التصريح الخطير الذي اعترف فيه أحد مديري جامعاتنا السعودية، من أننا «لا نزال نحبو في مجال البحث العلمي» يشير إلى همٍّ عربي مزمن، لا نختص به وحدنا، لكننا مع كل إمكانياتنا العملية والعلمية والمادية، لا نختلف كثيراً عن دول أخرى عربية أو غير عربية. جزء من مشكلتنا الرئيسية في العالم الثالث، أننا ننظر للتعليم الجامعي على أنه شهادة، وليس إضافة مجتمعية أو علمية، صحيح أنه من المعيب جداً، وربما غير المقبول إطلاقاً، أن نجد في بلدنا من يصرخ لأنه لم يجد فرصة مقعد جامعي رغم جامعاتنا الـ25، ومعيب جداً أن يلجأ أحد أبنائنا إلى البحث عن فرصة جامعية في دولة أخرى، بعد أن لفظته جامعات بلاده، لكن المشكلة الأخطر تتجاوز مجرد المقعد الجامعي، ومجرد الخريج الجامعي.. إنها مشكلة البحث العلمي، الذي يؤمن لأي أمة مقارعة العصر، وتفتح نوافذ الهواء الطلق لكل العقول والقدرات، لتبني جيلاً بحثياً يخدم بلاده وأمته ووطنه. ولأن الأخطر، هو عدم الاكتراث بالبحث العلمي، وبإنشاء هذه القاعدة التي تعمل من أجلها جميع الشعوب والدول المتحضرة، لذا كان جرس الإنذار الذي قرعه المصري أحمد زويل الفائز بجائزة نوبل محذرا العرب من أن لديهم فضائيات تفوق عدد المراكز البحثية، إضافة لتفشي حالتي «الفهلوة» وعدم الأمانة العلمية.. منددا بمحاولات تسييس العقل العربي لا «تعليمه» أي أن الأمر باختصار يحول العرب إلى واحدٍ من اثنين: إمّا إلى واجهة من الصراخ والزعيق بفعل التسييس الذي طال أيضاً كرة القدم، وقدّم من يجيدون اللعب بأرجلهم ليصبحوا سفراء للنوايا الحسنة أو للإنسانية، على من لا يملكون سوى عقولٍ تبحث عن مختبر علمي، أما الثانية، فهي تشطير الشخصية العربية وتمحورها خلف فضائيات لم تعد تقدم سوى نماذج «نور ولميس» ورقصات الفيديو كليب، ومسابقات وهمية مقرونة بشرائط دعاية لاستنزاف جيوب المجانين. إسرائيل، عدونا اللدود، والتي لا تزيد عن 4 ملايين مستوطن، تنفق على البحث العلمي أكثر ما تنفقه الدول العربية مجتمعة؟ إسرائيل، التي تحاول الترويج للشرق الأوسط الجديد، لم تجد لبعث هذا الحلم سوى معادلتها الشهيرة: المال الخليجي، القوة البشرية المصرية، ثم العقل اليهودي.. الذي يضمن لها هذا الأخير التفوق على رأس المال وعلى الأيدي العاملة..! هل قلنا شيئاً مفيداً؟ هل فهم أحدكم شيئاً؟ نأمل أن تصل الرسالة.