DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أحمد دحمان

أحمد دحمان

أحمد دحمان
أحمد دحمان
أخبار متعلقة
 
أول ما يتبادر إلى أذهان الكثير حينما يسمع كلمة «فلسفة» أنها الهرطقة وكثرة الكلام والثرثرة والتفكير فيما لا يعني. وإذا أراد بعضنا أن يوصم الآخر: فإنه يصفه بـ «فيلسوف». وقد سمعت ذلك بنفسي حيث إن ابنتي الصغيرة إذا غضبت على احد إخوانها وصفته بأنه «سيلسوف» أي فيلسوف. ومما ألفناه اجتماعياً أن الفلسفة على إطلاقها شر محض وأنها معادية للدين والعلم والقيم والعادات الاجتماعية دون فهم لحقيقتها وتسليم عقول البعض للآخرين في الحكم عليها إما كسلا عن البحث أو الثقة الزائدة في الآخرين. فما هي الفلسفة وما أهميتها؟ سؤال يطرح من حين لآخر ويحتاج إلى إجابة. وباختصار شديد نذكر الفلسفة هي «التفكير في التفكير» أوالتأمل والتدبر في الأشياء من حولنا، ومعناها الاشتقاقي يعود إلى لفظتين يونانيتين هما « Philo» وتعني محبة و « ٍSophia» وتعني الحكمة، فيكون معناها محبة الحكمة. كما أنها تعرف بعدة تعريفات منها أنها تعني تنمية فن التساؤل عن كل شيء والبحث عن ماهيته ومظاهره و قوانينه، ومحاولة الوصول إلى الحكمة والحقيقة، وممارسة التنظير المعرفي والتحليل العقلي للماضي والحاضر واستشراف بعض ملامح المستقبل. ومن أهم أسباب الغموض الشديد في تفهم الفلسفة والفلاسفة، بعد الفلاسفة عن الرأي العام نتيجة للنظرة السلبية التي يتعامل بها الرأي العام تجاه المفكرين والفلاسفة الكبار بسبب ابتعاد الفلاسفة عن قضايا المجتمع وأماكن التأثير فيه واقتصارهم على نخبة محدودة، واشتغالهم بالقضايا الفلسفية المجردة في بحوثهم الأكاديمية التي يغلب عليها البعد عن الشأن العام خشية التصادم مع الواجهات الثقافية والاقتصادية والفكرية السائدة، إضافة إلى بعد الفلاسفة عن «التفكير الجمعي» الذي يغلب عليه التهريج والانفعال والانسياق وراء الأهواء وتغييب العقل والإرادة عند عامة الناس. الفلسفة لها أهمية كبرى في دفع عجلة الحياة لأنها تقدم للعلوم والمعارف الأساس المعرفي والعقلي مما يجعلها أكثر دقة وعمقا وشمولا، وتسير بالعلوم إلى التطور المستمر والإبداع، وإلا بقيت هذه العلوم والمعارف عرضة للسطحية والارتجال، وتساعد الفلسفة في جعل العقل أكثر تكاملا لتحصيل معرفة متينة ومترابطة الأجزاء، وتنمية القدرة على الحوار مع الآخرين، ووضع أولويات الأمور، وإيجاد حلول عميقة وحقيقية دون الاكتفاء بالسطحية والشكليات. وترتبط الفلسفة بكل العلوم والمناهج والتخصصات، ومواضيع اهتماماتها تشمل فلسفة الدين والمعرفة والأخلاق واللغة والعقل والفن والعلوم والجمال والمنطق، فهناك فلسفة العقل وفلسفة القانون وفلسفة العلوم ( الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والعلوم الاجتماعية) وفلسفة التعليم والبيئة والتاريخ. وهي قاعدة البناء الفكري لأي عمل أو علم منظم. كما أن الفلسفة تبحث في العوائق التي تعيق التقدم الاجتماعي والثقافي بإمداد المجتمعات بوسائل جديدة نحو البحث عن حلول جديدة للتغيير دون الإنقاص من قيمة الأفكار السائدة. وجميع المجالات التي تعالجها الفلسفة تعالجها العلوم، ولكن الفلسفة تختلف عن العلوم بأنها تدرس العلاقات التي تربط بين كل العلوم بتكامل وشمولية مع عدم الاكتفاء بملاحظة الظواهر بل البحث عن أسبابها بشكل منظم ومنهجي. الأفكار الفلسفية الصحيحة أو الخاطئة هي التي تقود المجتمعات بوعي أو بدون وعي، ومع ما يعتقد من انه ليس للفلسفة تطبيقات مباشرة يمكن إدراكها، إلا أن تأثيراتها عميقة مثلها مثل المهندس الذي يصمم بناية بكل تفاصيلها ولكنه لا يتدخل في تنفيذ أعمال البناء. ومساهمة واستشارات الفلاسفة تقدم في المجتمعات المتقدمة عن استشارة العلماء المتخصصين وذلك لأن الفلاسفة يمتلكون قدرا من بعد النظر ورباطة الجأش والرؤية المستقبلية بشكل لا يتوافر في المتخصصين، والفيلسوف ينظر إليه في الغرب على أنه طبيب الحضارة والمجتمع الذي يعالج أمراضه، مع التنبيه أنه لا يمكن أن ينتظر من الفلسفة أن تحل كل المشاكل ولكنها تبحث في ذلك ويعتريها ما يعتري العلوم والمعارف الأخرى من أمراض ونواقص. وهناك فجوة واضحة بين الفلسفة والدين يمكن أن تفكك وتحلل بشكل أفضل لمعرفة أين يلتقيان وأين يفترقان؟ مع الاستفادة من التجارب الفلسفية لكثير من العلماء كـابن رشد والغزالي ومحمد عبده ومحمد إقبال وابن خلدون لأن الفلسفة تعطي الأساس العقلي لكثير من حقائق الإيمان، وتتكامل مع الدين في تنمية التفكير والتساؤل الإجابة عن الأسئلة المحورية في الحياة نحو: ما الحياة؟ ومن أتينا؟ إلى أين سنذهب؟ وماذا يعد الموت؟ ومع أنه من الصعب الاستفادة من الفلسفة لتعميق الحقائف الإيمانية، إلا أنها كما يذكر العديد من أصحاب الخبرة بحر يختلف عن البحار الأخرى حيث يجد راكبه الخطر والزيغ في سواحله لكنه يجد الإيمان والطمأنينة في أعماقه « كتاب قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن». [email protected]