DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

مطلق العنزي

مطلق العنزي

مطلق العنزي
مطلق العنزي
أخبار متعلقة
 
ماذا تعرف عن السودان؟ أغلبنا، لا يعرف شيئاً، لأن ثقافتنا «شمالية»، حتى مثقفونا، وما يتوسمون في أنفسهم أنهم مثقفون، شماليو الهوى. ونعطي لـ«الجنوب» ظهورنا المليئة كثيراً بالفراغ.. هذه الثقافة، الموغلة بالجهوية، واحدة من ثمار العزل العنصري، والنفاق البشري التاريخي لتبجيل الأقوى. ستجد مثقفاً «عرمرميا» في جدة أو القاهرة أو صنعاء مثلاً، لم تطأ قدمه العالم الجديد، ولكنه يعرف تفاصيل عن نيويورك والمسيسبي والهنود الحمر، و«لوعات» هارلم السوداء كظلمات ليالي السهد، و«أحزان الطرف الشرقي». وأيضاً يعرف القبائل السكسونية التي توطنت في بريطانيا والثورة الفرنسية وكاترين دي مديشي، ونابليون وقيصر وخنجر بروتس، وكل مدن النيون الفارهة التي تبعد آلاف الكليومترات. ولكنه لا يعرف السودان، التي تبعد عنه بضع مئات من الكليومترات. وكي أكون اميناً، فإنني أيضاً كنت لا أعرف من السودان سوى بضع لمحات تاريخية عن دارفور والنوبة. وأعرف أيضاً أن السودان مليء كثيراً بـ«الأزوال» (وقد تأكدت من ذلك بنفسي) الذين يتميزون، عموماً، بصدق جم وأمانة واعتزاز رائع بالنفس، خليق بكرام الناس. ويتميزون أيضاً بنظافة السريرة والجسم. ونظراً لسفري إلى السودان فإنني اهتممت كثيراً بأن أعرف أكثر من معرفتي السطحية عن هذا البلد. واكتشفت أيضاً أن السودانيين يتركون جميلاتهم القهويات في السودان، ربما خوفاً من الحسد. وهناك المرأة السودانية مثل الرجل «تتحلى» أيضاً بثقافة مستنيرة رفيعة، وهي، أي الثقافة والتنوير، «الماركة» السودانية المميزة في سواد العرب من المحيط إلى الخليج. وقد لمت نفسي لأنني لم أتفقه بتاريخ هذه البلاد العظيمة، ومهد النيل، هذا الماء الخالد الذي يمتد من فكتوريا (حيث ينبع النيل الأبيض في أوغندا) وتانا (حيث ينبع النيل الأزرق في أثيوبيا) إذ تصب الشاهقات كرائمها. ويجتمع النيلان في الخرطوم، ليشكلا خط الماء الخالد، اللغز التاريخي، الذي نمت على ضفافه حضارات وطموحات وانتصارات وهزائم وآهات ودموع وكثير من ميثيولوجيا الصراع والاعتراف. والذي يذهب إلى السودان، سوف يتأكد بنفسه، مدى سخف «الفرية» الموغلة في السماجة والضلال التي تشيع الكسل بين السودانيين، وأشهد أن هذه الفرية استمرت ثقيلة على قلبي كما يجثم جبل البركل المهيب على ضفاف مروي . وقد شهدت حفل تدشين ربط كهرباء سد مروي بالشبكة الوطنية في الثالث من الشهر الجاري. وهذا السد، وهو «مشروع القرن في السودان»، كما يسميه الرئيس عمر البشير، هو برهان عملي، منذ فكرته، وتمويله، وتنفيذه على الإبداع السوداني الخلاق. وهو فعل «الرد.. الرد» كما كان ينشد الرئيس البشير مع مواطنيه في حفل السد، على الغريزة العدوانية لمدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو، و«شلة» العنصرية البيضاء. وأصبح الخالدون ثلاثة: النيل الأبيض والنيل الأزرق.. وروعة السودانيين. *وتر اسقني من عذوبة النيل.. وأناشيد صبايا الضفاف.. من حيث يعزف الماء ترانيم الخلود.. إذ تحتفل القهويات الهيف، للماء العابر المهيب ونهر لا ينام. [email protected]