DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

د.خالد بن سعود الحليبي

د.خالد بن سعود الحليبي

د.خالد بن سعود الحليبي
أخبار متعلقة
 
تخطو المؤسسات الاجتماعية في بلادنا خطوات متسارعة ؛ لتحاول ملاحقة أو مواكبة التغيير المجتمعي الجارف، الذي لا يلوي على شيء، ولا ينتظر أحدا، ولا يصغي للوم، ولا ينصاع لنصح، ولا يخضع لقواعد، ولا يهتم بنظم، فهو كالمد الهائج، يأتي بزبده كما يأتي بسمكه، يطوف بكل قلب، فإذا وجد لديه بعض الاستعداد هزه، وكسر مغاليقه، ودلف أو دخل أو هجم، فالأمور لديه سيان. وإذا كانت المرأة نصف المجتمع، وهي التي تلد وتربي النصف الآخر، فمن الجدير بها، بل من الواجب عليها أن يكون لها دور كبير في التعامل الأمثل مع هذه المتغيرات، وغيابها عن المؤسسة الاجتماعية غياب غير سائغ، بأية حجة كانت. إن المؤسسات الاجتماعية تخاطب جميع فئات المجتمع، والمرأة أبرز الفئات التي يمكن أن تنهض بمهمة الحفاظ على الهوية فيه، لكونها المؤثر الأقوى في التنشئة الإنسانية، والنشأة هي المسؤولة عن نوع المستقبل ـ بإذن الله تعالى ـ لكل إنسان؛ لأن من شب على شيء شاب عليه، والنظريات النفسية الحديثة تؤكد ذلك. لقد كانت المرأة المدخل الخفي للتغيير المقصود لبعض المجتمعات المسلمة، حتى استطاع المتخللون أن يحدثوا بركانا فيها، عصف ببناءات الحجاب، والتكوين الأسري، والتميز الأنثوي، وخلط الأوراق كما خلط الجنسين في مقاعد الدرس، ومكاتب العمل، فدفعت تلك المجتمعات ثمنا باهظا جدا لتقبلها ذلك، ثم بدأت تتراجع شيئا فشيئا، بادئة بعودة الحجاب. وإذا كانت يد التغيير قد امتدت إلينا، فحري بنا أن نتعرف على السبل الكفيلة بالإفادة من محاسنه بالأخذ بها بشجاعة، والتعامل مع متشابهه بالعلم، والدراسات الدقيقة قبل أن ننغمس فيه، ورفض الرديء منه؛ الذي يكشف نتنه قبحه، وهو ما يعرضه عدد من الشاشات والمواقع على أنه تطور. ونلاحظ أن أكثر عناصر التغيير التي تبث موجهة للمرأة، ولاسيما الفتيات، أو للأطفال، وإن كان الرجال لم ينجوا كذلك من مواد ذكية للغاية توجهت للعقول الراكدة، التي لم تحصن بالعلم والمعرفة الكافية، فأرسلت إليها شهب الشبهات، وللقلوب البعيدة عن كتاب ربها فألقت فيها جمر الشهوات. وإذا كان الأكثر تعرضا لقبول التغيير الاجتماعي الفتاة والطفل، فإن المرأة أدرى بالمرأة، وهي التي تربي الطفل، ولذلك وجب عليها ألا تدع الرجال ـ وحدهم ـ يقومون بمهمة التحصين والبناء وحدهم. وإذا تغلغلت المرأة في الشأن الاجتماعي كسبت كثيرا جدا من المهارات القيادية، والفنية، وازداد وعيها بما يقدم من زاد لبنات جنسها، الذي لا يخلو بعضه من غش مقصود، وخطوات موجهة لتتخلى عن أصولها الدينية والاجتماعية، وهويتها الخاصة. إن المرأة تتمتع بصفات قد لا يطيقها الرجل، ومن أبرزها الصبر، فهي أجلد من الرجل في تحمل العمل، وهي أعلم بأحاسيس مثيلاتها، وقد مرت بالمرحلة التي أصبح لها بها اهتمام بعد أن تجاوزتها، وهي التي تستطيع التداخل والمواجهة والمخالطة بهن. كل ذلك يحتم عليها أن تقوم بدور في مجتمعها، يوازي دورها في بيتها، ولا يخل به، وهنا أؤكد أن إيماني بقيمة أخذ المرأة بزمام العمل الاجتماعي النسوي والطفولي، لا يعني تشجيعها على ترك بيتها، بل هو الأولى بها، ولكن المرأة القوية الفكر، الماهرة في إدارة وقتها سوف تجد وقتا كافيا لهذا وذاك. وإن النساء غير المرتبطات بأي عمل أو زوج، مدعوات أكثر من غيرهن أن يمارسن هذا العمل، فالفراغ مغبته وخيمة على النفس قبل أن يكون على غيرها، وهن يمتلكن طاقات هائلة، فمن الظلم لها أن تنزوي في غرفتها تلوك همومها، فيم يبقى المجتمع في أمس الحاجة إليها. ولعل مما يمكن أن تمارسه المرأة في المجتمع، افتتاح جمعيات نسائية، ومراكز لتنمية الطفل، والتدرب على الإلقاء، وتدريب فتيات الأسر المحتاجة على مهنة يمكن من خلالها أن يغتنين، والقيام بمشروعات متنوعة للفتيات للاستفادة من أوقاتهن، وحفظ حياتهن فيما يعود عليهن بالنفع العاجل من بناء الروح والعقل والجسد، وآجلا مما يؤهلهن للزواج والتربية، ونحو ذلك مما تستطيع المرأة أن تفتق أكمامه أكثر من رجل مثلي .