انهى مؤتمر الامن الفكري المنعقد في الرياض اوراق العمل وفعالياته الفكرية مؤسسا لعمل مؤسسي يمكن ان يكون نموذجا للشفافية والصراحة المفترض توافرهما لمعالجة الظواهر المعيقة لتقدمنا نحو مستقبل اكثر امنا واستقرارا.
اوضحت اوراق العمل المقدمة والحوار حولها عمق الخلل الفكري الذي حصل في المجتمع السعودي خلال عقود من التحولات الفكرية الاسلامية والسياسية واستغلاله من قبل جماعات فكرية مسيسة لها اهداف وطموحات للسيطرة على المجتمع ومن ثم مؤسسات الدولة مما انتج ظاهرة الغلو والتشدد في الافكار مع استغلال لطبيعة المجتمع المتدينة والحريصة على ان تكون منسجمة مع روح الشريعة الاسلامية.
كان الهدف من فكر التكفير الذي روجته فئة منحرفة هو صياغة المجتمع بطابع واحد لتمرير اجندتهم السياسية القائمة على العنف كوسيلة للتغيير.
نجح المؤتمر في تشريح مكامن الخلل بصراحة تامة وهو المؤمل في طلب العلاج واشرك كافة المؤسسات مثل الاسرة والتعليم والاعلام والمؤسسات الدينية في المسؤولية للتعاضد لحماية المجتمع وشبابه لابعادهم عن الشرور لأن المسؤولية مشتركة ولا يمكن ان تقوم بها جهة او وزارة مثل وزارة الداخلية وهو ما اتضح جليا في استدراك المؤسسات الاسرية لسد النقص في رعاية ابنائهم وتوعيتهم حتى لا يقعوا في براثن العقول الشريرة التي ضللت عقول الكثير من شبابنا وجعلتهم وقودا في افغانستان وباكستان والعراق ولبنان.
كذلك لم يغفل مؤتمر الامن الفكري تحليل وتشريح ظاهرة انتشار الجرائم الجنائية والجرائم الاخلاقية وانتشار المخدرات واعتبرها مؤثرة جدا في زعزعة الامن الاجتماعي والاقتصادي للبلد بعد التحولات التي طرأت على المجتمع بفعل وجود عمالة كبيرة وتطور اقتصادي سريع وانفتاح على وسائل الاعلام وثورة الاتصالات الحديثة التي ازاحت السياج بين مفهوم الداخل والخارج وهي ضريبة ندفعها لحيوية مجتمعنا وتقدمه السريع.
مؤتمر على مستوى عال من الاهمية لتحديد استراتيجية وطنية للامن الفكري وصياغتها بطريقة علمية بعد بحث وعرض ونقاش على المختصين والمعنيين بهذا الشأن.
