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس وزراء البحرين بالضغط على الزر لوضع آخر قطعة من الجسور الصندوقية والتي بعدها اتصل البر السعودي بجزيرة البحرين.
ووضعت آخر قطعة من الجسور الصندوقية بتاريخ 21/7/1405هـ الموافق 11/4/1985م. وفي يوم الأربعاء 24 من شهر ربيع الأول لعام 1407هـ الموافق 26/11/1986م تم افتتاح الجسر بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية وصاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين - رحمهما الله - .
