DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

وغاب فارس الرومانس !!

وغاب فارس الرومانس !!

وغاب فارس الرومانس !!
وغاب فارس الرومانس !!
أخبار متعلقة
 
لا تقاس الرجال إلا بحجم أفعالها ومكانتها التي ترسمها في حياتها، لا تقاس الرجال إلا بما تقدمه للمجتمع من عطاء لا ينتهي إلا بانتهاء العمر، لا تقاس الرجال إلا بارتفاع هاماتها للأعلى ليشير الناس لهم بالبنان أن هؤلاء هم مثلنا الذين نطمح أن نختط خطهم ونرتشف من ينبوع معارفهم. ارتفعت فوق الرجال، وتربعت في العلياء، ووصلت للقمة، وقدمت عطاء وعطاء لم ينته حتى مع خروجك من هذه الدنيا، عطاء تمثل في متون من الأدب أضفتها إلى المكتبة العربية، هي مزيج من الفكر والعلم والمعرفة قدمتها للناس، حتى أكاد أشك أنك غبت عن هذه الدنيا، لا لعدم تسليمي بإرادة الله، كلا بل لأنك جوهرة في عقد الأدباء الذين ساهموا في تقدم الأدب العربي وتشكيله، فلله درك من رجل ما أكبرك أيها الجفري، ولله درك من فارس للرومانسية ما أروعك، رحلت فزادك رحليك عزة ، فمثلك لا مكان له سوى الثريا وإن توسد الثرى.. وها هي مسيرتك اليوم تسطر على القرطاس، كي يرى الناس كيف أصبحت فارس الرومانسية، وكيف اعتليت صهوة المجد، وكيف سطرت بمدادك تلك الأحرف الذهبية، أحرف سطرتها كي ترسم لنا صوراً شاعرية؛ لتنقلنا من ضنك الحياة وصعوبتها لمباهجها وملذاتها. بين يدينا يطل بنا على صور حياة هذا الرجل المحبوب، المحبوب من قبل أهله وأصدقائه والمسؤولين، أعد هذا الكتاب وجمعه كل من محمد بن إسماعيل جوهرجي ووجدي بن عبد الله الجفري، وقدم له صاحب العلم الواسع الدكتور محمد بن عبده يماني، وقع هذا الكتاب في سبع مئة وخمس وثلاثين صفحة من القطع المتوسط، سلط فيه معداه الضوء على زوايا عدة من حياة الجفري ــ عليه رحمة الله ــ كما جمعا فيه الموضوعات والقصائد التي نشرت في الصحف والمجلات. يقول الدكتور محمد بن عبده يماني في مقدمته للكتاب: «لقد تألمنا وذرفنا الدمع ونحن نودع الحبيب الراحل إلى مثواه الأخير بجوار جدته الحبيبة في مقابر المعلاة... كان الأدب يجري في عروق الصديق الراحل مجرى الدم من الإنسان، فقد كان أديباً في منطقه، أديباً في خلقه، أديباً في حديثه، أديباً في كل ما كتب من روايات ومقالات، كانت كل تصرفاته تنم عن أصله الكريم... كان الأستاذ حبيباً للنفس حبيباً إلى القلب، كل ما فيه حبيب وكل ما فيه أديب، ولكنه صاحب قلم صلب لم ينكسر ولم يحن رأسه أبداً حتى عندما عدت عليه عاديات الزمان ظل شامخاً... فقد بدأ بنفسه فأدبها، ثم بأسرته فعلمها وحن عليهم جميعاً وأدبهم بنين وبنات وكانت لهم صولات حب في نفسه وإن تربعت زين في بعض الأحيان أو برز وجدي في أحيان أخرى ولكن الجميع ذاقوا حلاوة الأبوة فأدبهم وأحسن تأديبهم». ويقول عنه ابنه وجدي: «أراد منا أن نذكره حتى في موته، فقد مات في أيام لن تنسى، ولما علم بذلك فظل يكرر (العيد موعدنا) مات ناشر الحب والفرح في موسم الفرح، مات في أيام تلقي الجوائز، ربما أراد أن يحتفل بفرحه الذي ظل يزرعه بين الناس مع خالقه، وخالق كل الناس، كبير في تفكيره، وكبير في أخلاقه، وكبير بقلبه الذي لا يعرف الكره، لا يتقن الأساليب الرخيصة، أو الغش والخداع والمراوغة والتلون، يرسب دائماً في اختبار الحقد والكره، هو شجرة عظيمة طرحت في مفاهيم الناس الحب، والعطاء، والتضحية، والاحتراق في سبيل إضاءة الدروب، أعطى من عصارة فكره الكثير، ذاب قلبه تفطراً لبكاء الأطفال، وتشمع كبده بهموم الناس ومتاعبهم، لك الله يا أبي فكم أنت عظيم». ثم يورد الكتاب مقتطفات من سيرة الراحل ــ نور الله قبره ــ في صور، حيث أورد بعض الصور له في أيام صباه وشبابه، وبعض الصور في ملتقى حمزة شحاته، والملك حمد بن عيسى، والأمير عبد الله الفيصل، والرئيس ياسر عرفات، والحبيب علي الجفري، وفي بيت الأمير ماجد بن عبد العزيز، وفي بعض الرحلات الخارجية، ومع الأمير خالد بن سلطان، وصور أخرى له مع شخصيات وأثناء حضوره في المناسبات العامة، واختتمت الصور بصور تقديم العزاء في وفاته رحمه الله، وبلغ عدد الصور في هذا القسم تسعاً وخمسين صورة مثلت حياته من الصغر وحتى تشييعه لمثواه الأخير. بعد ذلك أورد الكتاب أغلفة إصدارات كتب عبد الله الجفري، حيث بلغ عدد الأغلفة واحداً وثلاثين غلافاً جاءت عناوينها كالتالي : جزء من حلم، جبل عاطفي أم أناني، حوار في الحزن الدافئ، 100 خفقة قلب، أيام معها، الأستاذ.. شيخ النقاد عبد الله عبد الجبار، أبواب للريح والشمس، أنفاس على جدار القلب، الجدار الآخر، الأعمال الكاملة، الزيدان.. زوربا القرن العشرين، الحلم المطعون، رسائل حب عربية، حياة جائعة، عصر الكلمة العار، حوار وصدى، العشب فوق الصاعقة، العاشقان، برق لجنون المهرة، المثقف العربي والحلم، من يشتري الضحك والفرح، هذا يخصك سيدتي، نزار قباني آخر السيوف، محمد عبد الصمد فدا سابق عصره، نبض، فقط، وطن فوق الإرهاب، من كراستها الخاصة، لوحات على الشفق، الظمأ، لحظات. ثم أورد الكتاب مؤلفات الجفري ـ عطر الله قبره ـ غير المطبوعة، والتي بلغت عشرين مؤلفاً ما بين روايات ومجموعات قصصية ومضمون إنساني إبداعي، وقصص قصيرة جداً، وإبداع، ومقالات في الحياة، وقراءات في الواقع العربي، ورسائل متبادلة، ومن العناوين الملفتة لهذه المجموعة، وتعود الحرية وحيدة، شيء من الإفصاح والصمم، عندما يضحك النمل، زيارة لعقل عربي، الهمسة الهاربة! أنثى رومانسية غزاها الإنترنت، رسائل لم تصلها، نساء من زمن الخوف، العرب بين سطحية الدراما وعمقها. ثم يورد الكتاب شهادات التكريم التي حصل عليها الراحل، وصور له مع بعض أفراد عائلته الكريمة، حيث حصل الراحل على الزمالة الفخرية لرابطة الأدب الحديث، وعلى جائزة مصطفى وعلي أمين عام 1992م، وعلى جائزة الإبداع العربي عام 1984م، وعلى جائزة المفتاحة عام 2000م، كما ضمنت الصور دروعاً لبعض الإهداءات وبعض المقالات، وصوراً شخصية وعائلية. ثم بدأ الكتاب يتحدث عن السيرة الذاتية للراحل الجفري، فأورد أنه من مواليد مكة المكرمة عام 1939هـ، وتلقى تعليمه بمكة المكرمة حتى نهاية المرحلة الثانوية، وعمل موظفاً بإدارات الأمن العام، والجوازات والجنسية، ووزارة الإعلام، ثم أعيرت خدماته من وزارة الإعلام إلى عدة صحف في سنوات متتالية، حيث عمل في صحيفة البلاد وعكاظ والمدينة المنورة، وشغل منصب نائب الناشرين بالشركة السعودية للأبحاث والتسويق، وأشرف على صفحات الثقافة والأدب بصحيفة الشرق الأوسط، وكتب عموداً يومياً في كل صحيفة احتضنت نشاطاته تحت عنوان (ظلال) إلى جانب إبداعاته الأدبية في القصة القصيرة والرواية والمقال الأدبي والإبداعي، ثم كلف بإنشاء مكتب صحيفة الحياة اللبنانية في المملكة العربية السعودية، وعمل في أواخر حياته كاتباً متفرغاً من منزله، فكان يكتب عموداً يومياً بعنوان نقطة حوار في صحيفة الحياة الدولية الصادرة من لندن، وكتب صفحة أسبوعية في مجلة الجديدة بعنوان كلمات فوق القيود، وصفحة أسبوعية في مجلة اليمامة السعودية بعنوان موانئ في رحلة الغد، وعموداً يومياً بصحيفة عكاظ بجدة بعنوان ظلال، وشارك في الكتابة في عدد من الصحف والمجلات العربية فكان يكتب عموداً يومياً في طبعة الأهرام الدولية بعنوان نقطة حوار، وكتب في مجلات مصرية بشكل أسبوعي دائم في كل من آخر ساعة، أكتوبر، صباح الخير، وكان يكتب صفحة أسبوعية في صحيفة الرأي العام الكويتية، بلغت عدد إصداراته أربعاً وثلاثين كتاباً، تنوعت ما بين مجموعات قصصية، وروايات، ورؤى إنسانية عبر الحوار، ولوحات إنسانية، ورؤية لمنطق الخطاب العربي، وحصل على جوائز وشهادات تقدير من عدة جهات صحفية وثقافية، ووفد على ضيافة الله يوم الأربعاء 1/10/1429هـ الموافق 1/10/2008هـ، ودفن بمقابر المعلاة بمكة المكرمة. ولمثل الراحل الجفري ينعاه الناعون ويرثيه الراثون، فقد جمع الكل في قلب واحد، وأسكنهم المكانة العالية، وسقاهم الحب والاحترام، وكل ما قيل فيه لم يبلغ معشار ما يستحقه، وقد حاول معدا الكتاب جمع كل ما قيل في رثائه، فقد تجاوز من رثاه المئتين شخصية، حيث رثاه الرجل الفطحل محمد بن إسماعيل جوهرجي، والدكتور غازي القصيبي، والدكتور عبد العزيز خوجة، والأستاذ خالد المالك، والدكتور إبراهيم التركي، والأستاذ عرفان نظام الدين، والأستاذ نجيب بن عبد الرحمن الزامل، والدكتورة عزيزة المانع، وسعادة الأستاذ محمد الوعيل، والدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، والدكتور هاشم عبده هاشم، والدكتور عبد العزيز الصويغ، والأستاذ عبد المقصود خوجة، والدكتور زكريا بن يحيى لال، والدكتور إبراهيم الدعيلج، والأستاذة هناء حجازي، والإعلامي تركي الدخيل، والأستاذة فريال الحوار، والأستاذة فريدة فارسي، وغيرهم الكثير ممن أفجعهم ترجل الفارس عن صهوة جواد العلم والثقافة، فبثوا لواعجهم وحزنهم عبر القلم. يقول الشاعر محمد بن إسماعيل جوهرجي في مرثيته للراحل المعنونة بـ «وغاب عندل الحرف وجيتار الإحساس»: ==1==جل الأسى بالحزن والزفرات ==0== ==0== واستلهب الإحساس في الخلجات غاب الصديق ولم تزل أحلامه ==0== ==0== ثرى تفيض بعاطر النفحات غاب الحبيب ولم تزل أخلاقه ==0== ==0== تفضي ولاءً طيب الإنبات كانت ظلالك كالربيع نضارة ==0== ==0== من صادق الإحساس والعزمات كم كنت بالحرف الجميل مدافعاً ==0== ==0== تستدفق الإحماس في الهمات فاجعل إله الخلق قبر صديقنا ==0== ==0== روضاً من الروضات والجنات واقبله يا رباه عبداً آيباً ==0== ==0==يا خير من يرجى لعبد آت==2== ويقول الدكتور الشاعر غازي بن عبد الرحمن القصيبي في رثائه للراحل المعنون بـ «آه عبد الله» : ==1==من يروي بعد الفل؟ ومن ==0== ==0== يمنح العشاق عطر الياسمين؟ من يغني للجميلات؟ ومن ==0== ==0==يصبغ الأفق بألوان الحنين؟ من يناغي البدر في ليل المنى؟ ==0== ==0== من يناجي مهرجان السامرين؟ آه عبد الله ما أتعسنا ==0== ==0== من دفين نتمشى لدفين آه عبد الله يبكي قلم ==0== ==0==دفء كفيك وقرطاس أمين الحروف الخضر من يرسلها ==0== ==0== في سماء الحب تقسو وتلين؟==2== بعد ذلك يورد الكتاب المقالات التي كتبت في الذكرى الأليمة لرحيل الجفري، حيث كتب عبد الإله عبد المجيد تحت عنوان «أول وآخر سلاطين الإبداع عبد الله الجفري .. بين الذهب والفضة» ويقول في ذلك: «هل عرف عبد الله الجفري نفسه؟أو هل عرفه الناس لكي يعرف نفسه هو؟ من الصعب أن يجيب أحد على مثل هذا السؤال، فقد ظل أول وآخر سلاطين الإبداع..عبد الله الجفري تحت تأثير ثالوث خطير وعظيم هو: الزهد والنزاهة والفلسفة، وهذه في نظري إذا اجتمعت في شخص ما فإنها تكفيه بقية عمره». ثم أورد الكتاب المقالات التي كتبت عن الراحل في الصحافة للكتاب والشخصيات، فقد كتب عرفان نظام الدين عن وفاة الجفري تحت عنوان 69 عاماً...29كتاباً ومقالات لا تحصى... الكاتب السعودي عبد الله الجفري يرحل بكبرياء، ويقول في هذا الشأن: «بكبرياء الصمت الذي تميز به رحل عنا عبد الله الجفري» طيب القلب «السيد صاحب الوقفات الشامخة واللفتات الإنسانية تاركاً لنا ذخراً من الإبداعات والكلمات والكتب والروايات... وكان يحلو لي ألقب أخي وصديقي الأديب والكاتب المبدع عبد الله بتوأم روحي، فهو بالفعل كان أخاً وحبيباً وصديقاً تزاملت معه عشرات السنين»، ويقول في رحيله صاحب الباع الطويل في الكتابة الأستاذ نجيب بن عبد الرحمن الزامل: «أُعلِن أن باباً عمره ثلاثون عاماً أو يزيد من عالم الكتابة الجميلة قد أقفل في الأدب السعودي». ويقول سعادة الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر في مقالة له بجريدة الجزيرة «لقد استظلت الأفكار الرصينة تحت ظلاله، وكانت هذه الظلال نعم المظلة الواقية وسوف تفقده هذه الظلال اليوم وسوف نفقده معها، لقد كان لفكره صدى... فكان يغرف من بحر مع إجادة في التعبير وحسن مداخل ومخارج... كان السيد عبد الله رقيق الحاشية، سهل التواصل والتقارب، يألفه الإنسان من أول مقابلة، ويعرف عمقه بمجرد الحديث معه، فلم يكن غامضاً ولم يكن متكلفاً ولا متصنعاً، كان صريحاً بأدب ومعبراً برفق، قبول لما يراه حقاً، الحزن عليه يشل حركة الفكر في أن يقدم ما يستحقه من قول ينصفه». ويعبر الأستاذ محمد الوعيل عن سيمفونية العطاء قائلاً: «للأستاذ عبد الله الجفري نكهة خاصة، في أسلوبه وتعامله وحتى عتبه، أبو وجدي نوع آخر من البشر الذين تخترق كلماتهم الرقيقة القلب والأذن معاً، أبا وجدي كثيرون هم الذين سيفتقدونك، كثيرون هم الذين أحبوك، وأحبوا حروفك المتألقة دائماً، أسكنك الله الجنة أستاذي أبا وجدي.. إنا لله وإنا إليه راجعون». فرحم الله رجلاً جمع الخير في قلبه، ورحم الله رجلاً جمع العلم في قلبه، ورحم الله رجلاً أحب الناس فأحبوه، ورحم الله فارس الرومانسية الأستاذ عبد الله بن عبد الرحمن الجفري، وأسكنه الفسيح من جنانه.