DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

السليم .. من أهل الكرم وأصحـاب الابتسـامة الصادقـة

السليم .. من أهل الكرم وأصحـاب الابتسـامة الصادقـة

السليم .. من أهل الكرم وأصحـاب الابتسـامة الصادقـة
أخبار متعلقة
 
عزيزي رئيس التحرير إن الموت حقيقة قاسية رهيبة تواجه كل حي، فلا يملك لها ردا وهي تتكرر في كل لحظة ويواجهها الجميع دون استثناء. ثمانية لابد منها على كل امرئ: سرور وهمّ واجتماع وفرقة وعسر ويسر، ثم سقم وعافية وفي الموت عظة وتذكير وتنبيه وتحذير، والموت الخطب الأفظع والأمر والأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع. في صبيحة السبت الموافق 3/8/1430هـ كنت برفقة أحد الإخوة الخيرين الفضلاء متوجهين إلى مدينة الرياض لإنجاز أمر هام، وعند وصولنا جاءتني رسالة قاطعة للراحات مفادها وفاة المربي والشيخ والإنسان خليفة بن عبدالعزيز السليم. فمن شدة الخبر ولا راد لقضاء الله، احتسـبت عند الله بهذه الكلمـات «إنا لله وإنا إليه راجعون» وسكتّ برهة محترقا فؤادي بلوعة فراقه.. فما كان من صاحبي إلا أن يصبرني ويسألني ما بك يا أبا طارد؟ ومن الذي توفي؟ فقلت له قبل أن أجيبك عن أسئلتك، لنعد إلى مدينة الخرج وفي الطريق سأخبرك من هو ذاك الرجل ذو الصفات والخصال الحميدة المحب لدينه ووطنه ومجتمعه، إنه رمز من رموز الأحساء، وإن شاء الله في الصلاة عليـه واتباع جنازته والمشاركة في تشييعه، فاستوقفني صاحبي وسألني كيف عرفته؟ ومن ذاك الرجل (يرحمه الله) ليجعلك تذهب إلى هناك؟ فأجبته يا أخي ماذا عساي أن أقول لك غير ما سبق وأنا في هذه الحال ونزولا عند رغبته ومعزته عندي قلت له سأخبرك بنبذة بسيطة وحينما أعود أنا وأسرتي سأكمل البقية، فقال: تذهب بالأسرة؟، قلت: نعم، فقال: ألهذه الدرجة؟، فقلت: أكثر وأكثر. هذا الإنسان (يرحمه الله) تعرفت عليه من خلال ابنه عبدالله الذي عين معلما في الخرج عام 1428هـ وكنت مديرا لابنه وقد لمست منه جديته في العمل وانتقاءه أصحابه وحسن تعامله مع الجميع وتمثله بالقدوة الحسنة والصورة المثلى عنه وعن أسرته ومدينته القادم منها مدينة الأحساء وكان عمله يسبق قوله. وذات يوم اتصل بي والده وعرفني باسمه وسألني عن أوضاع ابنه المعلم سلوكيا ومسلكيا.. فقاطعني صاحبي بقوله يسأل عن ابنه وهو معلم في وقت لا يسأل الآباء عن أبنائهم وهم في أمسّ الحاجة للسؤال والمتابعة، فلله دره من أب ثم طلب مني أن أستمر في الحديث، حينها أيقنت أن ابنه المعلم خلفه والد ومربّ وقائد محنك ومسؤول تربوي متميز. فعلمت أنه كان (يرحمه الله) مديرا لمدرسة الطرف بالأحسـاء وقد أمضى أربعين عاما فيها إلى أن أحيل إلى التقاعد مستمرا في الأنشطة الخيرة ومتواصلا مع وطنه ومجتمعه. ثم دعيت لأحضر زواج ابنه المعلم عام 1428هـ فأجبت الدعوة شوقا وحرصا، لألتقي عن قرب بهذا الوالد الفذ. وتقديرا ووفاء وحبا لأخي وزميلي المعلم لأشاركه فرحته، وعندما وصلت وقابلت أبا عبدالعزيز يأسرك جبرا أن تحترمه عندما تشاهده .. فكيف بك إذا جالسته؟ فقد كان يقابل الجميع بابتسامته الصادقة وكلامه العذب وترحيبه الحار وكريم وفادته وجمال احتفائه بضيوفه، فكانت فرحته بحضوري كفرحته بزواج ابنه وأصرّ على أن أبقى لليوم التالي، فما كان مني إلا أن لبّيت رغبته لأسعد وأستأنس بقربه فبقيت في الأحساء لحبه وطيبته فكان حينما يتحدث عن الأحساء ومعالمها ورجالاتها ونحن نتجول بها حب العاشق لتراب بلدته ومن فيها واعتزازا بدينه ووطنيته. وأشهد الله أني كنت أقول في نفسي ما أسعد أهل مدينته به وما أحزن من لم يستفد منه!! بعد ذلك لم أكمل، فما كان من صاحبي إلا أن قال لي لو لم تصحب أسرتك لذهبت معك.. ودعا لميتنا بالمغفرة والرحمة ولنا بالسلامة وكتابة الأجر وطلب مني أن أعده بالحديث والكتابة عن الفقيد بعد دفنه ومشاهداتي هناك. وصلنا إلى الطرف بالأحساء وتوجّهنا إلى المسجد وكان المشهد عظيما ولن تجد لقدمك مكانا فيه فامتلأ المسجد وساحاته والطرق المجاورة له.. فخرج للصلاة عليه الصغار والكبار والعجزة وذوو الظروف الخاصة وكان أحدهم بجانبي ودموعه تسيل سيلا ويقول: «يرحمك الله يا صاحب القلب الكبير، ويا من يسأل عن أحوالنا ويجلس معنا ويؤانسنا ويقضي حوائجنا، فيا رب آنس وحشة أبي عبد العزيز واجعل قبره روضة من رياض الجنة وأسعده كما كان يسعدنا». أقيمت الصلاة وتمت ولم ينتهِ المشهد بعد، فكان الجميع يحرص على أن يحمل الجنازة وحُمل على الأعناق، وكان مع الجنازة جمع هائل يقدر بالآلاف والذين سبقوها إلى المقبرة أكثر من ذلك.. فكان البعض يردد: كان وفيا ومحبا للجميع!! فها هم أحبابك بادلوك بالحب وخرجوا عن بكرة أبيهم!! واجتمعوا على قلب واحد ليعزي كل منهم الآخر.. فأقيم العزاء في إحدى الصالات الكبيرة ولم تستوعب المعزين من داخل المنطقة وخارجها.. يا له من مشهد عظيم تستفاد منه الدروس والعبر ويحتاج من مفكري الأحساء وكتابها الكتابة عن هذا الرجل الصالح عن هذا الإنسان عن هذا الرمز من رموز الوطن وإني آمل أن تقع عيناي يوما من الأيام على كتاب أقرأ فيه ما لم أعرفه عنه وليستفد الآباء والأجيال الصاعدة من ذلك. كما أوصي رجالات التربية والتعليم في الأحساء بإقامة جائزة أو قاعة دائمة تحمل اسم الفقيد.. وأن أشاهد يوما مدرسة أو مسجدا أو طريقا في مدينته مسمى باسمه، فدولتنا وفية مع أبنائها المخلصين. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، فقد أكرمك المولى (عز وجل) في أمور دينك ودنياك وفي إنسانيتك ووطنيتك وحبك وصدقك وعطفك وإخلاصك ووفائك وحسن تعاملك، وينتظرك من ربك الذي وعد المتقين أجرهم بغير حساب، ينتظرك من الذي أنزل محبة الناس فيك البشرى إن شاء الله بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، ومن كانت تلك صفاته، فالله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا. أهمس في أذن كل واحد من أسرة الفقيد، فلو لم يكن في الموت خير لمن مضى.. لما مات خير الأنبياء محمد.. وادعوا ربكم تضرعا وخفية ففيه المطمع وإليه المفرغ ولا إله إلا هو، من لكم غيره يجبر كسركم؟ لا إله إلا هو، عليكم من الله الرحمات عدد ما سكبتم من العبرات وكظمتم من الأنات، جعل الله مصابكم من الباقيات الصالحات وآمنكم من الفزع يوم تنشر السجلات، وتقبل الله منا ومنكم، وكتب لنا وللجميع السعادة في الحياة والممات. لابد من فقد ومن فاقد .. هيهات ما في الناس من خالد، فيا أسرة الفقيد والدكم خلف إرثا حقيقيا لا يقدر بكنوز الدنيا وما فيها من محبة الناس والسمعة والأثر الطيب وحسن الخاتمة، فحافظوا على ذلك واجتمعوا ولا تتفرقوا فسيرتكم معطرة بالذكر الحسن واستعينوا بالله واتكلوا عليه وارضوا بقضائه وسلموا لقدره. ==1==فيا أيها المصاب اعلم أن المقدر كائن ==0== ==0==حتما عليك صبرت أم لم تصبر ==2== عبدالله بن طارد الدوسري - الخرج