فرحت كثيرا وأنا أقرأ خبر اعتزام وزارة الطرق والنقل تنفيذ مشروع ضخم في جدة عن طريق البر والبحر, وكنت قد سعدت بخبر عن مشروع للقطارات الداخلية في العاصمة الرياض. صحيح أنني لست من سكان جدة أو الرياض، وصحيح أنني ومنذ أن تركت التعليق لم أزر المدينتين إلا أنني كمواطن ينتمي لهذا الوطن يسعده أن يسمع عن مثل هذه الأخبار رغم أنها تعد متأخرة جدا إذا ما قارناها مع ما يحدث في مدن العالم الفقيرة قبل الغنية. هنا في المنطقة الشرقية تبدو مطالبة وزارة النقل بتبني فكرة مماثلة لتطبيقها في الدمام والخبر نوعا من المزاح الثقيل مع كل التقدير لمقام الوزارة . فنحن هنا نعيش ونتعايش مع مصائب طرق الموت البائسة التي تربط مدن الشرقية ببعضها البعض وتلك التي تربط المنطقة ببقية دول الخليج في الشمال أو الجنوب، ولهذا يصبح مجرد التفكير في قيام هذه الوزارة بتبني مثل هذه الأفكار كالأحلام الوردية التي لا تتحقق في الواقع. دعونا الآن من وزارة النقل ولنسأل أمانة المنطقة الشرقية باعتبارها المسئولة عن التخطيط والطرق داخل المدن إن كان لديها أي نية لدراسة مثل هذه الأفكار لتقديمها لمجلس المنطقة لدراستها وتبنيها ومحاولة تنفيذها !! أنا هنا لا أقلل من الجهود التي تقوم بها الأمانة في كل خدماتها ولا أريد أن أعطيها أكثر من حقها. فالمقال ليس لتقييم ما تقدمه بقدر ما هو متعلق بقضية واحدة وهي تسهيل حركة المرور داخل المدينة الواحدة. مدخل مدينة الخبر من الجهة الغربية (الظهران) ممتد حتى الكورنيش بمسافة تصل إلى ما يقارب خمسة كيلو مترات يتخللها خمس إشارات مرور وهذا الطريق يشهد ازدحاما غير معقول وتكاد الحركة فيه تتعطل بين الساعة الخامسة والعاشرة مساء من كل يوم وتتضاعف في نهاية الأسبوع لدرجة أن السيارات تصطف في هذا الطابور ابتداء من الجسر المؤدي لجامعة الملك فهد للبترول وحتى أول إشارة في شارع مكة. وإذا استمر معدل النمو وتزايد أعداد السيارات في السنوات المقبلة فإن السير يكون مستحيلا حتى لو نفذت الأمانة نفق شارع مكة ونفق ميدان البلدية اللذين سمعنا عنهما كثيرا. قد يسألني أحد مسئولي الأمانة إن كان عندي حل !! طبعا ليس لدي عصا سحرية لحل هذه المشكلة لكن لأن الأمانة هي المسئولة عن وضع الدراسات اللازمة عن طريق بيوت هندسية متخصصة فإنني أطلب منها البحث عن مثل تلك الحلول المناسبة. ما يحدث في الخبر يحدث أضعافه في الدمام ومع ذلك لم نسمع حتى اللحظة عن مشروع حيوي له علاقة بالنقل وإذا استمر الحال على هذا المنوال فستتحول المدينة الجميلة (الخبر) إلى مدينة معقدة يكره المرء السكن فيها أو التنقل بين أحيائها وفي ذلك ضربة موجعة للسياحة الداخلية التي ينشدها كل مسئول. الأمانة مطالبة ـ وللمرة الألف ـ بأفكار خلاقة تتجاوز المشاريع التقليدية، وقد قلت هذا الكلام من قبل عندما تناولت قضية الأحياء القديمة دون أن أجد أي تجاوب أو تفهم من أي مسئول فيها، وهأنذا استخدم نفس العبارة (أفكار خلاقة) . أرجو ألا تكون طموحاتنا ونظرتنا لمستقبل مدننا أكبر من طموحات ونظرة الأمانة لأن ذلك ـ إن حدث ـ سيعني أننا للخلف در.
[email protected]