هل نحن أحرار حقا، كما يحلو لنا دائما أن نتصور، في تكوين وتشكيل آرائنا وانطباعاتنا حول ما نقرأه ومن نقرأ لهم من كتاب ومؤلفين؟ الأرجح أننا لسنا كذلك على الضد من رغباتنا ومطامحنا ومزاعمنا.
ثمة مؤثرات كثيرة، بعضها ظاهر وبعضها الآخر خفي ومستتر، تعمل على صبغ آرائنا بصبغتها خصوصا إذا لم نكن نمتلك الوعي الثقافي والعمق المعرفي الذي يمكننا من تمييز الغث من السمين والإبداع الحقيقي من الإبداع المزيف.
إن قلة وعينا تلك قد تدفع بنا من حيث نشعر أو لا نشعر، إلى الخضوع لسلطات مختلفة ومتنوعة تحدد وجهة تفكيرنا وتقمع آراءنا دون أن تصرح بذلك أو تعلن عنه أو تعترف به.
هنالك على سبيل المثال السلطة الإعلامية التي نحن جميعا خاضعون لتأثيرها دون أن يكون لنا الخيار على الأغلب في ذلك، فالإعلام بقنواته المختلفة والمتعددة يحدد لنا ويخبرنا ويشكل وجهات نظرنا إزاء ما نتلقاه من أعمال إبداعية ومنتجات فنية. وهنالك النقد بما يمثله من سلطة معرفية لا يمكن أبدا التقليل من شأنها أو الاستخفاف بها.
فالعمل الذي يحظى باهتمام النقاد ومتابعتهم سيشد في الكثير من الأحيان إذا لم نقل في كل الأحيان انتباهنا وسيدفع بنا ذلك لاقتنائه و قراءته إذ إننا نفترض ضمنا أنه عمل جيد ويستحق أن يقتنى ويقرأ وإلا فما الذي يدفع النقاد إلى الاهتمام به؟
وهنالك أخيرا سلطة الشهرة التي من خلالها تفرض علينا بعض الأسماء التي تنال قسطا وافرا من الذيوع والانتشار والصيت المدوي حتى إننا قد نغفل عن رؤية جوانب النقص والقصور وربما الزيف فيها.
بعد كل ما تقدم هل يصبح لزعمنا وتشدقنا بالحرية في صوغ آرائنا ووجهات نظرنا ما يبرره؟!.
المحرر