ناقشت جلسات اليوم الثاني لمنتدى المرأة الاقتصادي الذي تنظمه غرفة الشرقية تحديات المرأة السعودية وواقع أدائها الاقتصادي والمعوقات التي تعترض مسيرتها التنموية ، وقد استعرضت الجلسة الأولى لثاني أيام المنتدى عدة محاور تناولت واقع وتحديات مشاركة المرأة في الواقع الاقتصادي الوطني.
وجاءت الجلسة بعنوان (المشاركة الاقتصادية للمرأة .. ضرورة وطنية واجتماعية)، وأدارت جلساتها وحواراتها الإعلامية خديجة بن قنة ، وتحدثت فيها المستشارة الاقتصادية الدكتورة عزيزة الاحمدى عن (المسؤولية الاجتماعية للشركات ودورها في إشراك المرأة في التنمية الاقتصادية) حيث أكدت أن ظهور مفهوم «المسؤولية الاجتماعية للشركات» جعل من تقييم شركات القطاع الخاص غير معتمد على ربحيتها فحسب، بل لم تعد تلك الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، إذ أصبح دور مؤسسات القطاع الخاص محورياً في عملية التنمية.
وقالت الأحمدي إن مؤسسات القطاع الخاص أدركت أنها غير معزولة عن المجتمع، وتنبهت إلى ضرورة توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية، مثل هموم المجتمع والبيئة، وإلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأضلاع الثلاثة التي عرّفها مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة وهي النمو الاقتصادي، والتقدم الاجتماعي، وحماية البيئة.
وفي الجلسة نفسها تحدثت أستاذة التاريخ بجامعة الإمارات العربية المتحدة الدكتورة فاطمة الصايغ عن ( المرأة وتحديات التنمية في منطقة الخليج – دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج»)، وأكدت أن المرأة الخليجية ــ تحديدا في دولة الإمارات العربية المتحدة ــ تلعب دورا كبيرا في التنمية من خلال نجاحاتها الكبيرة في مجالات التعليم، والمشاركة السياسية، والمشاركة الاقتصادية، لكنها تواجه جملة من التحديات والمطبات الكثيرة.
وتحت عنوان (الإسهام الاقتصادي والاجتماعي للمرأة العربية: فرص التمكين وقدرات التطوير) تحدثت مستشارة رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية الدكتورة فريدة العلاقي موضحة مفهوم المرأة العربية بحكم أن هناك فئات متعددة من النساء العربيات في مستويات اقتصادية واجتماعية وتعليمية متباينة كما ان هناك نساء البادية والريف والمدينة .
وقالت إن الإسهام الاقتصادي والاجتماعي للمرأة العربية هو جزء لا يتجزأ من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المجتمعات العربية بشكل عام والتي شهدت تغييرات عديدة خاصة خلال العقدين الماضيين، كما تأثرت وبشدة بموجة تيار العولمة وتحرير الاقتصاد والتجارة، وانفجار ثورة المعلومات والاتصالات واكتساح مفاهيم جديدة ربطت قضايا التنمية الإنسانية «بشقيها الاقتصادي والاجتماعي» بقضايا حقوق الإنسان.
وفي الجلسة الثانية استعرضت الكاتبة وأستاذة التاريخ بجامعة الملك سعود د. هتون أجواد الفاسي «معوقات مشاركة المرأة السعودية الاقتصادية»، وذلك في ورقة عمل قدمتها في الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان (الأداء التنموي في ضوء المعوقات التشريعية والاجتماعية) وأدارت الجلسات سيدة الأعمال سامية الإدريسي. وتقسم الفاسي المعوقات إلى معوقات مباشرة، ومعوقات غير مباشرة، أما المعوقات المباشرة فهي المندرجة تحت مسمى أنظمة كنظام العمل أو نظام الخدمة المدنية، أو تحت مسمى تعاميم مثل ذلك الخاص بنظام الوكيل الشرعي. بينما المعوقات غير المباشرة فيدخل ضمن إطارها تقييد التعليم والحركة.
وترى الفاسي أن قضية تدني مستوى المشاركة الاقتصادية للمرأة السعودية وبالتالي تفشي البطالة بينهن بينما تحتضن المملكة سبعة ملايين عامل وعاملة أجنبيين، تشكل هاجساً لكثيرات وكثيرين على المستوى الفردي والعام ما بين إنكاره أو التخفيف منه ومن حدته وما بين الاعتراف به ومحاولة إيجاد حلول جذرية له. لكن الحلول تبقى في كثير من الأحيان معلقة في أثير ما، أو مغلق عليها في درج ما وما هذه المنتديات إلا محفزات ودافعات للوصول إلى هذه الحلول.
أما رئيسة مركز استشارات اجتماعية الدكتورة ليلى الهلالي وفي ورقة عمل بعنوان ( واقع المرأة السعودية في سوق العمل ) فتناولت فيها النظرة الاجتماعية وجمود الأنظمة تجاه عمل المرأة السعودية، وأثر ذلك على مدى المساهمة الاقتصادية للمرأة في المملكة العربية السعودية،
من جانبها وفي ورقة عمل تحت عنوان (المرأة.. شريك جدير في صناعة الغد الوطني) تطرقت رئيسة مركز مدارات التطوير لمى الغلاييني إلى أن إحصائيات مصلحة الإحصاءات العامة عام 1425هـ تؤكد أن المرأة السعودية تمثل نحو 49.6 بالمائة من إجمالي عدد سكان المملكة. فالمرأة التي تمثل نصف المجتمع، لابد من اضطلاعها بمسؤولية اقتصادية مباشرة في تعزيز المسيرة التنموية للبلاد. وأكدت الغلاييني أن التأهيل الاحترافي للمهارات الشابة السعودية أولوية تنموية حتمتها إرادة التغيير وقوة التحديات المستقبلية، مما يدفعنا للتركيز على نوعية المهارات المطلوبة لتنمية دورها المستقبلي وتوسيع خيارات مشاركتها في تطوير المجتمع لاهتمامنا بنجاح التوسع المستقبلي لمشاركة المرأة السعودية في خطة التنمية .
وفي الجلسة الثالثة أكدت مدير عام مجموعة عبدالله الفارس سيدة الأعمال دينا الفارس أن الشراكة بين سيدات الأعمال، هي المخرج الأفضل لتجاوز كافة المعوقات الاجتماعية والمعرفية والتشريعية التي تواجه نشاطهن التجاري .. وجاءت الجلسة بعنوان (اتجاهات الاستثمارات النسائية بين التقليدية وأولويات النمو الاقتصادي) والتي أدارتها مديرة تحرير مجلة فوربز العربية خلود العميان.
وقالت الفارس في ورقة عمل بعنوان (هل المرأة غائبة في تنوع مجالات الاستثمار أم متحفظة) انه و مع كل ما حققته المرأة السعودية من نجاحات كبيرة في مختلف المجالات إلى الآن. إلا أن هناك ثمة معوقات ما زالت تقف حجر عثرة أمام تفعيل مشاركة المرأة السعودية في نهضة مجتمعها، ومن أبرزها المعوقات الاجتماعية والتي تتمثل في «أن مجتمعنا لا يزال غير مقتنع كليا بأهمية دور المرأة في النشاط الاقتصادي «.. وبينت أن ما شهدته الفترة السابقة من تغيير لقوانين كثيرة لصالح سيدة الأعمال لا يزال بعض المسؤولين أو الأشخاص العاملين في بعض الدوائر المسؤولة لا يلتزم بها من مبدأ التعقيد أو عدم القناعة الشخصية ربما للحد من صلاحيات المرأة حسب العادات والتقاليد» .. بالإضافة إلى المعوقات المعرفية . وتطرقت الفارس إلى مساهمة المرأة الاقتصادية في ملكية المنشآت وتقول ان المرأة السعودية اليوم متجهة إلى أعمال عديدة توسعت عن الماضي فوصلت إلى تجارة الأسهم والعقارات والمقاولات وبيع وتجارة الجملة وأعمال الفن المعماري والديكور ، وتشكل نسبة هذه الاستثمارات للنساء السعوديات حوالي 21 بالمائة من حجم الاستثمار الكلي للقطاع الخاص ، وتتجاوز أعداد السجلات التجارية النسائية السعودية أربعين ألف سجل بمختلف المدن السعودية (حوالي20بالمائة) من السجلات التجارية (وزارة التخطيط والاقتصاد). وتؤكد الفارس أن السيدة السعودية تميل إلى أحد خيارين اما للاستثمار الآمن الذي يمكنها من أن تتأكد من صغر حجم خسارتها و من عدم تفاقم الوقت المطلوب لتأسيسه أو لإدارته. أو أن تتحفظ كليا للخوض في أي نوع من المشاريع من صغيرة أو كبيرة وتفضل الإبقاء على أرصدتها مجمدة كودائع. وكلاهما نتاج تلك المعوقات. وفي الجلسة ذاتها تحدثت سيدة الأعمال رئيفة التركماني عن محور (استثمارات المرأة في السعودية بين التقليدية وغير التقليدية)، وقالت إن التقليدية تعني التوجه العام باتجاه الاستثمار في مشاريع صغيرة ومتوسطة في قطاعات محدودة مثل المشاغل النسائية والأزياء وتجارة التجزئة وغير ذلك، فهذا التوجه الاستثماري النسائي وعلى الرغم من أهميته يحتاج إلى إعادة توجيه لخدمة أولويات التنمية في الاقتصاد الوطني.