اكتملت الاستعدادات في العاصمة القطرية لاحتضان القمة العربية في دورتها العادية الحادية والعشرين، التي ستعقد غدا الاثنين وبعد غد الثلاثاء. وتواجه القمة تحديات كبيرة حيث تبحث عددا من الملفات السياسية الساخنة، التي شرع وزراء الخارجية العرب في التحضير لها على مدى اليومين الماضيين، في حين سبقهم وزراء المالية والاقتصاد في اتمام مناقشة الملف الاقتصادي للقمة، الذي تتصدره هو الآخر قضايا بالغة الاهمية. وحسب وزراء ومسؤولين مشاركين في القمة تحدثوا لـ «اليوم» فإن ثلاثة ملفات سياسية ساخنة تتصدر قمة الدوحة، يأتي في مقدمتها استكمال المصالحة العربية التي انطلقت في قمة الكويت في يناير الماضي بخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث اطلق مبادرة للمصالحة لا تزال تأثيراتها ممتدة على اكثر من محور عربي بهدف تنقية الأجواء بين كافة الدول العربية. وعن ذلك يقول يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان: ان قمة الدوحة تأتي امتدادا لاستكمال اجواء المصالحة العربية التي اتخذت خطوات سابقة على طريق اعادة اللحمة العربية، ونأمل في ان تسفر القمة العربية في قطر عن تعزيز جهود المصالحة. ويبدي وليد المعلم وزير الخارجية السوري تفاؤله باستكمال المصالحة العربية خلال قمة الدوحة، قائلا: الخطوات الأولية على الطريق الصحيح بدأت، ونبذل كل جهدا لأن تكون المصالحة شاملة، فيما يشير ابو بكر القربي وزير الخارجية اليمني الى ان قمة الدوحة تعد انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك وتحقيق المصالحة العربية.
ويضيف: من المهم ان تستمر جهود المصالحة العربية وتعزيز الثقة بيننا حيث لا توجد عوائق امام ذلك. ويقول مراد مدلسي وزير خارجية الجزائر لـ «اليوم» ان قمة الدوحة ستكون فرصة للدفع للامام للحلول الثمينة، وقد لا تكون النهائية لكثير من المشاكل التي تعاني منها الامة العربية خاصة مشكلة فلسطين وكذلك الخروج برؤية قوية للتضامن مع السودان وغيرها من القضايا التي ستطرح للنقاش على جدول اعمال القمة وكذلك على مستوى الوزراء. ويضيف: المصالحة العربية تتطلب جوا ايجابيا وهذا الجو موجود اليوم خاصة بعد قمة الكويت الاخيرة وكذلك الاتصالات على المستوى الثنائي بين القادة العربية حيث تقدموا في المصالحة، لكن المصالحة مرتبطة بأمور معينة لا بد من توحيد الرؤية فيها، وهي النقاط التي ستتم دراستها بندا بندا خلال القمة حتى نخرج برؤية موحّدة كخطوة اساسية لتعزيز المصالحة. والى جانب قضية المصالحة العربية، تبرز قضية مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير. ويرتقب ان تعلن القمة موقفا قويا برفض مذكرة التوقيف بحق البشير والتضامن معه، حيث سيصدر قرار خاص فيما يتعلق بهذه المذكرة، يشير الى التأكيد على حصانة رؤساء الدول، والطلب من مجلس الامن تحمل مسؤولياته تجاه حفظ الامن والسلام في السودان. وفي هذا السياق يقول عبد القادر حجار مندوب الجزائر بجامعة الدول العربية لـ«اليوم» ان هناك توافقا عربيا على القرار المتعلق بمذكرة توقيف البشير، فكافة الدول العربية ترفض قرار التوقيف وتستقبل البشير ولا تلقي القبض عليه. الملف الثالث الذي سيتصدر حيزا كبيرا من مناقشات القادة في قمة الدوحة هو مبادرة السلام العربية وتطورات القضية الفلسطينية وجهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية. وفي هذا السياق يقول الدكتور رياض المالكي وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني لـ «اليوم» ان القمة العربية ستدعم بقوة الجهود المبذولة من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية. وحسب مسودة مشروع القرار المتعلق بالمبادرة العربية، فان القمة ستطالب إسرائيل بالتعامل الإيجابي وبجدية ومسؤولية مع مبادرة السلام العربية بكافة عناصرها كمشروع عربي متكامل لتحقيق الحل العادل والشامل لمختلف جوانب الصراع العربي الإسرائيلي على كافة المسارات، والتأكيد على انه لا يمكن التوصل الى سلام عادل وشامل في ضوء استمرار سياسة التسويف والمماطلة الإسرائيلية والاستمرار في رفض مبادرة السلام العربية. بالاضافة الى دعوة جميع الدول والأطراف التي شاركت في مؤتمر أنابوليس الى مواصلة جهودها لتنفيذ التفاهمات التي اقرت حتى يمكن اجراء مفاوضات جادة على جميع المسارات وتتناول قضايا الوضع النهائي وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والانسحاب الاسرائيلي من جميع الاراضي العربية المحتلة الى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 بما فيها الجولان العربي السوري المحتل، والاراضي التي لا تزال محتلة في جنوب لبنان. والتأكيد على اهمية استمرار التحرك العربي مع اللجنة الرباعية الدولية وحثها على بذل مزيد من الجهد لدفع وتحريك عملية السلام، الامر الذي اصبح اكثر إلحاحا في ضوء الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة التي سيتم تشكيلها، والتي قد تمثل عقبة اساسية امام جهود إحياء عملية السلام، وكذلك التأكيد على اهمية اجراء اتصالات مكثفة مع الادارة الامريكية الجديدة لطرح مبادرة السلام العربية بوصفها المشروع العربي المتكامل لتحقيق السلام في المنطقة وذلك في ضوء التصريحات الايجابية الصادرة عن الادارة الامريكية. فضلا عن التأكيد على استمرار تكليف اللجنة الوزارية العربية الخاصة بمبادرة السلام العربية والامين العام بإجراء تقييم شامل ومراجعة لخطة التحرك العربي إزاء جهود إحياء عملية السلام في المنطقة في ضوء المستجدات والتطورات الإقليمية والدولية والتحديات التي تواجهها المنطقة خاصة في اعقاب العدوان الاسرائيلي العسكري على قطاع غزة. وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، فإن مسودة قرار قمة الدوحة بهذا الخصوص تنص على توجيه تحية إكبار وإجلال للشعب الفلسطيني في مقاومته الباسلة لمواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ودعم صموده ومقاومته هذا العدوان .. والإدانة الشديدة للعدوان الاسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، والذي أوقع الآلاف من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، خاصة بين المدنيين من الاطفال والنساء، وأحدث دمارا هائلا وشاملا للبنية التحتية والمؤسسات العامة والخاصة، والمطالبة برفع الحصار الجائر، وتحميل اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال المسؤولية القانونية والمادية عما ارتكبت من جرائم حرب، وانتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني، والطلب من مؤسسات الامم المتحدة ذات العلاقة، التحقيق بجرائم الحرب الاسرائيلية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة جراء هذا العدوان الغاشم وملاحقة المسؤولين عن تلك الجرائم وإحالتهم الى المحاكم الدولية. كما تشير مسودة القرار الى إعادة التأكيد على الالتزام العربي بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي وأن عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها والتأكيد على ان السلام العادل والشامل في المنطقة يتحقق من خلال الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بما في ذلك الجولان العربي السوري المحتل وحتى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة من جنوب لبنان، والتوصل الى حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة وللأمم المتحدة رقم (194) لسنة 1958 ورفض كافة اشكال التوطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف وفقا لما جاء في مبادرة السلام العربية التي أُقرت في قمة بيروت وأعادت التأكيد عليها قمة الرياض، ووفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. والتأكيد على ان دولة فلسطين شريك كامل في عملية السلام وضرورة استمرار دعم منظمة التحرير الفلسطينية في اي مفاوضات مستقبلية حول قضايا الوضع النهائي بناء على مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية وضمن جدول زمني محدد، والتأكيد ان قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية هي وحدة جغرافية واحدة لا تتجزأ لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على كافة الاراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ورفض كافة المحاولات الرامية إلى تفتيت وحدة الأراضي الفلسطينية وكافة الاجراءات احادية الجانب التي تتخذها اسرائيل. والتأكيد على قدسية وعروبة القدس مهبط الديانات السماوية ورفض كافة الاجراءات الإسرائيلية غير الشرعية التي تستهدف تهويد المدينة وضمها والمساس بهويتها العربية الإسلامية والمسيحية وإدانة مصادرة الاراضي وهدم المنازل وبناء وحدات استيطانية، وإدانة أعمال الحفريات الاسرائيلية أسفل ومحيط المسجد الاقصى التي تهدد بانهياره، ودعوة المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية لا سيما منظمة اليونسكو الى تحمل مسؤوليات في الحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية. والإدانة الشديدة لاستمرار اسرائيل في بناء مستوطنات وتحميل اسرائيل (قوة الاحتلال) مسؤولية تدهور الاوضاع في الاراضي الفلسطينية ومطالبتها بالوقف الفوري لممارساتها الاجرامية المستمرة ضد المدنيين وكذلك ادانة سياسة الحصار والعقاب الجماعي والجدار العنصري ومصادرة الاراضي والاغتيالات والاعتداء على المقدسات المسيحية والإسلامية وانتهاك حرمتها في تحد صارخ لاتفاقية جنيف الرابعة وقواعد القانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، ودعوة مجلس الامن في الأمم المتحدة الى تحمل مسؤولياته ازاء هذا الوضع. وبذل المساعي والجهود لدى المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل للإفراج عن جميع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب الذين بلغ عددهم اكثر من أحد عشر ألف اسير يقبعون في سجون الاحتلال بمن فيهم القيادات السياسية والتشريعية ومطالبتها بالإفراج عنهم طبقا لقواعد وقوانين الشرعية الدولية وفي مقدمتها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الرابعة عام 1949 والتحرك على المستوى الدولي للإفراج عنهم واعتبار يوم 17 ابريل من كل عام يوما عربيا للأسير الفلسطيني. والإدانة الشديدة للجرائم الوحشية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلية في قطاع غزة وباقي الاراضي الفلسطينية المحتلة التي أدت الى سقوط الآلاف من الشهداء والجرحى المدنيين وخلفت دمارا واسعا في المرافق الحيوية وأصابت الحياة المعيشية اليومية للفلسطينيين بأفدح الخسائر في خرق مستمر للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة السكان المدنيين تحت الاحتلال، بما يتطلب اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل استمرار اسرائيل بارتكاب حرب ابادة ضد الشعب الفلسطيني، واعتبار هذه الجرائم الإسرائيلية جرائم حرب تستدعي اتخاذ الاجراءات اللازمة إزاءها ومعاقبة مرتكبيها. واحترام الشرعية الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس وتثمين جهوده مع كافة الاطراف الفلسطينية والعربية في مجال المصالحة الوطنية وإنجاح الحوار واحترام المؤسسات الشرعية للسلطة الوطنية الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب، والالتزام بوحدة القرار الفلسطيني من اجل الحفاظ على مكتسبات وحقوق الشعب الفلسطيني المعرض للخطر، والترحيب ببدء المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تشكل الضمانة الحقيقية الوحيدة في سبيل الحفاظ على الحقوق الوطنية المشروعة والوثابة للشعب الفلسطيني وتثمين الجهود العربية خاصة جهود جمهورية مصر العربية بهذا الشأن.