بالأمس أول فبراير، وفي صمتٍ تام، مرّ يوم المرأة العربية، كأي حدثٍ هامشي، لم نقرأ عنه في صحفنا المتعددة، ولم نسمع به رغم فضائياتنا التي تتلوى بما «هبّ ودب» من الاحتفاليات العشوائية، والأغاني والنشرات. كثيراً ما نتشدق بأن المرأة مصونة الكرامة والمرأة متمتّعة بمنزلتها كإنسان ومواطنة كاملة الحقوق، وكثيراً ما نغدق في الأوصاف ونستدعي قيم ديننا الحنيف، في تكريم المرأة، وأن الإسلام قد كرّم المرأة، وأنقذها من الوأد في الجاهلية، ورغم أن هذا صحيح كله، إلا أن ممارساتنا وسلوكياتنا الذكورية للأسف لا تزال تنظر بعنصرية وفوقية وشوفينية هي الأقسى والأكثر تناقضاً ما بين الفكر والسلوك. كلنا نتحدث عن المكانة الأساسيّة للمرأة ونرغي ونزبد عن دورها الفاعل في تحقيق استقرار الأسرة والمجتمع، وكأننا ـ نحن الذكور ـ نمنّ على المرأة بأننا قد وهبناها مالا تستحق، ونتكرّم عليها بجعلها تعمل، متناسين القدر الكبير من الظلم الاجتماعي الذي أوقعناه على المرأة، ومتجاهلين أنها عقليا وفكرياً وثقافياً ربما تفوق العديد من الرجال. لو عدنا بذاكرتنا للوراء قليلاً، لأدركنا كم من الوقت استغرق تغيير طبيعة الفكر العربي ليستوعب أن له شريكاً في الوطن، وشريكاً في الأسرة، وشريكاً في صناعة المستقبل، كم من الجهد استغرق ليقتنع بعضنا بأن المرأة ليست مجرد شريكة متعة، أو مجرد «مفرخة» تنتج الأطفال، إنما بالإمكان أن تصبح عالمة وطبيبة ومعلمة وممرضة، ومثقفة، ومفكّرة، وقبل هذا وبعده.. هي إنسانة تستحق الحياة بكرامة دون خوف، ودون أن ينظر إليها بعضنا على أنها مجرد «خطيئة تمشي على قدمين».. كما حاول أن يجعل منها بعضنا للأسف.. «فزّاعة» تنقض الوضوء! معظمنا بطبيعة فكرنا التقليدي السائد، يتعامل مع المرأة، وكأنها كائن مجرّد، متناسياً أنها الأم، والأخت، والابنة، والزوجة، نجتر فقط ما رسخته الصورة النمطية دون أن نغوص لدلالات كسر احتكار الرجال في مقالة عمر بن الخطاب الخالدة :»أصابت امرأة وأخطأ عمر» ليعيد التوازن إلينا بعد 1400 عام. من الأخلاقي جداً أن نعيد الاعتبار للمرأة إذا كنا مسلمين حقاً، وإذا كان الله عز وجل، ترك لنا خياراتنا في العقيدة {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} إلا أن بعض رجالنا حرموها حتى من اختيار شريك الحياة، ونصّبوا أنفسهم قضاة وجلادين.. يزوّجونها من شاءوا، ويفرقون بينها وبين من شاءوا.. لا كما تشاء هي. لا يكفي أن نعتبر أن المرأة جوهرة مصونة ودرة مكنونة، لكن علينا أن نقدم الدليل على ذلك، بأن نحترمها على الأقل؟