DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

باتريك سيل

باتريك سيل

باتريك سيل
 باتريك سيل
أخبار متعلقة
 
من المتوقع على نطاق واسع أن يعلن أوباما خطته للسلام للشرق الأوسط الشهر المقبل. الرئيس الأميركي مقتنع بأن مصالح الولايات المتحدة القومية -وأمن إسرائيل في المدى الطويل- تستدعي تسوية شاملة للصراع العربي-الإسرائيلي، تشمل إنهاء الصراع مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين. وتصميم أوباما، يساهم في خلق فرصة فريدة، يجب على العرب والإسرائيليين معاً التشبث بها، إذا ما كانا يريدان حقاً حل الصراع الطاحن القائم بينهما منذ عقود طويلة، والذي لم يجنيا من ورائه سوى الآلام. لسوء الحظ، أن المتشددين في إسرائيل - بما في ذلك رئيس الوزراء» بنيامين نتنياهو»، وعدة أعضاء من مجلس وزرائه، ناهيك عن المستوطنين المتعصبين، يتآمرون جميعاً من أجل هزيمة أوباما. فدعوته لإيقاف التوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، جعلتهم يحتشدون إزاءه، الأمر الذي ساهم في جعل التوترات بين الإدارتين الإسرائيلية والأميركية، تصل إلى حدود لم تصل إليها خلال جيل. وفي الولايات المتحدة ذاتها، يبدو أن شهر العسل بين أوباما والشعب الأميركي يقترب من نهايته. فبعيداً تماماً عن المعارضة التي يلقاها من اللوبي الإسرائيلي، أدت خطة الرئيس الأميركي لإصلاح منظومة الرعاية الصحية، إلى إثارة ردود أفعال غاضبة في أوساط «المحافظين» بشكل عام. كما أن تأخره في التصرف بحزم في الشرق الأوسط، قد يعرضه لاحتمال أن يأتي يوم يجد نفسه من دون الرصيد السياسي اللازم لفرض آرائه. ومن الأشياء التي لا تقل خطورة على مصير عملية السلام في الشرق الأوسط حقيقة أن العديد من الإسرائيليين -كما تكشف عن ذلك استطلاعات الرأي- قد فقدوا الإيمان بإمكانية تحقيق السلام، وباتوا يرون أن تحقيق أمنهم لا يتم من خلال السلام مع الجيران، وإنما من خلال العودة إلى الصيغة القديمة القائمة على الهيمنة العسكرية على المنطقة، وردع، بل وسحق -متى ما أصبح ذلك ممكناً- حركة حماس و»حزب الله»، بل وهو ما سيعد حماقة بالغة في حالة حدوثه، وشن حرب ضد إيران التي تنظر إليها إسرائيل باعتبارها منافساً إقليمياً يُشكل تهديداً لها. هل يستطيع أوباما إقناع الإسرائيليين بالتخلي عن هذا النمط المتأصل من التفكير، والمضلَّلْ إلى حد كبير في الوقت ذاته؟ ليس واضحاً، على الإطلاق، ما إذا كان أوباما سيتمكن من النجاح في ذلك أم لا خصوصاً إذا عرفنا أن العديد من الإسرائيليين أسرى لهذه النمط الصِفري من التفكير، والذي يرون بموجبه أن أي انفتاح أميركي على العرب، يمثل تهديداً لهم بالضرورة. الفلسطينيون ليسوا أفضل حالًا... فكما هي العادة دائماً، فإنهم يبدون حالياً وكأنهم أكثر اهتماماً بمحاربة بعضهم، من الاتحاد من أجل السعي إلى تحقيق أهداف وطنية واقعية. لقد استنفدت الحزبية وعدم الاتحاد القضية الفلسطينية منذ أن ووجهت بالطموحات الصهيونية في وقت مبكر من القرن المنصرم. بعد العديد من النقاشات الغاضبة، تمكن المؤتمر العام لـ»فتح» -وهو الأول منذ عشرين عاماً- من التوصل إلى اتفاق على برنامج سياسي معقول وبراجماتي، يعيد تأكيد خيار المفاوضات مع إسرائيل باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية، ولكنه يحتفظ في الوقت نفسه بالحق في العودة لخيار المقاومة في حالة فشل عملية السلام، وإن كان «الصراع العسكري»، الذي احتل مكانة بارزة في الماضي قد استُبدل الآن بـ»النضال المدني» و»المقاومة الشعبية». مع ذلك، لم يقل مؤتمر «فتح» سوى القليل عن التسوية مع «حماس» باعتبار ذلك يمثل شرطاً مسبقاً لتأمين حلم الدولة التي تحلمان معاً بإقامتها. ربما تكون المحصلة الأكثر وعداً للمؤتمر، هي انتخاب عضو اللجنة المركزية لـ(فتح) -مروان البرغوثي- (50 عاماً) الذي يقضي في الوقت الراهن مدة محكوميته بالسجن مدى الحياة داخل السجون الإسرائيلية بسبب دوره المزعوم في التخطيط للهجمات الإرهابية التي وقعت إبان الانتفاضة الثانية. فمن داخل زنزانته، كان البرغوثي ذا الشخصية الكاريزمية، مدافعاً فصيحاً ونشطاً عن إجراء محادثات وحدة مع «حماس». بعض الإسرائيليين -إذا لم يكونوا من بين هؤلاء الأكثر تطرفاً- يقرون بأن البرغوثي ربما يكون القائد الفلسطيني المناسب، الذي يمكن لهم التفاوض معه من أجل التوصل إلى تسوية سلمية. والواقع، أن الأنباء الواردة من إسرائيل تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تناقش مسألة الإفراج عن البرغوثي. ففي هذا السياق، نسب إلى كل من «أفيشاي بريفرمان» وزير شؤون الأقليات الإسرائيلي، و»بنيامين بن إليعازر» وزير البنية التحتية قولهما مؤخراً إن انتخاب البرغوثي، يمكن أن يساهم في التوصل إلى تسوية متفاوض عليها بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكان»ياريف أوبنهايمر»، الذي يكتب في موقع «واي نت» التابع لتيار «الوسط» الإسرائيلي، قد حث إسرائيل على التوصل لاتفاقية مع «القيادة العلمانية المعتدلة»، التي تمخض عنها مؤتمر «فتح»، قبل أن يتم استبدالها بقيادة «دينية متعصبة ترى في الجهاد العنيف وسيلة أساسية في النضال ضد إسرائيل». الخيار المثالي في رأيي، هو أن يتم الربط بين الإفراج عن البرغوثي، (بالإضافة إلى عدة مئات من السجناء الفلسطينيين)، وبين الإفراج عن العريف الإسرائيلي «جلعاد شاليط»، الذي أسرته «حماس» عام 2006. فمثل هذا الترتيب هو الذي يمكن أن يهيئ المناخ الملائم لـ»فتح» و»حماس» لتوحيد الصفوف وتحقيق المصالحة. المشكلة الوحيدة التي قد تعترض هذا الخيار هي أن الساسة «اليمينيين» الإسرائيليين من شاكلة «نتانياهو» يمقتون المعتدلين من الفلسطينيين، ويفضلون الراديكاليين. فما كان يحدث عادة هو أنهم، ومن أجل تجنب جر أرجلهم إلى مائدة المفاوضات، وهو ما سيعني حتماً التخلي عن أراضٍ، كانوا يسعون دوماً لدفع الحركة الوطنية الفلسطينية تجاه الراديكالية. ومن بين الحجج المألوفة لدى «اليمين» الإسرائيلي تلك التي تقول: «كيف يمكنك أن تتفاوض مع شخص تعرف أنه يريد قتلك؟». توجيه دعوة للشعب الإسرائيلي للسلام، ووضع نهاية للصراع مع كل من «فتح» و»حماس» في الوقت نفسه -على أن يكون ذلك مدعوماً من قبل الولايات المتحدة، والعالم العربي، والمجتمع الدولي- خيار قد ينجح في إقناع الإسرائيليين بأن الدولة الفلسطينية المستقلة، والمسالمة، والمزدهرة سوف تكون هي بوابة إسرائيل للعالم العربي، والضمانة الأفضل لهمها الأمني في المدى الطويل.  صحيفة الاتحاد الإماراتية