أكد ســـماحة مفــــتي عام المـــــملكة رئيس هيئة كبار الــــعلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، أن أعداء الامة اليوم هم اعداؤها بالأمس وإن تنوعت الأساليب واختلفت على حسب اختلاف الأزمان والأحوال. واستهجن سماحته ما تطرحه فضائيات تلفزيونية من سب ما يسمونه الوهابية وتلفيق التهم والاباطيل مدعين الكذب، إذ أن محمد بن عبدالوهاب لم يدع الى مذهبه ونسبه وإنما دعا الى الله والى توحيده وإخلاص الدين له، وقال سماحته فى خطبة عرفات التى ألقاها قبل صلاة الظهر والعصر جمعا وقصرا فى مسجد نمرة أمس بحضور جموع من حجاج بيت الله الحرام يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، «إن الامة الإسلامية مازالت تعاني في عصورها المتأخرة من بعض التحديات العظيمة والخطيرة ومنها الانحراف العقدي وهم الذين استبدلوا العقيدة الصحيحة بمبادئ كفرية ومناهج منحرفة مما أثر على العقيدة الصحيحة ولذلك فالاهتمام بالعقيدة الصحيحة من أجل المهمات وأعظم والواجبات».
واستعرض سماحته تحديا اخر يواجه الأمة وهو التشكيك برسول الله صلى الله عليه وسلم والقدح فيه وفي سنته مبينا أن محبة رسول الله شرط من شروط الإيمان وواجب الامة الدفاع عن رسول الله وسنته ودفع كل الشبه بالحق المبين وان تطبيق المسلمين للسنة في أقوالهم واعمالهم هو دليل على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تقوى الله
وخاطب سماحته معشر المسلمين فى الخطبة التى استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر. ودعا الناس إلى تقوى الله في السر والعلن وتوحيده وإقامة أركانه والتمسك بنهج الله القويم واتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم فى جميع أعمالهم وأقوالهم.. قائلا «يا من فتح الله قلوبكم لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم يا من جعلكم الله شهداء على الناس، حجاج بيت الله الحرام يا من استجبتم لنداء الله وقدمتم من كل فج عميق إلى هذا البيت العتيق يا معشر المسلمين يا من ينتظرون العيد السعيد أوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي وصية الله من فوق سبع سماوات للأولين والآخرين «ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله» وهي وصية محمد صلى الله عليه وسلم.. تقوى الله خير واق عن المعاصي ورادع عن الآثام، تقوى الله خير واعظ للعبد في حله وترحاله وسؤدده وغيبته.. فاتق الله في ليلك ونهارك وسرك وجهارك اتق الله في كل أحوالك اتق الله في تعاملك مع ربك.. لتكن التقوى سياجا منيعا يحول بينك وبين معاصي الله كلما عظمت التقوى في القلب كثرت الطاعات وقلت المعاصي».
وبين أنه بالتقوى يكون المرء عضوا صالحا في الأمة ولبنة صالحة في بناء المجتمع وتحترم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وتبتعد عن ظلم العباد وتعطي الحقوق لأهلها التزاما بقوله صلى الله عليه وسلم «اتق الله حيثما كنت».
دعوة الرسل
وقال سماحته «إن الله خلق الثقلين الجن والإنس لعبادته ولأجل هذه الغاية خلق الله آدم فكان آدم خليفة في الأرض وأول نبي لبنيه فعاشوا قرونا على التوحيد يدينون بعبادة الله وحده لا شريك له ثم تمكن الشيطان بين بني آدم فانتشر الشرك في الأرض وعبد غير الله وانحرف الناس عن دينهم فأرسل الله الرسل عبر القرون متعاقبين متواترين مبشرين ومنذرين أنزل عليهم الكتب وأيدهم بالمعجزات ليهدوا الناس إلى الطريق المستقيم لينقذوا الناس من وساوس الشيطان وضلالاته».
ولفت النظر إلى ما واجهه الرسل من قومهم من صنوف الأذى والاتهامات والتكذيب والسخرية والدسائس والمؤامرات، مشيرا إلى أنه مع هذه المعارضات فإن الله ناصر رسله ومؤيدهم وأذاق المكذبين العذاب الأليم.
وبين كيف أن مبعث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم جاء تتويجا لدعوة الرسل الكرام أن جعله خاتم الأنبياء وأفضلهم مستعرضا حال الناس عند مبعثه عليه السلام إذ بعثه الله للناس في أمس الحاجة إليه وهم في تقاتل وتناحر واختلاف.. لا رابط بينهم.. فلا عقيدة تحميهم ولا شريعة تهديهم يعيشون في الضلال والهوان وقد تنوعت ضلالاتهم.. فأهل الكتاب حرفوا كتبهم ونسبوا الصاحبة والولد ونسوا تعاليم أنبيائهم والعرب الجاهليون انحرفوا عن ملة الخليل عليه السلام وعبدوا الأوثان واستباحوا الفواحش والوثنية ضاربة في أطنابها في انحاء المعمورة.
نصر الإسلام
وأضاف سماحة المفتي «وسط هذا بعث الله سيد الأولين والآخرين محمدا عليه الصلاة والسلام ليخرج الناس من الظلمات إلى النور, فهو دعوة إبراهيم وبشرى عيسى, وقد واجه صلى الله عليه وسلم من التحديات ما واجه الأنبياء ذلك أن أهل الكفر والباطل يتواصون بإيذاء الرسل». وبين أنه رغم كل العقبات والصعوبات التي واجهت دعوة الإسلام إلا أن الله جل وعلا نصر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا، ولم ينتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا وقد أكمل الله به الدين وأتم به النعمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده الا هالك.
وأشار إلى أن المسلمين واجهوا بعد موته صلى الله عليه وسلم تحديا كبيرا بارتداد كثير من العرب عن الإسلام إلا أن الله عز وجل قيض للأمة من امتلأ قلبه بالإيمان والإسلام فقاتل المرتدين حتى عادوا للإسلام الحق.
قناعة بالدين
وبين سماحته أن الدعوة إلى الله استمرت بعد ذلك في مشارق الأرض ومغاربها ودخل الناس في دين الله افواجا وعن قناعة بهذا الدين وأخلاقه وحلت الحضارة الإسلامية بقوتها وصلابتها مكان الحضارات الأخرى واستوعب الناس هذا الدين على مختلف أجناسهم ولغاتهم وثقافتهم. واستدرك سماحته قائلا «ولكن الأمة تواجه في مختلف مراحل تاريخها أعداء ومؤامرات وتحديات من أعدائها أو من بعض أصحاب الضلال، ولكن دين الله الحق رغم كل ما يواجه ينتصر بفضل الله على الضلال ويعود بقوة وينتشر في الارض لأنه دين الله الحق والفطرة التي فطر الله الناس عليها».
أعداء الامة
وأِشار سماحة المفتي العام رئيس هيئة كبار العلماء إلى أن أعداء الامة اليوم هم اعداؤها بالأمس وإن تنوعت الأساليب واختلفت على حسب اختلاف الأزمان والأحوال. وقال «إن الامة الإسلامية ما زالت تعاني في عصورها المتأخرة من بعض التحديات العظيمة والخطيرة ومنها الانحراف العقدي وهم الذين استبدلوا العقيدة الصحيحة بمبادئ كفرية ومناهج منحرفة مما أثر على العقيدة الصحيحة ولذلك فالاهتمام بالعقيدة الصحيحة من أجل المهمات وأعظم الواجبات». واستعرض سماحته تحديا اخر يواجه الأمة وهو التشكيك برسول الله صلى الله عليه وسلم والقدح فيه وفي سنته مبينا أن محبة رسول الله شرط من شروط الإيمان وواجب الامة الدفاع عن رسول الله وسنته ودفع كل الشبه بالحق المبين وان تطبيق المسلمين للسنة في أقوالهم واعمالهم هو دليل على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إيقاظ الفتنة
ولفت سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والافتاء إلى جوانب من التحديات التي يواجهها المسلمون ومنها ما يقوم به بعض المحسوبين على الاسلام بايقاظ الفتنة والحرب والتقاتل بين الاشقاء وتغذية السفهاء الذين غرروا بهم وخدعوهم تحت قضايا مزعومة ارادوا بها ضرب الأمة في صميمها وتشتيت شملها وتفريق كلمتها واستعداء الاعداء عليها.
وقال سماحته «إن من عظيم جهل أولئك وضلالهم عزمهم على تسييس الحج والاضرار بأمنه وإحداث الفوضى والشغب ولكن يأبى الله عليهم ذلك والمؤمنون، فالبلد الأمين في أيدٍ أمينة قوية لا تسمح لا لمفسد او مغرض أن يدنس هذا البلد الأمين أو يخل بأمنه أو ان يقلل من شأنه وتظل بالمرصاد لكل عدو عابث، والحمد لله رب العالمين على فضله وكرمه».
انتشار السحرة
وبين أن من التحديات التي تواجه أمة الإسلام أيضا انتشار السحرة والمشعوذين الذين لا خير فيهم الذين يزعمون علاج الامراض والإخبار بالمغيبات إلى غير ذلك من ضلالاتهم وهم ليسوا أصحاب علم شرعي أو أطباء مختصين أصحاب أبحاث علمية.. ولكن الدجل طريقهم وغايتهم محذرا منهم وداعيا لمحاربتهم بكل الطرق وشتى الوسائل.
كما بين سماحته أن من التحديات العظيمة التي تواجه المسلمين في العالم اليوم انتشار المعاصي في العالم الاسلامي وكثرة الجهل بالأمور الشرعية مما أدى إلى التباس الأمور بين كثير من الناس بين الحلال والحرام، مبينا أن صمام الأمان هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من خصائص هذه الأمة.
خطر الارهاب
ونبه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إلى ما تواجهه الأمة من عصابات إجرامية دولية لا ضمير لها، هدفها محاربة الشعوب والأمم واستنزاف طاقة الشباب مستشهدا بعدد الجرائم المرتكبة والأعراض المنتهكة والأموال المسلوبة والبيوت المدمرة التي تسببوا فيها.. داعيا جميع المسلمين والعالم إلى تضافر الجهود والعمل على استئصال هذا الداء العضال.
وقال «الارهاب من أخطر التحديات التي تواجه الأمة حيث عانا منه المسلمون والعالم كله فهو يستهدف المنشآت والنفوس البريئة بغير حق.. إنها مشكلة عالمية إذ يوجد في العالم صور مختلفة منه، يستغله بعض الناس ويفسرونه على هواهم، فإن رأوا تحقيق مصالحهم أمدوه بطريقة مباشرة وإن رأوا فيه عكس ذلك حاربوه.. إن العالم يشكو من العمليات الانتحارية والتفجيرات الإجرامية التي جلبت على العالم الإسلامي البلاء والمصائب, إن هذه العمليات الانتحارية في بلاد المسلمين بلاء يستهدف الرجال والنساء والأطفال، يدمر المنشآت ويفرق المجتمع فاحذروا عباد الله أن تكونوا سببا لهدم بلادكم بأيديكم وأن تكونوا سلاحا في أيدي أعدائكم.. احقنوا دماءكم وحلوا مشاكلكم فيما بينكم، واحرصوا على الوحدة والتماسك».
تحريف النصوص
وأبرز سماحته ضمن التحديات التي تواجهها الأمة، تحريف معاني ونصوص الكتاب والسنة من أعداء الأمة الذين لجأوا إلى ذلك بعد عجزهم عن تحريف ألفاظه، وقال «لقد سعوا إلى تحريف معانيها تحت اسم قراءة جديدة اغتراراً وانخداعاً بالحضارة الغربية ليلفقوا بينها وبين الاسلام وذلك عن هوى وجهل بقواعد الشرع بعيدا عن مضامينه الصحيحة وفهم السلف الصالح لها» مؤكداً أن المستقبل للأمة الاسلامية ما دامت متمسكة بالكتاب والسنة بعون الله. وقال «إن الأمة تمرض ولكنها لا تموت، هي خالدة بخلود كتابها ورسالتها باقية ما بقيت السماء دائمة ما دام الكتاب يتلى، إن كثيرا من النظم قد سقطت وبعض المناهج البشرية قد أفلست والعالم يتطلع إلى منقذ ولا منقذ إلا الاسلام.. إن هذا الدين أمانة في أعناق الأمة كلفهم الله إياها بعد أن عجزت عن حملها السماوات والارض والجبال وهي الفاصلة بين الإيمان والكفر فمن أخذها كان ممن تاب الله عليه ومن ضيعها من الكفار والمنافقين استحق العذاب الأليم».
وأكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والافتاء عظم الأمانة الملقاة على رجال الأمة مبينا أن للأمانة ميادين فاسحة ومجالات واسعة تتعلق بحق الله وحق العباد وتتعلق بالمصالح العليا للأمة. وقال «إن أعظم أمانة كلمة «لا إله إلا الله» أصل الاسلام وأساسه بأن تعرف معناها وأن توحد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وتخلص لله رجاءك وخوفك وذبحك ونذرك وأن تؤمن بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتصدقها وتطيعه فيما أمر وتجتنب ما نهاك عنه, وأن تؤدي أركان الاسلام من الصلاة والصيام والزكاة والحج كاملة الأركان والواجبات وبقية أوامر الشرع في الأحوال المدنية والجنايات والحدود كلها، أمانة يجب أن تستجيب لها ولا تخل بشيء منها وتعلم أن هذه الأوامر لمصلحة العباد».
التشكيك بالحجاب
وشدد سماحة المفتي العام على ضرورة أن يلتزم المسلمون ببقية أوامر الشرع من الأحوال الشخصية والجنايات والحدود فهي أمانة يجب الامتثال لها وعدم الإخلال بشيء منها مؤكدا أن على المسلم أن يدرك أن الأوامر الشرعية هل لمصلحة العباد في عاجلهم وآجلهم وما النواهي التي نهى الله عنها من السحر والزنى والربا وقتل النفس وغير ذلك من المحرمات إلا أمور يجب الابتعاد عنها وتركها طاعة لله ولأن في تركها مصلحة للعباد. وأوصى سماحته بالتزام أداء الفرائض وتجنب المحظورات فهي تكاليف شرعية ملزم بها كل مسلم فهو ليس حرا يفعل ما يشاء منبها مما يدعيه عباد الضلال بأن الإنسان حر يفعل ما يشاء فيقضي رغباته وشهواته دون دين أو شرع أو عرف.. واصفا سماحته ذلك بأنه أمر عظيم وفيه دعوة للتمرد على الله وطمس لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن ذلك التشكيك في الحجاب.
رجال أقوياء
وألمح سماحته إلى أن هناك أمانة خاصة يحملها الأقوياء من الرجال الذين يخططون لمصالح الأمة العليا ولمشاريعها الكبرى.. فأولا الأمانة الملقاة على رجال السياسة الذي سبروا الاحوال وأدركوا الكثير من حقائق الأمور وما يراد للأمة، عليهم ان يضعوا للأمة سياسة عادلة صالحة في الحاضر والآجل وان يكفوها شر المتربصين بها من عدائها والمتخاذلين معهم وأن يحرصوا على سياسة حكيمة تبعد الأمة عن التهور والصراعات السياسية والسياسة الطائشة وأن يعلموا أنها أمانة وأن من أراد الدين بسوء فلا بد ان يخذله الله فليضعوا سياسة تؤيد الشرع وتحفظ الأمة من الانزلاق، سياسة تعالج قضايا الأمة، مرنة في أمورها تتمشى مع ما فيه منفعة الأمة في الحاضرة والمستقبل.
قواعد علمية
ودعا سماحة المفتي العام رجال الاقتصاد إلى التحرر من التبعية الاقتصادية وأن يوجدوا أصولا للاقتصاد الاسلامي مبتعدين عن المحرمات وأن يوجدوا سوقا إسلاميا لتبادل السلع بين المسلمين لتحمي مجتمع المسلمين، مبينا ان ذلك أمانة على رجال الاقتصاد المسلمين لافتا إلى ما يسمع من الانهيارات الاقتصادية وإفلاس بعض الشركات تصديقا لقول الله تعالى «يمحق الله الربا ويربي الصدقات». ودعا رجال الصناعة في الأمة الإسلامية إلى إيجاد قواعد علمية لصناعة دولية متقدمة تستعين بالخبرات والأبحاث لتخليص الأمة من الكسل والخمول وتستعين بالعقول والأيدي العاملة والطاقات الموجودة لتخليص الأمة من أن تكون عالة على غيرها بأمرين أولهما: ألا تكون اتكالية على غيرها، وثانيهما: ألا تكون أسواقها لترويج سلع الآخرين الذين يستبيحون نهب ثرواتها مؤكدا ان على المسلمين ان يأخذوا ويعطوا، فكما يستوردون يجب ان يصدروا حتى يكونوا متوازنين بين الأخذ والعطاء.
إعلام إسلامي
وأبرز سماحة الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ عظم الأمانة الملقاة على رجال الأمن في المحافظة على الأمة في كل المستويات وفي كل المجالات، لا سيما الفكري والعقدي بالمحافظة على المسلمات والثوابت من الانحلال والتميع والأخذ على أيدي المستفزين والمجرمين. كما أبرز الأمانة الملقاة على إعلام الأمة في ايجاد إعلام إسلامي بعيد عن الفحش ونشر الرذائل وعن التهويل والإثارة وعن تضليل الرأي العام وقال «ليعلموا أن الأمة تعاني من تدفق إعلامي في مجالاته الصحفية والفضائية والالكترونية، وان هذا الانفتاح الكبير يوجب على الأمة العمل للمحافظة على الشباب من هذه الضلالات تحت دعوى الحرية والتقدم والانفتاح والترفيه» مبينا سماحته أن «الكثير من هذه القنوات تحمل أفكارا ضالة وآراء منحرفة وأفلاما ومناظر فاسدة مما يوجب على رجال الإعلام ومؤسساته التعاون لصد هذه الأخطار وإيجاد ميثاق شرف يحمي الأعراض والعقول من هذه الضلالات وان يكون الإعلام خادماً لقضايا الأمة مدافعاً عنها، يعالج كل شيء ويقارع الحجة بالحجة».
وأوضح سماحة مفتي عام المملكة أن الأمانة الملقاة على رجال الثقافة تتمثل في أن يحافظوا على ثقافة الأمة المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مشيرا الى ان السنة وتراثها الاصيل بتميزها الإسلامي يحمى الشباب من تلوث أفكاره بالدعايات المضللة.. وقال «على المسئولين عن مسائل اجتماع الأمة ان يحرصوا على المحافظة على الأسرة وانتظامها والبعد عن ما يشتتها ويضعف كيانها وان ينموا في الأمة روح التعاون والتعاطف والتراحم في الأمة، وان تكون هذه العلاقة الاجتماعية إسلامية بعيدة عن التأثر بالقبلية أو الجنس أو اللون أو الفارق المادي».
وأوصى الدعاة إلى الله «أن يخلصوا لله في دعوتهم وان يهتموا بالعقيدة أولا وقبل كل شيء وان يغوصوا في مشاكل الأمة ليوجدوا الحلول لها وان يهتموا في تغيير الأخطاء والمنكرات بالتدرج وان ينوعوا الأساليب بخطاب أو حوار أو نحو ذلك، وان يعلموا أن الدعوة إلى الله شرف وفضيلة وليست تجمعاً حزبياً ضيقاً ولا منظومة أفكار عوجاء ولكنها إيصال كلمة الحق الى النفوس». وأكد مسئولية «المفتين» وأمانة هذه المسؤولية وأن تكون الفتاوى صادرة عن ما في الكتاب والسنة مبينا أن عليهم أن يتقوا الله ويعلموا أنهم موقعون عن رب العالمين، محذرا من القول على الله بغير علم.
وتطرق سماحة المفتي لأمانة أخرى هي أمانة ملقاة على عاتق المخططين للبيئة هى أن يحرصوا على المحافظة على البيئة وسلامتها من التلوث والنظافة الشرعية وسلامة الأبدان من الأمراض والأوبئة وإيجاد المراكز الوقائية لدفع المضار عن الأمة وبذل السبب النافع في ذلك.
وخلص إلى أن تلك الأمانات - كلا في مجاله - مع اختلافها والمسئولين عنها مع اختلاف منازلهم يجب ان يعلموا انها أمانات وليست غنائم، وإنها تكليف وتشريف، وعبادة وليست سيادة.
وقال «مما يؤسف له أن بعضا من أبناء المسلمين خططوا لشعوبهم ما ألحق الضرر بها فجعلوا المصالح الشخصية فوق وحدة الأمة وجعلوا الخلافات الشخصية فوق اجتماع الكلمة، وما أحوج الأمة إلى تراص الصفوف واجتماع الكلمة».
مناهج أصيلة
واستعرض سماحة مفتي عام المملكة في خطبة عرفة الأمانة الملقاة على رجال التربية والتعليم، ودعاهم الى تقوى الله عز وجل وان يضعوا مناهج أصيلة تقوي انتماء الأمة بدينها وتربيهم على الأخلاق والشيم النبيلة وتبعدهم عن الأخلاق الرذيلة وتشعر كل فرد منهم بأنه عضو في أمته يجب أن يسعى في إصلاحها. وقال «يجب العمل على تربية الابناء على الإيمان والعلوم النافعة لتأخذ الأمة مكانتها في الاقتصاد والسياسة والإعلام وكل ما تحتاج الأمة إليه».
وأشار سماحته الى أن البعض من أبناء المسلمين خططوا للتعليم في بلادهم ما فصل الحاضر عن الماضي فأصبح الحاضر غير مرتبط بماضيه المجيد ولا يعلم شيئاً عنه مما يفقد الثقة بالأمة.
سلامة واستقرار
ودعا سماحته الامة الاسلامية عامة الى تقوى الله في دينهم والمحافظة عليه والتمسك بالشريعة الاسلامية. كما دعا قادة الامة الاسلامية الى تقوى الله في الشعوب وتطبيق شريعة الله عز وجل لكي ينعموا بالسلامة والاستقرار. ووجه سماحة المفتي خطابه إلى شباب الإسلام قائلا لهم «عليكم إنقاذ الأمة من ضلالتها واجتناب الشعارات الزائفة والالتزام بشعار الإسلام محذرا إياهم من مكائد الأعداء واتباع الدعوات المضللة والشهوات».
وخاطب سماحة الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ رجال الأعمال والأموال قائلا لهم «اتقوا الله فيما استخلفكم فيه من الأموال وجنبوها المكاسب الخبيثة وكونوا مثالا للتاجر الصادق الأمين الذي لا يخدع أمته ولا يدلس عليهم ولا يأكل أموالهم بالباطل، ووظفوا أموالكم فيما يعود على الأمة بالخير وإياكم ونشر الفساد والباطل وان تكون أموالكم سلاحاً بأيدي أعدائكم، احرصوا على تنمية الأصول الشرعية فيما ينفع الأمة في الحاضر والمستقبل». ودعا قادة العالم إلى قراءة منصفة للإسلام الذي هو دين الأنبياء كلهم منذ نوح عليه السلام إلى عيسى بن مريم الى محمد صلى الله عليه وسلم.. وإلى التفكر في هذا الدين الذي لا يقبل الله من احد ديناً سواه.
العدالة والضمير
كما وجه سماحته خطابه الى رجال الفكر مطالبا إياهم بالسعي والعمل على نصرة المظلوم ورد المظالم وإعطاء كل ذي حق حقه. وتطرق سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ إلى الحال في فلسطين حيث يعاني أهلها من حصار شديد وارهاب لم يشهد العالم له نظيرا، متسائلا أين العدالة وحقوق الانسان وأين الضمير أمام هذه الاشياء.. ووصفها بأنها مصيبة عظيمة.
وطالب سماحته المفكرين والحكماء بالمسارعة إلى إنقاذ العالم من المعضلات والازمات الاقتصادية والسياسية التي يتعرض لها وقال «إن كثيراً من الأمور لا تنفق على سباق التسلح فلو انفقت على إغاثة المنكوبين وشد عزيمة الدول النامية لكي تعيش في أمن وايمان لكان خيراً كثيراً».
أباطيل كاذبة
ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى شكر الله على نعمته أن بلغهم الوصول إلى البيت الحرام والمشاعر المقدسة وأعانهم على أداء نسكهم وذلل أمامهم الصعاب وسهل الامور ونصحهم بالتعاون على البر والتقوى، والالتزام بأدب البيت الحرام وحرمته ومكانته إضافة إلى الانظمة التي وضعت لأجل منفعة الجميع وتطبيقها. وقال سماحته «أيها المسلمون من خلال الاعتراف بالفضل لأهله فإن الله جل وعلى تفضل على هذه البلاد بقادة مخلصين ودعاة مصلحين شرفهم الله بخدمة بيته الحرام ورعايته فقاموا بخدمته خير قيام من توسعة للحرمين وإعانة للمسلمين وتيسير أمر الحجيج يبتغون بذلك وجه الله فجزاهم الله عما فعلوا خيراً وامدهم بعونه وتأييده». وحمد الله تعالى الذي حفظ للأمة بقاء دينها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لافتا إلى أنه ما خلا قرن من القرون إلا وفيه داع إلى الله يجدد للأمة ويعيدها الى رشدها، لكن منهم من وفق بناصر ومؤيد ومنهم من ليس كذلك، ومن الرجال المصلحين الذين دعوا الى الله ودينه شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب الذي خرج في منتصف القرن الثاني عشر فدعا الى الله وتوحيده وإخلاص الدين له سبحانه، فناصره الإمام محمد بن سعود رحمه الله، وتعاضد الإمامان الكريمان على هذا الدين ونصرته الى ان وفق الله الجميع ففتح الله على قلوبهم، ونصرهما ونصر بهما الدين وأعادا الأمة إلى صحيح الإسلام. واستهجن سماحته ما تطرحه فضائيات تلفزيونية من سب ما يسمونه الوهابية وتلفيق التهم والاباطيل مدعين الكذب، إذ إن محمد بن عبدالوهاب لم يدع الى مذهبه ونسبه وإنما دعا الى الله والى توحيده وإخلاص الدين له.
فضل عرفه
وأوصى سماحة المفتي العام جميع المسلمين بإخلاص التوحيد لله في أعمالهم مبينا أن الله لا يقبل عملا إلا اذا كان خالصاً له وصواباً على كتابه وسنة رسوله. وقال «أيها الناس تفكروا في أعمالكم وتدبروا رحيلكم من هذه الدنيا فأمامكم الموت وسكرته والقبر وظلمته والحساب وشدته، والملاك وسؤاله وروعته، إن القبر أول منازل الآخرة فإن الميت يكشف له عند موته حاله، فالمؤمنون (تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة)». وأضاف «القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، فاستعدوا لهذه المواقف العظيمة وأمامكم الحساب والوقوف بين يدي الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، تدنو الشمس من العباد حتى تكون على مقدار ميل منهم وتصهرهم الشمس ويلجمهم العرق على اختلاف مراحلهم منهم إلى كعبيه وإلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً.. تذكروا تطاير الصحف وميزان الاعمال، تذكروا العبور على الصراط، تذكروا يوم يقال لاهل الجنة خلود فلا موت، ولاهل النار خلود فلا موت، تذكروا تلك المواقف عسى ان تعود علينا بالخير في أمور ديننا ودنيانا». وأبان سماحته لحجاج بيت الله الحرام فضل يوم عرفة وقال «إنه أفضل أيام الله، ما من يوم أكثر منه يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو الى سماء الدنيا عشية هذا اليوم فيباهي بأهل الارض أهل السماء فيقول «انظروا الى عبادي أتوني شعثاً غبراً، استشهدكم أني قد غفرت لهم» هذا اليوم ما يرى الشيطان في يوم هو أحقر ولا أصغر ولا أدحر مما هو في يوم عرفة، وإن أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قال نبينا وقال قبله النبيون يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير». ودعا سماحته والمصلون معه الله تعالى رافعين أكف الضراعة له سبحانه يسألونه المغفرة. ودعا الله ان يتقبل الحج من الحجاج وان يغفر ذنوبهم ويجزيهم خير الجزاء وان يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لكل خير ويحفظه بحفظه وان يكون له عونا ونصيرا وأن يشد أزره بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ويلبسه الصحة والعافية وان يوفق النائب الثاني لكل خير ويعينه على مهمته في ملاحقة المجرمين والمفسدين والمتسللين والضالين والغاوين. وسأل الله تعالى التوفيق والعون للقائمين على الحج في كل شؤونه وأن ييسر لضيوف الرحمن اداء مناسكهم ويعيدهم لأهلهم سالمين غانمين.