الفرق الفادح بيننا وبين الغرب هو أن علاقاته الاجتماعية علاقات (أفقية) فالكل سواسية أمام القانون وأمام حقوق الإنسان.. أما نحن وأمثالنا فعلاقاتنا علاقات (عمودية) ومن هنا تتولد فروق هائلة نشعر ببعضها ولا نشعر بالآخر، رغم فداحته، لأننا تعودنا عليه والعادة تطمس الالتفات إلى الغرابة.
أول تلك الفروق هو أن المعيار لا يضعه المجتمع كما تروج بعض الكتابات التي تظن أن المعايير تنشأ من تجارب المجتمعات وتصاغ وفق اختيارها وحاجتها.. إن الذي يضع المعيار في حياتنا السياسية والاجتماعية وحتى الأخلاقية.. يضعه الأقوى في المسيرة الاجتماعية التاريخية.. ومعنى ذلك أن المعيار الذي تضعه النخبة وضع على أساس قناعات تلك النخبة وثقافتها ومدى إحساسها بالمسئولية.. ولا شك أن ما يقود القناعات - حسب قراءة تاريخنا- هو المصلحة الفردية أولا أما الالتفات إلى الآخرين فيأتي عند الدرجة العاشرة في انحدار السلم.
يقول كاتب كبير معاصر:
(إن حياة الحقيقة وانتشار الأفكار وانتصارها لا يتوقفان على صدقها المنطقي وإنما على السلطة التي تروج لها - عبدالسلام بنعبدالعالي- ضد الراهن ص 63) وبنعبد العالي لم يقل جديدا فالتاريخ نفسه يقول هذا.. ويكرره ولكن من يقف عند مفهوم التاريخ؟.
يقول شوقي:
==1==وإذا المعلم زاغ لحظ بصيرة==0==
==0== جاءت على يده البصائر حولا==2==
هنا في اخطر عملية يمر بها الفرد وهي العملية التربوية ينسب شوقي ونحن جميعا معه.. الخطأ إلى المعلم دون الالتفات إلى كل ما يتعلق بالعملية التعليمية بدءا من الفلسفة التي وضعت على أساسها.. مرورا بالمنهج وحتى المبنى المدرسي.. لأن كل هذه الأبعاد الأساس غائبة عنا.. ومن هنا أصبحت العملية التعليمية كلها عندنا كابوسا كما تقول الشاعرة أشجان هندي:
==1== كـ (طفلين راعهما وجه فصل تدلى==0==
==0== من الحائط المدرسي).==2==
وحين نعرف أن الاب معلم والأم معلمة والمجتمع معلم.. ألا يصح أن نتساءل عن الجيل الذي ينشأ فكريا ونفسيا وعاطفيا على استبداد كل عنصر من هؤلاء بطريقة مناقضة لطريقة الاخر في تربية الطفل؟!.
في ختام هذا المقال أتساءل مرة أخرى: في مثل هذا المجتمع كيف يمكن تجنب الخطأ.. والمعايير فيه توضع على أساس الوجاهة والواسطة ..(واعطف مثلها الفا ) كيف؟!
[email protected] 
