DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الوفد السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين في قمة حوار اتباع الأديان ـ ثقافة السلام

مبادرات الحوار دعوات خير عالمية تقدم الملك عبدالله كرائد تاريخي للإصلاح

الوفد السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين في قمة حوار اتباع الأديان ـ ثقافة السلام
الوفد السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين في قمة حوار اتباع الأديان ـ ثقافة السلام
كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لدعوة علماء الأديان والعقائد العالمية ومفكريها إلى الاجتماع والتحاور والتفاهم، مبادرة غير مسبوقة في التاريخ بالنظر إلى حجم المبادرة وشمولها والمستويات التي وصلت إليها . فبدأت بدعوة للعلماء المسلمين لعقد مؤتمر إسلامي عالمي في مكة المكرمة في يونيو الماضي، ومرت بدعوة علماء الأديان والعقائد العالمية لعقد مؤتمر عالمي في مدريد . وانتهت إلى مؤتمر عالمي لقادة دول العالم في الأمم المتحدة في الشهر الجاري . وكانت للمبادرة أصداؤها وعواملها وأهدافها ومؤثراتها في علاقات الشعوب راهناً ومستقبلاً . «اليوم» استضافت المتابعين للمبادرة استضافت الدكتور عبدالرحمن العصيل استاذ العلوم السياسية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والدكتور شافي الدامر رئيس قسم الدراسات العامة وأستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن للحديث حول المبادرة وآفاقها الجديدة . صانع المبادرات التاريخية * اليوم : كل زعيم يتمتع بشخصية خاصة تعبر عن طموحاته واهتماماته . وخادم الحرمين الشريفين أصبح يعرف عالمياً بأنه صانع مبادرات إنسانية وتاريخية، والتي آخرها دعوته زعماء العالم لعقد مؤتمر دولي في مقر الأمم المتحدة لتفعيل الأخلاقيات الدينية وثقافة السلام في خدمة الشعوب والمجتمعات في العالم . كيف نرى شخصية الملك عبدالله في هذا السياق ؟ ـ د.العصيل : دون شك فإن لخادم الحرمين الشريفين مواقف مشهورة ومذكورة ومعروفة ، فيما يتعلق بمبادراته التي تعبر عن شخصيته أفضل تعبير . وقد بدأت مبادراته في الداخل قبل أن تبدأ في الخارج . وبدأ مبادراته الداخلية بالإصلاح الداخلي بكافة جوانبه سواء الإصلاح التنظيمي او الاقتصادي او الاجتماعي او الفكري . وإصلاحاته الاقتصادية تشهد في كل مكان لأنه يبحث عن رخاء المواطن . وينهج اسلوباً مثالياً في اصلاحاته . فهو لم يستثن شريحة من شرائح المجتمع، بدءاً من رجال الدين والمثقفين والأكاديميين والطلاب . فالحوار الوطني أصبح مبادرة مستمرة وحية . وسلسلة مبادراته تدل على أنه يرتب الأولى بشكل متقن وعملي . وركز على الجامعات لأن العلم وسيلة لا غاية . لأن الغاية هي النهضة . ولهذا تعتبر جامعة الملك عبدالله جامعة نوعية وهي مبادرة مميزة وليست مجرد مشروع أكاديمي . واعتبر أن جهوده الاصلاحية هي مبادرات لإصلاح الشأن الداخلي . وأيضاً تعدت مبادراته المحلية لتشمل أبعاداً أخرى تؤثر في علاقاتنا اليومية وحياتناً، سواء في الشأن الاقتصادي او الاجتماعي او الأكاديمي، وكل جهود في هذه المجالات هي مبادرة خاصة بالمجال . ونلاحظ ان مبادرات خادم الحرمين الشريفين شملت بعدا محليا وبعدا خليجيا وبعدا عربيا وبعدا اسلاميا وبعدا عالميا وبعدا دوليا . كل هذه الأبعاد ترتبت عليها الأولويات التي طرقتها مبادرات خادم الحرمين الشريفين، ولهذا لم تكن توجد حيرة في كيف يبدأ مبادراته ومن أين يبدأ . أبعاد المبادرة * اليوم : خادم الحرمين الشريفين يحمل رسالة السلام إلى العالم .. ـ د.العصيل : من الملاحظات في هذا الاتجاه أن خادم الحرمين الشريفين ينتهج رسالة السلام، وقد بدأ بمحاربة الإرهاب الذي وجه عدوانيته نحو الوطن . لأن المليك يعرف أن مسيرة التطور والرخاء في هذا البلد لا يمكن أن تستمر في ظل تهديدات إرهابية تستهدف الأمن والاستقرار . خاصة أن الأمن هو الركيزة الثانية بعد التوحيد لمنهج الدولة السعودية منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله . فالمملكة كانت ولا تزال مضرب مثل في الاستقرار الأمني . والأمن لا يساوم عليه تحت أي ظرف . لذلك كان تصميم خادم الحرمين الشريفين واضحاً في هزيمة الإرهاب، وقد نجح وأرسى قاعدة الأمن . ثم بدأ يتطلع إلى بلدان الخليج لتواجه المشاكل بحلول تتفادى تأجيل المشاكل . ثم بدأ بالبعد العربي وقدم مشروعاً للسلام يكفل حلاً نهائياً للمشكلة الفلسطينية برضا الفلسطينيين، وتحتل القضية الفلسطينية حيزاً كبيراً من تفكير خادم الحرمين الشريفين واهتمامه، وللتذكير فإن عملة لدينا تحمل صورة القدس، وهذا دليل واضح على الاهتمام بهذه القضية العربية الكبرى . وكذلك مساهماته في تعزيز استقلال لبنان وإنهاء الشقاق هناك . وبذل جهداً مشهوداً لمنع احتلال أمريكا للعراق، إلى درجة أن العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة شابها فتور بسبب عناد واشنطن، ورفض أن تكون المملكة منطلقاً لأية عمليات عسكرية لاحتلال العراق . ثم البعد الإسلامي حيث بدأ جهوده لتقريب وجهات النظر الإسلامية وتعزيز العلاقات، وكانت أحد اهم منجزاته هو حل المشاكل بين المملكة وإيران . في البعد الإسلامي بذل جهوداً للتوصل إلى سلام في افغانستان، ولا تزال جهود المملكة مستمرة لإعادة السلام إلى هذا البلد . كذلك بدأ دعوته لعلماء الأمة الإسلامية بكل تنوع مذاهبهم ليجتمعوا في مكة المكرمة . واجتمعوا في رحاب بيت الله في شهر يونيو الماضي لتصميم رؤية إسلامية واحدة للتعامل مع الآخر . وفوضوا خادم الحرمين الشريفين لعقد مؤتمر حوار عالمي بين أتباع الأديان . وبدأ مبادراته التاريخية لجمع علماء ومفكري الديانات والعقائد العالمية في مؤتمر في مدريد في شهر يوليو برعايته . وتمضخ المؤتمر عن لقاءات حوارية لأول مرة في التاريخ تجمع مفكري الأديان والعقائد بهذا الحجم وهذا المستوى الرفيع من التمثيل . وبناء على هذا المؤتمر العالمي دعا خادم الحرمين الشريفين زعماء العالم لعقد قمة دولية في مقر الأمم المتحدة لتبني مبادرته على مستوى دولي . وتحقق عقد مؤتمر القمة الدولي في يوم الأربعاء 12 و13 نوفمبر الجاري . فشهدنا هذا الدعم الدولي للمبادرة . وبذلك حقق الملك عبدالله رسالته بأن الصراعات التي ينخرط فيها أتباع الديانات والحضارات والعقائد يمكن أن تتحول إلى حوار حضارات وقوة بناءة للتعاون الذي سيثمر سلاماً وأمناً لجميع الشعوب . آلية ثقافة الحوار ـ الدكتور الدامر : إضافة لما قاله الدكتور عبدالرحمن، فإن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لم تأت من فراغ، وإنما تبنت آلية واضحة للمهمة . لأن خادم الحرمين الشريفين يؤمن بفكر الحوار وأسس لذلك ببدء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني . فتحول هذا الفكر من رؤية إلى مؤسسة تعمل وتتحرك وتعطي ثمارها في البناء الاجتماعي . وحقق نجاحات كبيرة . * اليوم : من ثمار الحوار أن قوماً كان يتعادون .. أصبحوا الآن يتزاورون ويتحاورون . ـ د.الدامر : صحيح .. وأصبحت ثقافة الحوار مشاعة في المجتمع وأساسية . ومنهج خادم الحرمين الشريفين لنشر ثقافة الحوار محلياً وخارجياً يقوم على أسس ونهج استراتيجية ثابتة. فالمبادرة العربية للسلام ومبادرات التوسط بين الفرقاء المتنازعين تصب في هذا النهج. وأذكر أنه في مؤتمر الحوار الإسلامي الياباني في الرياض في ابريل الماضي، وحينما التقى المؤتمرون بخادم الحرمين الشريفين تحدث المليك عن أنه يسعى لإيجاد آليات فعالة أكثر لانجاح الحوارات الدينية والثقافية بين الناس بشكل أكثر تأثيراً من الآليات القديمة . كما تحدث عن ضرورة إيجاد حلول للمشاكل العالقة التي تواجه الشعوب . وكانت كلمته في قمة نيويورك تأكيداً لهذا المنهج بأن الأديان التي تسعى إلى سعادة البشر يتعين ألا توظف في شقاء البشر وخلافاتهم. وبدأ، حفظه الله، في مبادرته بدعوة علماء المسلمين للاجتماع في مكة المكرمة حيث تم الاتفاق على إستراتيجية فكرية إسلامية واضحة للحوار مع علماء ومفكري الأديان والعقائد الأخرى . * اليوم : ولا ننسى أن المؤتمر الإسلامي العالمي في مكة المكرمة قد جمع المسلمين بكافة طوائفهم ومذاهبهم ومللهم. وقد فوض العلماء المسلمون خادم الحرمين الشريفين بالدعوة لعقد المؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات . ـ د.العصيل : دعا جميع علماء المذاهب الإسلامية لم يترك أحدا.. وهذا ما أعطى المبادرة العالمية قوة وحضورا. د.الدامر : وعقد مؤتمر مدريد وطلب من علماء ومفكري العالم إستراتيجية واضحة ليذهب بها إلى قادة وزعماء العالم في نيويورك. وفي شهر سبتمبر الماضي أعلن الأمير سعود الفيصل أن المملكة، في إطار مبادرة خادم الحرمين الشريفين، ستدعو الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي لترسيخ ثقافة الحوار بين اتباع الأديان لتكون مشروعا دوليا . كما أن لمؤتمر مدريد رمزية خاصة لأن الذي دعا لاجتماع تحاور الأديان هو خادم الحرمين الشريفين، قائد العالم الإسلامي الذي يرعى مكة المكرمة من بلد يضم مهبط الوحي والحرمين الشريفين . وقد اخذت المبادرة أبعاداً خاصة بحكم أن العالم ينظر إلى خادم الحرمين الشريفين باعتباره زعيماً للعالم الإسلامي . والملك عبدالله يتمتع بـ«كاريزما» خاصة . وشخصيته مؤهلة لطرح مثل هذه المبادرات التاريخية . وهو يتصرف ويتعامل من الضمير ومن داخله وبصدق ولا يستعير عناوين وشعارات من الآخرين . وبذلك فرض شخصيته كزعيم يحظى بالاحترام والمحبة، ليس في الداخل وإنما أيضاً في الخارج . وكان لشخصية خادم الحرمين الشريفين دور هام في إنجاح المبادرة . * اليوم : حتى رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق جورج تينت تحدث في مذكراته عن صدق الملك عبدالله وإخلاصه وأنه شخصية صلبة وموثوقة . على الرغم من أن تينت أورد في مذكراته مثالب أناس كثيرين . كما أن الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز رغم أن المملكة لم تعترف بإسرائيل إلا أنه تحدث عن الاعتدال الصادق للملك عبدالله ونوه بالمبادرة . المنطلقات التاريخية للمبادرة * اليوم : كانت الأديان والعقائد موجودة وعلماؤها ومفكروها يجوبون الأرض . ولكن لأول مرة في التاريخ يبدأ مؤتمر جدي وموسع للحوار بين اتباع الأديان . ولكن لم تحدث محاولة جدية كهذه لتقريب وجهات النظر . بل أن كثيرين في العالم أرادوا توظيف الاختلافات لصناعة الخلاف والشقاق بين الناس . ـ الدكتور الدامر : كانت إرهاصات العلاقات بين الأديان موجودة، مثل الحروب الصليبية، التي كانت توظيفاً للاختلاف بين الأديان لخدمة الأهداف المصلحية التي تنافي مبادىء الأديان . ورغم أن حقبة الحروب الصليبية انقضت وحفظت وفقاً لمعطيات فإن العالم الغربي عاد مرة أخرى إلى الشرق باسم الاستعمار ومرة أخرى تم توظيف الاختلافات الدينية لخدمة الصراعات السياسية . وفي الوقت الراهن واجه المسلمون مشاكل في العلاقة مع الآخر. ووظف السياسيون البعد الديني للعدوان على الآخرين مثل عدوان 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية الذي استهدف مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأمريكية، وقبله ارتكبت اعتداءات ضد مركز التجارة العالمي نفسه وضد سفارات أمريكية . وقد ظهرت في الغرب اصوات دينية ووطنية متطرفة تعادي العالم الاسلامي . كما أن الإعلام الغربي، وبدعم صهيوني، بدأ يتطرف أيضاً ضد المسلمين . أصبحت اية أعمال عنيفة أو جرائم تلصق بالمسلمين . وإضافة إلى التطرف الإعلامي برز التطرف الأكاديمي ، إذ جاء صومئيل هانغتون (قبل أحداث 11 سبتمبر) بنظرية صراع الحضارات والمواجهة بين الإسلام والغرب بعد سقوط الاتحاد السوفيتي . وكانت أحداث 11 سبتمبر القشة التي قصمت ظهر البعير حيث انتجت تطرفاً سياسياً ممثلاً بإدارة الرئيس الحالي بوش الذي أشعل حروباً لا ضرورة لها . باختصار كان المتطرفون من الجانبين يسممون العلاقات بين الاسلام والغرب . وكان خادم الحرمين الشريفين يشاهد هذه الأحداث المأسوية تحل بالعالم وكان لا بد أن يبادر لكبح جماح التطرف الذي يلف العالم بظلامه. وكان المسلمون في مأزق في علاقاتهم بالغرب وربما مع الشرق أيضاً. وجاءت هذه المبادرة كمنقذة. * اليوم : وايضاً كانت المبادرة لقطع الطريق على الأصوات الإسلامية المتطرفة التي كانت تروج للكره ويستغلها الآخرون للإساءة إليها دينياً وفكرياً وسياسيا . وجاءت المبادرة لاعطاء الأديان فرصة للتعريف بنفسها والدفاع عن مبادئها الخيرة في عالم تختطفه الماديات . ـ د.الدامر : دون شك .. دون شك . واعتقد أن كثيراً من المسيحيين وأتباع العقائد الاخرى، قبل مؤتمر الحوار، كان يعتقد أن الإسلام دين عنف تسامحي وضد الديانات الأخرى. ولكن خادم الحرمين الشريفين قدم برهاناً واضحاً على أن الدين الإسلامي دين تعاون وبناء وتعايش مع الأمم والعقائد . أسبانيا .. رمزية المبادرة * اليوم : وكانت أسبانيا مكاناً موفقاً وخياراً ذكياً لإنطلاق المبادرة العالمية . ـ الدكتورالدامر : اختيار اسبانيا كمقر لعقد المؤتمر العالمي للحوار هو رسالة رمزية للعالم الغربي . لأن أسبانيا هي تعبير عن التاريخ المشترك بين المسلمين والأوروبيين . كما جرت عبر أسبانيا سابقاً اتصالات وربما حوارات بين العلماء المسلمين والمسيحيين. ـ د.العصيل : وأسبانيا تتفرد بميزة هي أنها كانت حضارة إسلامية وهي الآن حضارة غربية، وتجمع مزيج الحضارتين . رحمة للعالمين * اليوم : المبادرة كانت تهدف إلى تحجيم الصوت المتطرف الذي كان يأخذ الصدارة . وجعل المثل الإسلامية الخيرة ورسالة التسامح هي الهوية الإسلامية . ـ د.العصيل : في الواقع كان خادم الحرمين الشريفين يدافع عن موقف الإسلام. خاصة أن الصراعات كانت تهندس في الغرب وكان لا بد من مواجهتها بسلاح الصدق والحقيقة . إذ لون عدو الغرب أحمر في الخمسينيات والستينيات، أثناء الحرب الباردة بين الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والشرق بزعامة الاتحاد السوفيتي . والآن استبدل العدو الأحمر بالعدو الأخضر، أي الإسلام. وربما في المستقبل سيظهر عدو اصفر للغرب. ومع الأسف كانت السلوكية السياسية الغربية تبرهن على أن الغرب لا يستطيع العيش دون وجود عدو. ولهذا يتم اختراع قصص ومخططات في الغرب عن عداوة الإسلام للغرب المسيحي، على الرغم من أن الشواهد التاريخية تبطل هذا الزعم. فإن المسلمين والمسيحيين يتقاربون ويتوادون ويتحالفون، فحينما تحارب الفرس والرومان وجاءت الأنباء بنصر الفرس حزن المسلمون لأنهم كانوا يودون أن ينتصر المسيحيون كما جاء في قوله تعالى سورة الروم «غُلِبَتِ الرُّومُ *فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ» . رغم أن الروم لا يلتقون مع المسلمين ولكن شعور المسلمين كان مع أهل الكتاب . وفي عصر الخلافة الإسلامية جاء المجوس والبوذيين كأهل ذمة وعاشوا في كنف الدولة الإسلامية بأمن وطمأنينة . والله تعالى «رب العالمين» وليس رباً للمسلمين وحدهم . والرسول صلى الله عليه وسلم ورسالته رحمة للعالمين وقال تعالى «ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» والرسول هو الرحمة المهداة للعالمين . وفي الجانب المسيحي لا بد أن نذكر موقف البابا شنودة رئيس الكنيسة القبطية في مصر أنه حرم على اتباعه زيارة الأماكن المقدسة تحت الاحتلال الإسرائيلي، إلا مع المسلمين وقال «لن نذهب إلى القدس إلا مع إخواننا المسلمين». وهو موقف يجب تقديره واحترامه. هذان شاهدان على أن الإسلام والمسيحية يلتقيان ويتعاونان. ولكن السياسيين في الغرب لا يودون ذلك . المبادرة تعزيز لثقافة الحوار ضد ثقافة الصراع * اليوم : وهذه القاعدة الدينية التي تنطلق منها المبادرة بأن الأديان أقرب إلى التعايش منها إلى التصادم. د.العصيل : المبادرة تركز على هذا الجانب. ويجب ألا ينتصر دعاة الصراع لأن انتصارهم يعني انتصار الشر على الخير وانتصار لسفك الدماء لحســــاب المصالح . الغرب ليس عدوا ـ د.الدامر: أود أن أقدم رؤية في مسألة العلاقة مع الغرب. نحن دائماً نقول ان الغرب عدو ونضرب على «وتر» عداوة الغرب مع أننا لم نسمع من الغرب.. ولكنه الغرب ليس عدواً.. ولدي البرهان . * اليوم : الغرب متنوع مثلنا .. بعضنا يبحث عن عدو وبعضنا يبحث عن صديق . ـ د.الدامر: تماماً .. المتطرف الغربي هو الذي يبحث عن عدو وليس الغرب. والمتطرف الإسلامي يبحث عن عدو. والتطرف موجود بين السياسيين وفي الجامعات. يوجد تطرف أكاديمي أيضاً . * اليوم : ويوجد تطرف ليبرالي أيضا . د.الدامر : بالضبط .. المتطرفون هم الذين يدعون إلى الصراع.. بينما الوسطيون والحكماء هم الذين يدعون إلى صداقة الشعوب وتعاونها. والدول الغربية لا تعادي الشعوب لأسباب دينية أو ثقافية. وإنما تتعامل وفقاً للمصالح. وقال سياسيون غربيون انهم لا يطاردون أعداء في الشرق أو في البلدان الإسلامية، وإنما يبحثون عن المال. بمعنى أن المحرك هو المصالح. وهذه يتعين أن نعاملها على أنها ليست حربا دينية أو ثقافية . مصالح وتغيرات عوامل الصراع * اليوم : أحياناً المصالح تستغل بذور الصراع أيا كان نوعها. والسياسيون يوظفون الاختلافات الدينية والفكرية لتصب في مشروعات المصالح السياسية . د.الدامر : يمكن أن توظف . ولكن الصراع مع الغرب صراع مصالح وليس صراعاً دينياً . ومثلما لدى الغرب مثالب لدينا مثلها. مثلاً : نجد محللين سياسيين في الشرق وفي العالم الإسلامي يغذون المجتمعات الإسلامية بآراء خاطئة عن حركة التاريخ الراهنة . فهم يحللون النظام العالمي الراهن وفقاً لمعايير الصراع أيام نظام القطبين العالمي . بينما نظام القطبين قد بدأ بعد الحرب العالمية الثانية وانتهى بسقوط الاتحاد السوفيتي. ونحن نعيش الآن نظام القطب العالمي الواحد. ويتعين أن تتغير معايير التحليل وآليات الصراع وامتداد جديد للعلاقات الدولية. وبين حرب تحرير الكويت عام 1991 وعام 2000 كانت مرحلة مبهمة رغم أن الاتجاه يسير نحو مرحلة القطبية الواحدة بقيادة الولايات المتحدة إلى أن حصلت أحداث 11 سبتمبر 2001. ومنذ أول رصاصة أطلقت على افغانستان بدأت مرحلة القطبية الأحادية وحرب ضد الإرهاب بملامح غير واضحة وبمصطلحات مطاطة. إضافة إلى أننا نعيش مرحلة النظام العولمي الذي يتركز إلى امتدادات اقتصادية ومعطيات سياسية وثقافية تقنية وثورة اتصالات غير مسبوقة. والبعد المهم هنا هو البعد الثقافي. فنحن في مرحلة توجب علينا أن نفهم العالم الذي نعيش فيه بمعطياته. وبدأت صراعات من نوع جديد. بما في ذلك التطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم باسم حرية التعبير. واستخدام التقنية الحديثة في الصراع قد يؤدي إلى حرب حضارات لا ينتصر فيها أحد . وجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتبدأ في بناء جديد للعلاقات بين الشرق والغرب انطلاقاً من الثقافة الدينية والفكرية. القمة العالمية للحوار * اليوم : يهدف خادم الحرمين الشريفين من نقل مبادرته إلى القمة أن يقول للزعماء ان الحرب الثقافية بين الشعوب خاسرة، وهؤلاء علماء الأديان ومفكروها يطلبون منكم أن تدعموا الحوار والتعاون والتسامح وألا تستغلوا الاختلافات الدينية والفكرية في اشعال الحروب والعدوان بين الشعوب . ـ د.الدامر : هذه المبادرة أيضاً تحد من تسييس الاختلافات الفكرية. وكان الدعم الدولي واضحاً للمبادرة في الأمم المتحدة. وبدا الزعماء سعداء بهذه المبادرة ومبادئها ومساهماتها المتوقعة في إحلال السلام بين الشعوب. وكان الملك واضحاً. كان يدعو إلى حضور البعد الإنساني في العلاقات الدولية. وهو البعد الذي يقوم على الحوار وفهم الآخر والتآخي والتعاون . * اليوم : الملك نجح في انتزاع دعم للدين من دول علمانية لا تود أيضاً علاقة للدين في إدارة الحياة السياسية . د.الدامر : وبصفة عامة قبلوا وحتى الذين لا يودون التدخلات الدينية في أعمال الدولة تحدثوا باسهاب عن مساهمات الدين في تعزيز العلاقات بين الشعوب وإشاعة الرحمة والتعاون . ومن الملاحظ أن الحديث بين الملك والعلماء والمفكرين المشاركين في القمة الدولية كان مهماً وكان يمثل نهجاً. وقد وجد حديثه الصدى الطيب لدى الحضور. وامتدح المسيحيون واليهود والمسلمون المبادرة التي يسرت لهم اللقاء والتحاور والتفاهم. ومؤتمر نيويورك كان انطلاقة واضحة للمبادرة حيث انتقلت من الفكر والجدال إلى العمل الدولي. وضمن هذه المبادرة رسالة إلى بلدان العالم وبالذات بلدان الغرب أن عليه تصحيح العلاقات الغربية الإسلامية بصورة تحفظ للمسلمين كرامتهم وتشاركهم في صناعة القرار. وذهب الملك بمبادرته إلى العالم بفكر علماء الأديان وبقوته كزعيم دولة. فتتخذ المبادرة البعدين الديني الفكري والسياسي. ومما ظهر من الاعلان المختصر لبيان قمة نيويورك أن المبادرة قد نجحت بصورة واضحة على أمل ان تطور آلياتها في المستقبل . رمزية المكان د.الدامر : أود أن أشير إلى أن قمة الأمم المتحدة التي رعاها خادم الحرمين الشريفين، أرسلت مهمة رمزية للعالم وللغرب. وهي أن زعيماً إسلامياً سعودياً يرعى قمة للحوار الديني والفكري والتآخي الإنساني في نيويورك، أي في نفس المكان الذي وقعت فيه أحداث 11 سبتمبر 2001، وقتلت أبرياء باسم التطرف الإسلامي، وبما قيل أن سعوديين قد اشتركوا في تنفيذ العدوان. خادم الحرمين الشريفين أرسل رسالة في 12 نوفمبر 2008، تختلف كلياً عن الرسالة التي وصلت إلى نيويورك في 11 سبتمبر. فالملك يود أن يقول نحن الذين نمثل الإسلام الحقيقي وليس أولئك المتطرفون . نحن نأتي بدعوة الإخوة والحوار والتسامح والتعاون، وأولئك الجهلاء المغرر بهم أتوا برسالة القتل والدمار والعدوان . الرسالة الأولى كانت رسالة شر وما ترتب عليها من حروب وخسائر وجاءت من أطراف لا قيمة لهم والرسالة الثانية هي رسالة خير والكرامة الإنسانية من زعامة إسلامية مؤثرة وتحظى باحترام عالمي مدعومة بإجماع علماء الأديان ومفكري الثقافات . دعوة الغرب للتفهم ـ د.العصيل : هذه المبادرة رائعة .. ولكنها تتطلب أن يتفهمها الغرب بوضوحها وبمبادئها . ويتطلب أن نفهم المؤثرات في صياغة العلاقات بين الشعوب . * اليوم : المبادرة عالمية وليست موجهة للغرب . ـ د.العصيل : صحيح .. ولكن الغرب هو الذي لديه مشكلة مع الأديان وهو الذي يشن حروب الصراع. وتواجهنا مشكلة أخرى هي أن الفكر العلماني السياسي في الغرب يقصي الدين من العمل الحكومي السياسي والدستوري إلى درجة أن كل ما كان محرماً في الأنجيل قد تم تحليله في دول مسيحية. مما أدى إلى إضعاف الدين في حركة الحياة في الغرب. كما أن فهم المؤثرات في صناعة القرارات السياسية يجعلنا نتبين كيف تعمل العقلية السياسية. فمجموعات الضغط الخاصة تؤثر في صناعة القرار. وقد أثارت مجموعة السلاح مخاوف الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور الذي قال ان نهاية بلاده ستكون على يد هؤلاء. لأن «لوبي السلاح» يؤثر في صناعة القرار في الولايات المتحدة. بمعنى وجود قوى تملي على صانع القرار اعتباراتها . المواجهة مع مجموعات الضغط * اليوم : المبادرة تعمل على عزل هذه المؤثرات غير الأخلاقية في صناعة القرار السياسي العالمي . ـ د.العصيل : يتعين أن تحصن المبادرة بحيث تكون قادرة على مواجهة هؤلاء . * اليوم : المبادرة هي سلاح مواجهة أخلاقية . ـ د.العصيل : ولكن مجموعات الضغط الخاصة سوف تحارب المبادرة. ولن تستسلم «اللوبيات» بسهولة. وهذه واحدة من المصاعب التي سوف تواجهها المبادرة مثل أي مشروع أخلاقي عالمي الذي سيواجه صعوبات جمة وستحاربه قوى الشر والمصالح الخاصة . عوامل نجاح المبادرة ـ د.العصيل : يتعين أن نقدم ملاحظة مهمة وهي أن عنصراً مهماً قد انجح المبادرة، وهو أن خادم الحرمين الشريفين قد وضع قاعدة للمتحاورين وهي : أن الحوار لا يعني ان يتنازل المتحاورون عن ثوابت عقائدهم . ولكن للبحث في المشترك وتعزيز المباديء التي تحث على الإخاء والتسامح والتعاون من أجل خير الإنسانية وعمارة الأرض . وهذه القاعدة طمأنت الجميع وجعلت علماء ومفكري الأديان والعقائد أكثر حماساً للمشاركة في مؤتمرات الحوار والالتقاء بالآخر ومعرفة همومه والإيجابيات التي يحملها للعالم. وكان هذا المبدأ في الحوار محفزاً للنجاح . ويبقي المبدأ الاختلافات قائمة شريطة ألا تتحول إلى خلافات. بل أن مبادرة الحوار نفسها تهدف إلى ألا تتحول الاختلافات إلى خلافات. ومآسي العالم وشروره وحروبه الدينية والعقائدية بسبب الاختلافات التي تحولت إلى خلافات. بينما الاختلاف ظاهرة صحية فإن الخلاف ظاهرة مرضية. وتهدف المبادرة إلى بحث المشترك. ليكون المبدأ كما قال مفكر «لنجتمع فيما اتفقنا عليه وليعذر كل منا الآخر فيما اختلفنا فيه» . * اليوم : وجعل هذا المشترك فعالاً ومنتجاً . ـ د.العصيل: جعل هذا المشترك منتجاً ومفيداً للجميع . والعوامل المشتركة كثيرة . ولا يريد الملك من أحد أن يتنازل عن ثوابته ومقدساته. ويجب ألا يفهم الآخرون أن المبادرة هي دعوة للتنازل عن ثوابتهم لا مس بدياناتهم . * اليوم : المشترك موجود الآن، وكان موجوداً في السابق. ولكن الذين يستغلون الدين لأسبابهم المختلفة دائماً يعطلون المشترك ويفعلون مواطن الاختلاف. وهذه المبادرة هي رد على كل الدماء التي سفكت والآلام التي عانى منها البشر باسم الأديان والعقائد . أمانة عامة * اليوم : في نيويورك دعا خادم الحرمين الشريفين علماء الأديان والعقائد ومفكريها، المشاركين في المؤتمر العالمي للحوار في مدريد، إلى تشكيل لجنة تصيغ منهجية عمل لمبادرة الحوار . ـ د.الدامر : أتوقع أن خادم الحرمين الشريفين سوف يرعى هذه اللجنة ويدعمها. وأتمنى أن تتطور هذه اللجنة لتكون أمانة عامة للحوار، بحيث تكون هيئة عالمية تعبر عن الفكر المشترك الخير الذي تدعو له كل الأديان . * اليوم : ماذا الذي يمكن أن تفعله هذه اللجنة أو هذه الأمانة العامة في حال تأسيسها فيما يتعلق بتحقيق أهداف المبادرة ؟ ـ د.الدامر : يمكن أن تشكل آلية دائمة، وتبدأ في صياغة برامج عمل عالمية وتخاطب المنظمات العالمية والدول والشعوب بشكل رسمي ومنظم. وكان الهدف من عقد قمة حوار أتباع الأديان أو قمة ثقافة السلام، كما يطلق عليها في الأمم المتحدة، أن تتأسس اللجنة أو الهيئة العالمية وتعمل بدعم من حكومات الدول، مما يعطيها بعداً شرعياً قانونياً ومكانة دولية. وقد تتحول إلى منظمة عالمية للحوار تشرف على تنظيم ملتقيات ومنتديات الحوار وتفعليها وتعزيزها. فكثير من المنظمات الدولية الآن بدأت بلجان . وربما تشرف على المنظمة في المستقبل دول مثل المملكة وأسبانيا والفاتيكان فهي معنية ولديها مسئوليات اخلاقية تجاه المبادرة ورسالتها . ويمكن أن يحقق المجتمع الدولي كثيراً من الآمال بهذه المبادرة. وقد برزت عدة معطيات جديرة بالاعتبار في ختام قمة الامم المتحدة وهي أن الدول تحث على تشجيع الحوار والتفاهم بين الناس والتسامح واحترام أديانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم المتنوعة . وأيضاً رفض أي استخدام للدين في المواجهات السياسية العسكرية وتبرير قتل الأبرياء وممارسة الإرهاب والعنف والإكراه . ـ د.العصيل : اثبتت الحروب والصراعات أنها لا تؤدي إلى حلول لمشاكل البشر. ويتعين أن تعلم العقليات المنغلقة على المصالح أن السلام لا يمس المصالح . بل أن مصالح الشعوب تحمى بالسلام. وهذه المبادرة تقول لقادة العالم وصناع القرار السياسي ان هذه المبادرة تهدف إلى السلام وإلى تعاون الشعوب . وعليهم أن يدعموها وألا يخشون منها . نموذج للمصلحين في المستقبل * اليوم : مبادرة خادم الحرمين الشريفين مبادرة تاريخية غير مسبوقة بحجمها وشمولها وقبولها العالمي .. وهي تأتي كجهد لإصلاح العلاقات البشرية، ماذا يمكن أن تعطي هذه المبادرة للمصلحين العالميين في المستقبل، الذين قد يأتون بعد عشرات أو مئات السنين .. ـ د.العصيل : هذه المبادرة سوف تيسر عمل المصلحين في المستقبل دون شك . ولكن السياسيين لا يراعون المباديء ما لم يثبت لهم أنها لن تمس المصالح . ولنأخذ مثلاً المشاكل في إيرلندا . منذ قرابة مائتي عام والبروتستانت يقتلون الكاثوليك . وكلما يتم التوصل إلى اتفاقية سلام بين الجانبين تنقض الاتفاقية قبل أن يجف حبرها ويتجدد الصراع . لأن هذه الاتفاقيات كانت حلولاً أخلاقية تمس مصالح بصورة مباشرة . وكان يتعين أن تقدم مقترحات توازن بين مصالح الطرفين كي تنجح. والمصلحون في المستقبل سوف يجدون في هذه المبادرة ما يدعم جهودهم ويساعدهم على تحقيق آمالهم . ولكن يتعين ألا نحلم بعالم دون مشاكل . لأن مصلحي المستقبل في الوقت الذين يجدون مساعدة من هذه المبادرة سيجدون مصاعب وعقبات تزرع في طريقهم . * اليوم : كل المبادرات الإصلاحية واجهت العقبات .. ما الصعوبات التي يمكن أن تواجهها المبادرة ؟ ـ د.العصيل : لا يبدو أن المبادرة تواجه صعوبات كبيرة من الجانب الإسلامي. لان زعماء الخليج والعالم العربي والإسلامي يثقون بزعامة خادم الحرمين الشريفين وحكمته. ولكن ربما في الطرف الغربي قد نجد من يحاول وضع عقبات سياسية في وجه المبادرة وربما بموضوعات لا علاقة للمبادرة بها . مثل أن يأتي الغربيون ويستغلون رسالة المبادرة والتوجه نحو السلام والتعاون ويطلبون الاعتراف الإسلامي بإسرائيل . ـ د.الدامر : ستواجه التطرف .. التطرف هو المشكلة التي تخلق الأزمات في كل مكان وفي كل مجال. وهو سبب الأزمات في العلاقات الإسلامية الغربية. وسوف يبقى التطرف يعبر عن مواجهته للمبادرة باساليب مختلفة. وقد لا يظهر المتطرفون، من كل الاديان والثقافات، إلى السطح أو المعارضة الصريحة ولكنهم سوف يمارسون ضغوطهم وسوف يستمرون في تعزيز أفكارهم المتطرفة. وهم متنوعون من التطرف السياسي في الغرب كما عبر عنه المرشح الأمريكي للرئاسة وعمدة نيويورك السابق رودي جولياني، التطرف الليبرالي كما عبرت عنه رسومات الكاريكاتير المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيفة الدنمركية. وكذلك المتطرفون الدينيون في العالم الإسلامي سوف يعارضون المبادرة. فأتوقع أن التطرف هو العقبة الكبرى التي ستواجه المبادرة. وغير ذلك فإن توجه الاغلبية هو الحكمة والاعتدال في العالم وهذا يؤدي إلى التسامح والتعاون ومساندة المبادرة. ولو لم تكن الحكمة والاعتدال تسودان العالم لما وجدت المبادرة هذا الدعم الواسع من مفكري العالم وقادته ولما عقدت قمة الأمم المتحدة على أعلى مستوى . توقيت المبادرة * اليوم : ان توقيت المبادرة يهدف إلى مواجهة أيديولوجية الصراع ودعاتها .. ـ د.الدامر : وأيضاً توطين المبادرة وترسيخها بحيث تواجه نظريات الصراع وبؤر التطرف في العالم. واعتقد أن المستقبل واعد بالنسبة للمبادرة، خاصة أن المبادرة اتخذت آلية متدرجة ومتطورة كي تصل إلى قطف الثمار. من مكة المكرمة إلى مدريد إلى الأمم المتحدة إلى مناقشات تكوين لجنة. هذه الآلية تجعل الطريق ممهداً للمبادرة كي تنجح وتستمر. وأنا متفائل في المستقبل إذ حظيت بدعم من قادة العالم. وبينما نحن نقول ان السياسة الأمريكية أحادية. نجد أن الرئيس الأمريكي يحضر إلى قمة حوار أتباع الحضارات في الأمم المتحدة ويتحدث ويعلن مساندته. وايضاً وجدنا أن زعامات غربية وإسلامية وعربية قد عززت حضورها وتأييدها للمبادرة . مبادرة محصنة * اليوم : فيما يتعلق بالمصاعب، ألا نرى أن المبادرة كبرت، من المحلية الإسلامية إلى العالم، إلى قمة لزعماء العالم، بحيث أصبحت الآن محصنة ضد مشاغبات المتطرفين .. ـ د.العصيل : لن يكون المتطرفون مؤثرين .. وقد يمارسون ردة فعل .. ولكنهم لن يكونوا مؤثرين . ولن يجدوا من يساندهم بعد أن وصلت المبادرة إلى العالمية ومستوى صناعة القرار. ولا أخشى المبادرة من المتطرفين في داخل العالم الإسلامي. ولكني أخشى عليها من متطرفي الغرب الذين يملكون أدوات تأثير قوية على صناعة القرار السياسي هناك . نزع أسلحة التطرف * اليوم : يبدو أن المبادرة تنجح الآن في نزع أسلحة المتطرفين .. والعالم الإسلامي الآن يجني ثمرة دعوة التسامح والحوار. فقد بدأ كثير من التشجنات في الغرب يخف وبدأت سياسات أمريكية مثلا في المراجعة . ـ د.العصيل : بدأ التطرف يتخلى عن حدته في العالم الإسلامي، وهذا يبشر بخير إذا لم تحصل ردة فعل في الغرب، تهدف إلى مواجهة المبادرة أو ابتزاز الساعين فيها بأساليب مختلفة . ـ د.الدامر : أتصور أن لجنة الحوار التي تتشكل الآن، سوف تعمل على تحصين المبادرة من تسييس الاختلافات الدينية والثقافية والمذهبية . رائد الإصلاح * اليوم : أليست هذه المبادرة بكل معطياتها وآمالها وأحلامها تطرح الملك عبدالله بن عبدالعزيز كشخصية بارزة في القرن الواحد والعشرين . كأحد رواد الإصلاح في هذه القرن . ـ د.الدامر : العظماء هم الذين يصنعون التاريخ. والملك عبدالله بهذه المبادرة سوف يكون بارزاً في صناعة التاريخ في هذه المرحلة. لأن المبادرة، بخصائصها، غير مسبوقة في التاريخ الإنساني, كما أن شخصية الملك واستراتيجته في التفكير وصدقه وحسن نيته، أهدت للعالم هذه المبادرة. فقد أراد خيراً للمملكة وأراد خيراً للمسلمين وأراد خيراً لشعوب العالم . يقظة إسلامية جديدة * اليوم : أليست هذه بداية إسلامية جديدة للمشاركة في صناعة التاريخ وصياغة النظام العالمي الجديد، بعد التهميش الطويل الذي عاناه المسلمون منذ ضعف الدولة العثمانية..؟ ـ د.العصيل : تشبع العالم الحديث بنمطية أن المسلمين أعداء لليهود بالدرجة الأولى وأعداء للمسيحيين بالدرجة الثانية، وأعداء للحضارة بالدرجة الثالثة. وقد نجح خادم الحرمين الشريفين في أن يسقط مثل هذه القناعات الظالمة. وبرهن على أن المسلمين، على الرغم مما كابدوه وعانوه، لا يودون محاسبة أحد ولا معاتبة أحد، ويودون طي صفحات الماضي السيئة، وفتح صفحة جديدة. وقد ذهب إلى الفاتيكان. وخادم الحرمين الشريفين بعد مؤتمر مكة المكرمة ومؤتمر مدريد جاء القمة ليس ممثلاً للمملكة وإنما للمسلمين. ووضع الكرة في مرمى الزعماء الغربيين . ـ د.الدامر : هذا العام 2008 يشهد تحولاً في العلاقات الإسلامية الغربية. فأنا متفائل . ونتمنى أن تتطور العلاقات إلى ما هو أفضل . * اليوم : أتصور أن المبادرة جاءت في وقت يحتاجها الإنسان، حيثما كان، ليس فقط المسلمين. بل أن شعوب العالم كانت تعاني من الهيمنة الأحادية المسلحة بأيديولوجيا دينية. خاصة أن المبادرة لم تتضمن أفكارا دينية وإنما تضمنت أيضاً قضايا تهم الشعوب مثل مبدأ دعم الأسرة في النظام الاجتماعي، والمحافظة على البيئة وحماية الكوكب الأرضي، وحث الجهود من أجل القضاء على الفقر في العالم .
مؤتمر العلماء والمفكرين في مدريد : تفويض عالمي لخادم الحرمين الشريفين بمواصلة مبادرته
أخبار متعلقة
 
قمة قادة اتباع الاديان .. تفعيل للمبادرة على أعلى المستويات