أغلقت الساعات الأخيرة ليوم الجمعة على ارتفاع في أسعار النفط ، فيما يعد الأسبوع الأول إيجابيا بعد أربعة أسابيع من التراجع الحاد والمتواصل ، ومع ذلك فإن الأسعار في المجمل ما زالت تعاني من أعلى تراجع شهري في تاريخها تحت تأثير الأزمة المالية ومخاوف من تباطؤ اقتصاد أكبر الدول استهلاكا مما سوف يؤدي إلى تراجع كبير في الطلب على النفط .
ويمكن وصف شهر أكتوبر المنتهي بأنه من أصعب الأشهر وأكثرها غرابة على أسواق النفط حيث تراجعت فيه الأسعار بنسبة 40 بالمائة ، وهي النسبة الأكبر خلال شهر واحد منذ 1983 ، وكانت الأسعار قد أنهت الجمعة في خام غرب تكساس عند 67.81 دولار بزيادة في الأسبوع الأخير قدرها 5.7 بالمائة ، بعد أن كانت وصلت إلى أدنى قيمها عند 61.25 دولار بداية الأسبوع. وتعتبر نهاية الأسبوع إيجابية ليس فقط للنفط وإنما أيضا لأسواق الأسهم الأمريكية فيما يبدو أنه تفاؤل بنهاية مرحلة والدخول إلى مرحلة جديدة قد تأتي على بعض التعديلات إلى الأعلى في أسعار النفط التي باتت اليوم تساوي 54 بالمائة من أعلى قيمة سجلت عند 147. تواجه أسواق النفط اليوم أكبر تحد عرفته من حيث عدم القدرة على التوقع بالأسعار والوصول بها إلى استقرار على المديين المتوسط أو القصير ، وأسباب ذلك ترجع لارتباط الطلب على النفط عضويا ببقية النشاط الاقتصادية والحالة السائدة من عدم الثقة ، والاقتصاد اليوم مرتبط بمعطيات تبدو معقدة ناتجة من الأزمة المالية العالمية التي بدأت في مركزها من أكبر دولة تستهلك حوالي ربع إنتاج النفط العالمي ، فتراجع الناتج القومي هناك بلغ أدنى مستوياته منذ 2001 ، وكذلك مؤشر الاستهلاك تراجع إلى أدنى قيمه خلال أربع سنوات وكل ذلك سيؤثر في حجم الطلب على النفط.
استقرار أسعار النفط لن يأتي إلا باستقرار بقية الأسواق من أسهم وعملات، والإجراءات التي يتم تنفيذها في الولايات المتحدة ليست عادية ، فتخفيض أسعار الفائدة الحاد والذي تم بواقع نصف نقطة مئوية يؤكد ذلك ، وتأثيرات هذه الإجراءات وإن بدت ردة الفعل ضخمة في تغيرات أسعار العملة المؤقت ، إلا أنها بحاجة إلى مدى متوسط من الوقت حتى يظهر التحسن على أداء الاقتصاد عموما، والتحسن في أسواق الأسهم مثلا في ارتفاع مؤشر الداوجونز بنسبة 15 بالمائة خلال الأسبوع الأخير سيبقى مؤقتا ما لم يستمر لعدة أسابيع حتى يعكس حالة من عودة الثقة إلى الأسواق .
