توقّع عاملون في القطاع الصناعي أن يشهد القطاع تطوّرا كبيراً في المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة، لاسيما بعد تشبّع المجالات الاقتصادية الأخرى، كالعقارات وأسواق المال، وتعلم المستثمرين من درس الأزمة المالية العالمية .. ومن المتوقع أن تشهد الصناعات الخليجية نسبة نمو سنوية تقدر بـ10 بالمائة حتى 2020، أي بأكثر من ضعف المعدل الدولي العام.
ويعتقد خبراء في القطاع أن الصناعة ستصبح القاطرة التي تقود الاقتصاديات الخليجية في المستقبل، وعلى رأسها البتروكيماويات والأسمنت والصناعات المعدنية، لاسيما الألمنيوم، في حين ستستحوذ الصناعات الغذائية على الحصة الأكبر، باعتبار أن القطاع هو السبيل الأمثل لتنويع مصادر الدخل بدلا من الاعتماد على سلعة واحدة قابلة للنضوب (النفط)، فهو قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتالي تقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، مما يعني توطين الأموال والاحتفاظ بالعملة الصعبة.
على الرغم من أن الأزمة المالية ألحقت بالاقتصاديات المتقدمة أضراراً بالغة، وتسببت في خفض الطلب العالمي على منتجات الخليج الصناعية، مما أدى إلى تراجع الإيرادات والعوائد والأرباح للشركات، إلا أنه يبقى للمشروعات الكبرى أهمية لمستقبل المنطقة كونها أساس التنمية المستدامة والمتجددة.
ويؤكد العاملون في القطاع الصناعي أنه سوف يسهم بنحو10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون، كأحد أهم القطاعات القادرة على تحقيق التنويع الاقتصادي، وبحجم استثمارات بلغت حتى نهاية 2008 نحو 147 مليار دولار، قياسا بـ 118 مليارًا في 2006.
ويتوقع أن تتجاوز الاستثمارات الصناعية الخليجية حاجز التريليون دولار بحلول 2020 شريطة استمرار النمو بنفس الوتيرة المتوقّعة، في وقت يعتقد أن صناعة البتروكيماويات الخليجية ستغطي 40 بالمائة من الطلب العالمي.
وتشير البيانات إلى أن عدد المصانع في منطقة الخليج يبلغ حاليا 12 ألفاً و22 مصنعا باستثمارات قدرها 8 .146 مليار دولار، تشغل 7 .972 ألف موظف وعامل.
وتتصدر المملكة العربية السعودية القطاع الصناعي الخليجي بنحو 4441 مصنعا بحجم استثمار يبلغ 8 .91 مليار دولار تليها الإمارات بـ4291 مصنعًا وباستثمار 15 مليار دولار، ثم سلطنة عُمان بـ1013 مصنعا بواقع 9 .7 مليار دولار، فالكويت 869 مصنعا بـ10 مليارات دولار، ثم البحرين بـ800 مصنع باستثمار يصل إلى 6 .8 مليار دولار، وأخيرا قطر بـ558 مصنعًا بقيمة 13 مليار دولار.
وعلى المستوى القطاعي تأتي مصانع المواد الغذائية والمشروبات والتبغ في المقدمة بواقع 1529 مصنعًا، معظمها في السعودية التي تضم 666 مصنعًا، ثم الإمارات 393 مصنعًا، فسلطنة عُمان 212 مصنعًا، ونحو 118 مصنعًا في البحرين و80 مصنعًا في الكويت و60 في قطر.
وتسعى دول المجلس إلى رفع إسهام القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي وهو ما يتسق مع الدعوة إلى تنويع أكبر في القاعدة الاقتصادية، وأن هذا النوع من التحدي لا تستطيع مواجهته المنظمات الاستشارية وحدها، بل يتطلب مستثمرين قادرين على خوض هذا المضمار، وبنوك تنمية قادرة على تقديم عروضها التمويلية وغيرها من الآليات الداعمة من قبل الحكومات.
وأحدث مبادرات دول الخليج كان البرنامج الجديد الذي أطلقته حكومة دبي والهادف إلى تعزيز قطاعها الصناعي، وتكثيف التسهيلات، واستقطاب مزيد من المستثمرين الأجانب إلى اقتصادها، في خطوة جديدة للحد من آثار الأزمة المالية العالمية.
وبرنامج “دبي للمناولة والشراكة الصناعية” هو خلاصة مشاركة بين حكومة دبي ومنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وهو الأول من نوعه على المستوى الخليجي.
ويهدف البرنامج الجديد إلى إنشاء قاعدة بيانات تضم كافة الشركات الصناعية العاملة في دولة الإمارات لإتاحة مجال التواصل فيما بينها بصورة سريعة، وتعزيز الشراكة والتكامل بين المنتجين، وبين كل من المقاول الرئيس والمقاول الفرعي .. وتعتزم حكومة دبي توفير حوافز كثيرة للقطاع الصناعي في المستقبل القريب، وهي حوافز ستقدم بناء على الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها القطاع الصناعي في اقتصاد دبي خصوصاً، واقتصاد دولة الإمارات بشكل عام.
ومن المتوقع أن يستحوذ القطاع الصناعي على ما بين 20 إلى 22 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لإمارة دبي، ارتفاعًا من 17 بالمائة من إجمالي الناتج العام الماضي.