DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

غازي العريضي

غازي العريضي

غازي العريضي
 غازي العريضي
أخبار متعلقة
 
في عام 2002، كان الأمير عبدالله بن عبدالعزيز أمير المبادرة العربية وأمير المصالحة في قمة بيروت العربية. فاجأ الجميع عندما دخل إلى قاعة القمة يمسك بيد عزت إبراهيم نائب الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. وفي القمة، وبسبب هذا الموقف كانت مصافحة بين الشيخ صباح الأحمد الصباح وعزت إبراهيم، وكان اللقاء الأول بين مسؤولين كويتي وعراقي بعد احتلال عراق صدام الكويت والتسبب بما جرى على المستوى العربي عموماً من انقسام وتفكك وفرز، وعلى مستوى استقدام القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات الأميركية إلى المنطقة ممّا أسس لاحقاً إلى احتلال أميركي للعراق. الأمير عبدالله آنذاك، استخار ربّه كما يقول دائماً. فنظر إلى واقع الأمة المنقسم والمأزوم، وأطلق مبادرة لا يمكن أن توضع على الطاولة وأمام المجتمع الدولي إذا لم يكن العرب موحدين ولو حول الحد الأدنى. وكانت إسرائيل آنذاك قد منعت رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات من المشاركة في القمة. كما منعت السلطات اللبنانية هذا الرمز الكبير من إلقاء كلمة من مقر إقامته في فلسطين. أراد عبدالله بن عبدالعزيز أن يقول لكل العالم: ليس صحيحاً أن إسرائيل هي المبادرة. وهي التي تريد السلام، وقد طرحت خططها وأفكارها! وأراد أن يكشف زيف هذه الادعاءات وأن يؤكد أن العرب بإمكانهم التلاقي والتوحد والمبادرة وأن إسرائيل لا تريد فعلياً السلام. والدليل أن العرب جميعاً قدموا مبادرة شجاعة وباتت إسرائيل مطالبة بقول كلمتها. كما أراد أن يقول إن إمكانية معالجة آثار الجرح العربي بعد احتلال العراق للكويت قائمة، وعلى أساس مبادرة عربية تنبع من إرادة الأشقاء. الأمير عبدالله آنذاك بادر وفتح الأبواب في كل الاتجاهات في سياق إدارة حكيمة لمعركة العرب دفاعاً عن حقوقهم وقضاياهم وإبرازاً لمواقفهم على حقيقتها أمام العالم وتأكيداً لدورهم المبادر والفاعل على كل المستويات. كانت مواقفه تعبيراً عن الإرادة الصادقة في تأكيد الأخوة والتضامن وعن الإدارة الواعية للتعبير عن هذه الإرادة. والتلازم قائم دائماً بين الإرادة والإدارة. فلا يكفي أن تمتلك إرادة. هذا ضروري ولكنه ليس كافياً؛ لأنه لم تتوافر إدارة سليمة عاقلة مبرمجة لترجمة هذه الإرادة والدفاع عن القضية التي تسعى إلى تحقيقها. للأسف، مكابرة صدام أجهضت كل شيء. وأسقطت كل الفرص وأدت إلى احتلال العراق والمآسي التي يعيشها الشعب العراقي والعرب عموماً اليوم. في قمة الرياض عام 2007، فاجأ الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحاضرين والمشاهدين والمراقبين والمتابعين في العالم بموقفه النقدي للواقع العربي ولتقصير المسؤولين كل المسؤولين عن نصرة القضية الفلسطينية والإخوة الفلسطينيين وكان قبل القمة بأيام عقد اتفاق «الصلح» بين حركتي «فتح» و»حماس» في مكة، لكن الخلافات والتناقضات والتدخلات العربية أسقطت الاتفاق، ودفع الفلسطينيون الثمن. في قمة الكويت الاقتصادية عام 2009، وفي ذروة الخلافات العربية، وفي ظل قطيعة سعودية – سورية، وخلاف سوري – مصري، ومصري – قطري إثر العدوان الإسرائيلي على غزة. وتداخلات وتدخلات المواقف والممارسات الإيرانية من البحرين إلى غزة ولبنان والعراق والخليج عموماً، وانعكاسات ذلك على الموقف العربي، خرج خادم الحرمين الشريفين على العالم كله بمفاجأة جديدة أعلن فيها طي صفحة الماضي، صفحة الخلافات وتأكيد الأخوة العربية مع الجميع دون استثناء؛ لأن المهم هو فلسطين، وقضيتها وشعبها والموقف العربي المتضامن حولها وعدم إفساح المجال أمام أي فريق أو دولة للتلاعب على الخلافات والتناقضات العربية وتصفية حقوق العرب. ملك الصلح والوفاق مرة جديدة، كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز، استخار ربه أيضاً وفكر كثيراً وقرر بوحي من ضميره وإرادة ربه. لا يريد رؤية فلسطين تضيع، وأهلها يقتلون أو يتقاتلون؛ لأن العدو يريد قتلهم والأشقاء مختلفون وهم فوق خلافاتهم يتقاتلون على الأرض التي دمرتها إسرائيل. لا يريد رؤية الأطفال الفلسطينيين مشردين من دون أمل بالأرض والحق والعيش الحر والكريم. لا يريد رؤية الأمة مفككة وهو في موقع القيادة والمسؤولية. وفي نظره كل القضايا تحل بالحوار والاحترام المتبادل. هكذا يفكر الرجال الكبار وعبدالله بن عبدالعزيز هو اليوم رجل الرجال وكبير الكبار. أقول هذا الكلام مسايرة تعبيراً عن واقع فرض نفسه بالمبادرة والموقف والكلمة الشجاعة وبالممارسة، كثيرون كانوا يعتقدون أن ثمة شبه استحالة في ترميم العلاقة بين سوريا والسعودية، وبين سوريا ومصر. الحقيقة تثبت نفسها على أرض المملكة. لا شيء مستحيل، كل شيء ممكن، فكيف إذا كان المبادر ملك الصلح والوفاق؟ المهم اليوم، وبعد قمة الرياض، وبعد قمة الدوحة، ألا يفوت أحد الفرصة كما حصل في السابق، بل إن يستفيد الجميع من الأبواب المفتوحة، من المبادرة الكبرى ومن التجارب السابقة. كل العرب مهددون، وكل فلسطين مهددة والعدو واحد. من هنا، ينبغي التحضير الجيد لقمة الدوحة والاستفادة من المناخات التي أسسها خادم الحرمين الشريفين للتفاهم على المبدأ وعلى المنهج. والمنهج مهم، فلا يقللّن أحد من أهميته لأنه جزء من الإدارة وكما أشرنا هي ملازمة للإرادة. إن العبرة هي في الترجمة والالتزام بالأمانة والمسؤولية. وفي ظل هذه الحركة الدولية التي تحمل الكثير من المتغيرات والتحولات والمخاطر، ومع تشكيل حكومة عنصريين إرهابيين مجرمين في إسرائيل تريد تهجير المزيد من الفلسطينيين وبناء المزيد من المستوطنات، ومن كل مبادرات السلام، وفي ظل صراعات في المنطقة على ساحات وملفات وقضايا من أفغانستان إلى العراق مروراً بباكستان ودور إيران في كل ذلك وصولاً إلى سوريا وفلسطين ولبنان، وأوضاع الخليج ومظاهر الغليان في بعض المواقع، المهم في مواجهة كل ذلك أن يمتلك العرب الرؤية والحد الأدنى من التوافق وحسن الإدارة وحسّ المسؤولية. هكذا قدّم نفسه خادم الحرمين الشريفين وقدّم للعرب فرصة جديدة عسى أن يستفيدوا منها.  الاتحاد الإماراتية