DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

حسن السبع

حسن السبع

حسن السبع
حسن السبع
أخبار متعلقة
 
يؤخذ على مسابقات الشعر الشعبي والفصيح أنها لا تخدم الإبداع الأدبي. فالمشارك في هذه المسابقات لا يسعى إلى إرضاء شيطان الشعر، لأن الملهم الأول في هذه المسابقات هو المال والنجومية.. ولتحقيق ذلك الهدف يعمل المتسابق بمبدأ «إللي تغلب به العب به»! ومن أوراق اللعب الرابحة المديح؛ مديح البلد المضيف وشخصياته البارزة.. ومنها كسب ودّ الجمهور، وإرضاء ذائقته المتواضعة.. عملا بمبدأ «الجمهور عاوز كده» كل ذلك على حساب الإبداع. بقيت ورقة ثالثة هي ورقة لجنة التحكيم.. وهي اللجنة التي يفترض أن يمتلك أعضاؤها ذوقا رفيعا وحسا نقديا عاليا لا يمزج القيمة الخلقية والاجتماعية بالقيمة الجمالية للنص .. فالنص الشعري إما أن يكون جيدا أو رديئا بغض النظر عن الموضوع الذي يعالجه، وبغض النظر عن القيمة الخُلُقية والمفاهيم المتعارف عليها .. ولأن لجان التحكيم تراهن كثيرا على تلك القيمة، يجد المتسابق في متناوله ورقة أخرى أكثر تأثيرا من ورقة القيمة الجمالية، وقد يتنازل عن قراءة نصٍ جميل لصالح نص يدعم رصيده من النقاط. ويمكننا أن نستحضر، هنا، مشهدا من مشاهد التقييم لإحدى مسابقات الشعر الشعبي. فما أن ينتهي الشاعر من إلقاء قصيدته، حتى تتدفق تعليقات أعضاء لجنة التحكيم على النحو التالي: «بيَّض الله وجهك على هذي القصيدة.. صح لسانك.. وأهنيك على هذا النص».. يبتسم الشاعر، ويضع يده على قلبه في انتظار تعليق العضو الآخر الذي يبادر قائلا: «سلكت في هذا النص ما يشبه اللغز (!!) وقارنت بين الماضي والحاضر..» قد يحاول العضو الثالث أن يكون مختلفا عن زميليه، لذلك يقول مخاطبا المتسابق: «قوَّاك الله يا فلان بس نبي قصيدة غزل».. فيجيب الشاعر قائلا: «ابشر بالسعد».. ويختار قصيدة غزل، وحين ينتهي من قراءتها يعلق عضو لجنة التحكيم قائلا: «عزّ الله ما فيك حيلة»! بمعنى أردنا أن نجد مأخذا واحدا ولكن دون جدوى.. وحين يأتي دور عضو لجنة التحكيم الرابع يكون تقييمه على شاكلة هذه التعليقات: «عندك تدفق شعري عجيب.. إلقاؤك جميل .. حضورك جميل .. مطلع القصيدة جميل .. والمضمون مسكّت».. وغالبا ما يكون المضمون (المسكِّت) هذا مرتبطا بالمديح والفخر وبعث الأمجاد من تحت الأنقاض .. وما شابه ذلك من شعر (الفشخرة) أو الحماسة. تعليقات هي من قبيل تحصيل الحاصل، تفسّر الماء بالماء .. حيث لا توجد أية إضافة في هذا التفسير، ولكنها شكل من أشكال التكرار البعيد عن الخلق والابتكار.. وهي أشبه بقول الشاعر: كأننا والماء من حولنا / قوم جلوس حولهم ماء. تمنيت، وأنا أتابع إحدى تلك المسابقات، لو تُوظّف، يوما ما، للشعر الشعبي الساخر، فهذا اللون من الشعر يجمع بين المتعة والفائدة .. ويعبر عن الواقع بطريقة ضاحكة.. وهو لون أدبي يتفوق على كثير من تلك النصوص الغثة المفتعلة، بل هو أكثر إمتاعا وإبهاجا للنفس منها. وقد أحسن الشاعر إبراهيم الخالدي صنعا عندما جمع في كتاب له بعنوان (المستطرف النبطي) نوادر وقصائد ساخرة من هذا اللون. تصورت، عندئذ، عضو اللجنة يخاطب المتسابق بقوله: «قوَّاك الله يا فلان..بس نبي منك قصيدة غزل» فيجيبه الشاعر الشعبي الساخر قائلا: «ابشر بالسعد» ويبدأ قصيدة غزلية مطلعها: «حبَّكْ حشرني حَشْرَة القيرْ باثنين/ الضغط ستهْ والتوايرْ مصاليخْ». وحين يطلب منه المزيد يبدأ بقصيدة أخرى مطلعها: «قلبي قَبلْ فَرْقاك ما ينقص الزيتْ/ واليوم أزيده بكلّ مشوار علْبَهْ» . لا أعرف من قائل هذه الأبيات الضاحكة التي تستمد قاموسها الشعري من محلات (البنشر) ومحطات البنزين. فكثير من هذه الطرائف مجهولة المؤلف، ربما يعود ذلك إلى السبب الذي أشار إليه مؤلف (المتطرف النبطي)الذي يرجح أن يكون إغفال اسم المؤلف ناتجا عن رغبة الشعراء في إبعاد صفة (المضحك) عنهم، أو أنها انتشرت بالرواية وأضاعت المناقلة الشفاهية أسماء مؤلفيها. ومع ذلك فإنها أجمل وأمتع من القصائد الفاترة التي لا تضحك ولا تثير الدهشة. فالشعر، حسب رأي أحد نقادنا القدامى، إما أن يكون حارا.. أو باردا.. وقد حذرنا من الشعر الفاتر، لأنه كما يقول: «صفعٌ كله»! ولعله يشير بهذه العبارة إلى البيت القائل: «وشاعر لا تستحي أن تصفعه» ! وسلامتكم. [email protected]