مما لا شك فيه أن لوسائل الاتصال والتقنيات الحديثة إيجابيات وفوائد جمّة، وهي من نعم الله التي يجب التركيز على حسن استخدامها والاستفادة منها. ويعتبر الكمبيوتر من أساسيات التطور التقني الذي ترتبت على صناعته ثورة معلوماتية وتقنية متطورة ساهمت في سرعة الاتصال والتواصل بين الناس عبر الانترنت، كالمنتديات وتبادل الرسائل الالكترونية، وبرامج المحادثة مع الآخرين بالصوت والصورة .
لكن الغريب أن هنالك سلوكا خاطئا في استخدام التقنية لدى بعض الشباب والتركيز من قبلهم على الاستخدام السيئ للتقنية أكثر من التركيز على الجوانب الايجابية. لأن عدم وعي بعض الشباب الناتج عن تراجع دور الأسرة والمؤسسات التربوية في احتواء النشء وتثقيفه بمخاطر التقنية ساهمت بشكل ملحوظ في ارتفاع مستوى الجريمة الأخلاقية. ومن البديهي أن التقنية نفسها لا علاقة لها بسوء السلوك وليست مسؤولة عن الجرائم والأخطاء السلوكية التي يرتكبها البعض. مثل دخول منتديات الانترنت بأسماء مستعارة ونشر كل ما هو مخالف للدين والنظام والعادات، والتعدي بالتجريح والسب والاستهزاء بالآخرين. بينما المنتديات ميدان رحب من وسائل الاتصال التي تساعد على اكتساب الخبرات وتبادل المهارات وكذلك التواصل الثقافي بين الناس في مجال معين. ومن الأمثلة الايجابية هو استثمارها في مجال الدعوة إلى الله والنصح والارشاد .
وتقنية الجوالات سهلت عملية التصوير والبث الفوري بواسطة البلوتوث وتناقل مقاطع وأفلام إباحية تتعارض مع الدين والحياء والذوق العام، ويعمد البعض إلى توثيقها وعولمتها عبر شبكة الإنترنت لتصل هذه (الفضائح) إلى كل مكان في الكرة الأرضية. ويعود السبب في رغبة البعض في نشر لقطات البلوتوث الفاضحة وكل من يساهم في ذلك إلى أنها مشكلة ثقافية مجتمعية. وقد يكون السبب في نشر الأفلام والصور الإباحية هو الاستغلال المادي من قبل بعض أصحاب المواقع الالكترونية كنوع من التسويق وجذب زوار المواقع التي يرتادها البعض كنوع من الفضول والتسلية. وقد يكون جهل بعض الناس لاستخدام فيديو الجوال أحد أسباب انتشار مقاطع البلوتوث كأن يصور شخص أفراد أسرته وأحياناً في أوضاع غير لائقة، ثم يتداول الناس تلك المقاطع عن طريق تسريبها من بعض محلات صيانة وبرمجة الجوالات أثناء الصيانة، أو نتيجة لفقدان الجوالات بأي طريقة. وبعض مرتكبي الجرائم يستخدمون مقاطع تصوير ضحاياهم كأحد أساليب الابتزاز. وأشعة الليزر التي استخدمها الشباب من مشجعي فريق معين لتسليط أشعتها على حراس مرمى الكرة لتضليلهم، تكرر استخدامها السيئ مؤخراً لتسليط أشعتها القوية نحو الطائرات والسيارات. فتسليط أشعة الليزر على الطائرات والسيارات قد يتسبب في وقوع حوادث جسيمة .
وتعتبر التربية الاجتماعية والتوعية المستمرة أول خطوات تهذيب السلوك الخاطئ. ومن الضروري تعاون أفراد المجتمع في نشر التوعية للحد من سوء استخدام التقنية نتيجة لمحدودية التفكير لدى بعض أفراد المجتمع والتي ينتج عنها السلوك السلبي الذي يؤثر على الآخرين. بمعنى أن من واجبات المجتمع أن يتحمل المسؤولية والعمل على تعديل السلوك الخاطيء دون الحاجة دائماً إلى تدخل الجهات الرسمية. ومن الضروري نشر ثقافة الوعي والتفكير الايجابي في استخدام التقنية، لأن كثيراً من الشباب أبدعوا في استخدام التقنية وتطوير البرامج الذكية، لكن للأسف يتم استخدامها في ايقاع الضرر بالآخرين، أو في ضياع أوقاتهم فيما لا فائدة فيه. ويفترض أن برامج التوعية بدأت قبل جلب التقنية لتبصير النشء بحسن استخدامها وترسيخ ثقافة الاعتدال والاتزان مع كل المستجدات. وتقويم سلوك وثقافة بعض المراهقين المنحرفة التي تميل إلى حب الفضيحة والاثارة. ومن المهم أن يشتمل التثقيف على توضيح الجانب الشرعي والإثم المترتب على الاستخدام الخاطيء لمستجدات التقنية. وأخيراً ضرورة تشديد العقاب والجزاء الرادع لمن يسيء استخدام وسائل التقنية ويضر بالأفراد ويشوه سمعة المجتمع.
[email protected] 
