DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«بئر الخير رقم 7» قصة أول تدفق للزيت بكميات تجارية

«بئر الخير رقم 7» قصة أول تدفق للزيت بكميات تجارية

«بئر الخير رقم 7» قصة أول تدفق للزيت بكميات تجارية
 «بئر الخير رقم 7» قصة أول تدفق للزيت بكميات تجارية
يعتبر تاريخ الرابع من مارس عام 1938، لحظة حاسمة في التاريخ السعودي، وتاريخ صناعة النفط على المستوى العالمي، ففي هذا اليوم تدفق البترول من أول بئر اختبارية في الظهران، أطلق عليها (بئر الدمام رقم 7)، لتنصب السعودية كأكبر دولة في احتياطي النفط، وأهم مصادر الطاقة على مستوى العالم. هذه البئر، التي جرى حفرها إلى عمق 1441 متراً تقع على التل المعروف باسم (جبل الظهران)، وعرفت فيما بعد بالاسم الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، (بئر الخير). تقع اليوم بالقرب من معرض ارامكو السعودية، وسط حديقة صغيرة تخلدها كنصب تذكاري يؤمه بعض الوفود الرسمية التي تزور معقل الطاقة النفطية في السعودية. وبالرغم من آلاف الآبار التي حفرت والحقول التي جرى اكتشافها فيما بعد، إلا أن قصة البئر رقم (7) تختزل قصة النفط في السعودية. الملك عبد العزيز وقع الامتياز في 29 مايو 1933، وقع الملك عبد العزيز اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا «سوكال» بعد أن أنعش اكتشاف النفط في جزيرة البحرين المجاورة الآمال بوجود مخزونات من الذهب الأسود في الأراضي السعودية، وأعقب التوقيع توافد عشرات الجيولوجيين ومهندسي الحفر الى المنطقة الشرقية، وكانت الدمام كما الظهران وقتها مجرد مستوطنات صغيرة تلفها الصحراء ومياه الخليج، واحتاج العلماء والجيولوجيون إلى نحو خمس سنوات قبل أن تشي لهم الصخور بأهم ما تكتنزه من أسرار، فقد عثر على الصخر الذي يحمل في خباياه الذهب الأسود في الطبقة التي منحها الجيولوجيون اسم (المنطقة الجيولوجية العربية). وكانت البئر رقم (7) التي حفرت في التكوين الجيولوجي المعروف باسم (قبة الدمام) بعد محاولات عديدة ومريرة في البحث والحفر، هي بشارة الخير العميم على البلاد، وترتب على هذا الحدث الكبير أن أصبحت السعودية بعد سنوات في طليعة الدول المنتجة للنفط. وكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك على كل شيء فيها، فتزدهر، وتتوافر فيها عوامل البناء اللازمة لتشييد المستقبل، وترسخ موقعها الدولي ويرتقي شعبها لمصاف الشعوب المتقدمة. جهود مضنية: قبل أن يتم حفر البئر رقم (7) في الظهران، كانت هناك جهود مضنية للتفتيش عن مصادر البترول في المنطقة الشرقية، فقد بدأت القصة عندما حطّ الجيولوجيون الأوئل في 23 سبتمبر 1933 رحالهم، في البدء، عند (قرية) الجبيل الساحلية الهادئة، التي تبعد نحو 105 كيلومترات شمال قبة الدمام، وما أن التقطوا أنفاسهم، حتى امتطوا الإبل والسيارة في يوم وصولهم نفسه لكي يلقوا نظرة على «جبل البري» الذي يقع على بعد 11 كيلومترا جنوب الجبيل. بعدها بأسبوع قاموا بالتوغل جنوباً وإجراء فحص جيولوجي لتلال جبل الظهران، لتتواصل بعدها عمليات الفحص والبحث والتنقيب التي لم تحقق أي نجاح ذي قيمة لمدة سنتين. في 30 أبريل 1935، تقرر بدء العمل في حفر بئر الدمام رقم (1) وبعد سبعة أشهر من التأرجح بين الأمل واليأس، والاخفاق والنجاح، أنتجت البئر دفقة قوية من الغاز وبعض بشائر الزيت، وذلك حينما وصل عمق الحفر إلى قرابة سبعمائة متر، ولكن عطلا في المعدات أجبر طاقم الحفر على إيقاف تدفق البئر تم سده بالإسمنت. وكانت بئر الدمام رقم (2) أفضل حالاً. وقد بدأ العمل في حفرها في الوقت الذي أغلقت فيه البئر الأولى، أي في 8 فبراير 1936. وما أن جاء يوم 11 مايو حتى كان فريق الحفر قد وصل إلى عمق 633 متراً، وهو عمق الطبقة التي ظهر منها النفط في منطقة البحرين الجيولوجية. وحينما اختبرت البئر في شهر يونيو 1936، تدفق الزيت منها بمعدل 335 برميلاً في اليوم، وحينما انقضى أسبوع على ذلك الاختبار،وبعد المعالجة بالحامض، بلغ إنتاج الزيت المتدفق من البئر 3840 برميلاً يوميا. شجع ذلك على حفر آبار الدمام 3 و4 و5 و 6، دون انتظار التأكد من أن الإنتاج سيكون بكميات تجارية أو التعرف على حجم الحقل المكتشف. ثم صدر قرار في شهر يوليو بإعداد بئر الدمام رقم (7) لتكون بئر اختبار عميقة. جهود كبيرة كانت زيادة حجم العمل تعني المزيد من الرجال والعتاد والمواد، وأصبح موقع العمل غير قادر على استيعاب الزيادة في عدد العاملين. فمع نهاية عام 1936، ارتفع عدد العاملين من السعوديين إلى 1076 بالإضافة إلى 62 عاملاً من غير السعوديين. وكان يفترض أن تسير الأمور بشكل طبيعي، لكن حدث في ذلك الوقت ما لم يكن متوقعاً، فقد أخفقت بئر الدمام رقم (1) بعد أن جرى حفرها إلى عمق يزيد على 975 متراً. أما بئر الدمام رقم (2) فقد تبين أنها «رطبة» بمعنى أنها تنتج الماء بشكل رئيسي، إذ كان إنتاجها منه يزيد بمقدار ثماني أو تسع مرات على حجم إنتاجها من الزيت. ولم يزد إنتاج بئر الدمام (3) على 100 برميل من النفط الثقيل يومياً، مع وجود الماء في هذا الإنتاج بنسبة 15 بالمئة. وبالنسبة لبئريالدمام رقمي (4) و (5) فقد اتضح أنهما جافتان، أي غير قادرتين على إنتاج أي سوائل. وكذلك كان الحال مع البئر رقم (6). في السابع من ديسمبر 1936 بدأ اختصاصيو حفر الآبار الاستكشافية في حفر بئر الاختبار العميقة رقم (7). وإذا كانت الآبار الأخرى مخيبة للأمال، فإن البئر رقم (7) لم تكن خالية من ذلك في البداية. فقد حدث تأخير في عملية الحفر، كما كانت هناك بعض المعوقات، حيث انحشر أنبوب الحفر، وحدث كسر في جنزير الرحى، وسقطت مثاقيب الحفر في قاع البئر المحفورة، وكان لا بد من التقاطها. كما حدث انهيار لجدران البئر. ورغم وصول جهاز الحفر الرحوي ـ الذي يعمل بقوة البخار ـ إلى طبقة البحرين الجيولوجية فقد ظلت النتيجة واحدة وهي أنه: لا يوجد نفط! بعد ذلك بعشرة أشهر، وبالتحديد في 16 أكتوبر 1937، وعند عمق 1097 متراً، شاهد الحفارون البشارة الأولى: 5.7 لتر من الزيت في طين الحفر المخفف العائد من البئر، مع بعض الغاز. وفي آخر يوم في عام 1937، حدث أن أخفقت معدات التحكم في السيطرة على البئر، وكان أن ثارت البئر قاذفة بما فيها من السوائل والغازات. وبعد الحفر إلى عمق 1382 متراً، لم يجد فريق الحفر كمية تذكر من الزيت. تباشير الخير لكن سرعان ما تغيرت الأحوال. ففي الأسبوع الأول من مارس 1938، حققت بئر الدمام رقم (7) الأمل المرجو، وكان ذلك عند مسافة 1440 متراً تحت سطح الأرض، أي بزيادة تقل عن 60 متراً عن العمق الذي كان الجيولوجيون يتوقعون وجود النفط عنده، فقد أنتجت في الرابع من مارس 1938، 1585 برميلا في اليوم، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 3690 برميلا في السابع من مارس، وسجل إنتاج البئر 2130 برميلا بعد ذلك بتسعة أيام، ثم 3732 برميلا بعد خمسة أيام أخرى، ثم 3810 براميل في اليوم التالي مباشرة. وواصلت البئر عطاءها على هذا المنوال مما أكد نجاحها كبئر منتجة. وفي ذلك الوقت، كان قد تم تعميق بئري الدمام رقم (2) ورقم (4) حتى مستوى المنطقة الجيولوجية العربية. ولم تخيب هاتان البئران آمال الباحثين عن النفط، فقد أعطتا نتائج طيبة. وعم الفرح والسرور أرجاء مخيم العمل في الدمام. وتتويجاً لعصر جديد اتجه الملك عبد العزيز في ربيع 1939، يصحبه وفد كبير إلى الظهران مجتازاً صحراء الدهناء ذات الرمال الحمراء حتى وصل إلى مخيم الشركة، ليجد مدينة من الخيام في مكان الحفل حيث أقيمت مدينة بالقرب من المخيم، قوامها 350 خيمة لتكون مركزا للاحتفالات التي تضمنت زيارة الآبار. وإقامة الولائم، واستقبال وفود المهنئين، والقيام بجولات بحرية في الخليج العربي. وتزامن توقيت زيارة الملك عبدالعزيز مع اكتمال خط الأنابيب الذي امتد من حقل الدمام إلى ميناء رأس تنورة، بطول 69 كيلومتراً، حيث رست ناقلة النفط التي أدار الملك عبدالعزيز الصمام بيده لتعبئتها بأول شحنة من النفط السعودي. وهكذا، كانت هذه أول شحنة من الزيت الخام تصدرها المملكة على متن ناقلة في 11 ربيع الأول 1358هـ الموافق للأول من مايو (أيار) 1939. كميات تجارية وكان حقل الدمام بشارة الخير ليس إلا واحداً من عشرات حقول النفط والغاز الطبيعي، بما في ذلك حقل الغوار، أكبر حقول النفط في العالم، وحقل السفانية الذي يعد اكبر حقل نفطي في المناطق المغمورة على مستوى العالم أيضا. أما بالنسبة للبئر رقم (7) فرغم بدايتها الصعبة إلا أنه سرعان ما تدفق النفط منها نحو العالم حتى وصل إنتاج البئر من 15000 إلى 18000 برميل يوميا، ولم يكن الحفارون الأوائل يتخيلون أن هذه البئر حتى بعد أن نجحت في إنتاج النفط بكميات تجارية، سوف تظل قادرة على مواصلة الإنتاج لعدة عقود من الزمن، وأنها سوف تنتج وحدها أكثر من 32 مليون برميل من الزيت. وفي عام 1982، استبعدت بئر الدمام رقم (7) من قائمة الآبار المنتجة لأسباب تشغيلية، وذلك بعد 45 سنة من الإنتاج المستمر. ولكن هذا الحدث لا يعني أنها نضبت، فهي لا تزال قادرة على الإنتاج بالتدفق الطبيعي، أي كما كانت عليه في الماضي.

أخبار متعلقة