ناشدت الأديبة والشاعرة العراقية سارة طالب السهيل الأمم المتحدة والمؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بالطفولة تقديم المساعدات الإنسانية إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وإعادة تأهيل وتدريب المعاقين، خصوصا الذين يعيشون في بؤر التوتر والصراعات وتحت الاحتلال، موضحة أن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق وفلسطين يعيشون ظروفا مأساوية قاسية، وربما يكونون من أكثر فئات ذوي الاحتياجات الخاصة ظلما لأنهم يعانون مرتين : أولاهما الإعاقة، والثانية : عدم قدرتهم على الحصول على احتياجاتهم وغياب الرعاية اللازمة لهم، مما يلقي على عاتق المجتمع الإنساني الدولي مسؤولية التضامن مع هؤلاء، وبذل مزيد من الجهد لتقديم الدعم اللازم لهم. جاء ذلك في احتفالية خاصة نظمتها كلية التربية النوعية بجامعة عين شمس المصرية في القاهرة للاحتفاء بالشاعرة العراقية سارة السهيل في ندوة بعنوان « ذوو الاحتياجات الخاصة : أدب الطفل وأساليب التواصل معه» برعاية الدكتورة نادية الحسيني عميدة الكلية.
تحدثت سارة السهيل عن أدب الطفل وذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن ديننا الإسلامي الحنيف كفل حقوقا مشروعة للطفل تضمن أن تصنع منه إنسانا سويا أخلاقيا ونفسيا واجتماعيا مساهما في بناء الحضارة الإنسانية، وهكذا ينظر ديننا الحنيف لحقوق الطفل قبل أن يكون نطفة في أحشاء أمه من خلال اختيار الزوج والزوجة كليهما بعضهما مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه النبوي « تخيروا لنطفكم فان العرق دساس»، ومن ثم فما أن يخرج الطفل من بطن أمه للدنيا إلا يكفل له الإسلام مجموعة متكاملة من الحقوق في الإرضاع والمأكل والمشرب والمسكن والأمن، والرعاية الصحية والتعليمية والرياضية، والأهم من ذلك كله احاطته بكل أشكال الاحتضان العاطفي والنفسي ليكون طفلا سويا. وقالت السهيل : إذا كان هذا بالنسبة للطفل العادي، فإن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بالضرورة يحتاج إلى جهد اكبر في إشباع احتياجاته النفسية العاطفية لتعويض ما يشعر به من ضعف وفقدان عناصر القوة، وغياب الأمان، ولذلك فان الأسرة والمجتمع على حد سواء مطالبين ببذل جهود مضاعفة من أجل رعاية الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة التي من أهمها حاجته إلى التوافق الاجتماعي مع البيئة بما يتطلب زيادة غامرة بالحنان، موضحة أن الشريعة الإسلامية حثت على إشباع حاجاته، وضمنت الأجر العظيم لكل من يسدي المعروف لطفل الاحتياجات الخاصة فهو أحوج إلى العناية والرعاية التي تكفل له الشخصية الاجتماعية السوية، وهذا لا يتحقق إلا بتوفير عنصرين رئيسيين هما أولا : إشباع حاجاته النفسية، وثانيا: إعداده لممارسة حياته المستقبلية. وأشارت السهيل إلى أن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة ماسة إلى شعوره باحترام الآخرين له، وهذا الاحترام والتقدير، لابد أن يكون نابعا من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء . فالطفل يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء والسخرية، واحتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته ومجتمعه والرغبة في العزلة، موضحة أن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج أيضا إلى الاستقلال في التفكير والتصرفات ليشعر بأنه واحد من المجتمع له رأيه وتفكيره، ويجب أن يعتمد على نفسه بما يدعم ثقته في نفسه ويشمل تكيفه مع المجتمع، لافتة إلى أن حاجته إلى الحب والحنان من أهم الحاجات النفسية، التي يحتاجها طفل الاحتياجات الخاصة سواء داخل البيت أو خارجه وعدم إشباعها يؤدي إلى انعدام الأمن، وعدم الثقة في النفس، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر.
وأضافت السهيل أنه من الضرورة إعداد ذوي الاحتياجات الخاصة لممارسة حياتهم المستقبلية عبر زرع الثقة في نفس الطفل وتعويده الاعتماد وتقوية إرادته وعزيمته وتنمية مواهبه في الألعاب الرياضية والفنون والآداب، وتحفيزه بالهدايا إذا برع في أي مجال من ذلك وتكليفه ببعض الأعمال التي يهواها فنترك له الحرية في التعبير والعمل والرأي والنقد ونشاركه في الرأي ، هذا بجانب ما يحتاجه الطفل ذي الاحتياجات الخاصة من توفير فرص لاختلاطه بالناس كحضور المجالس وزيارة الأجانب والأقارب، حيث التقائه بالغرباء سيعمل على نمو شخصيته فيكبر في عين الآخرين، كما يمكن مراقبة ميول الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة وتنمية مواهبه بحيث في المنزل ما ينمي مواهبه ويصقلها ويعدها للبناء والإفادة ويجد من يوجهه لما يناسبه ويلائمه.
وقالت السهيل : إنها على يقين بأن الأدب يلعب دورا مهما في تنمية القدرات النفسية والعقلية لطفل ذوي الاحتياجات الخاصة بما يتوافر في الأدب من عنصر الخيال، ولذلك فان تنمية الجرأة الأدبية في نفس الطفل تعد ركنا أساسيا في تنشئته النفسية بإشعاره بقيمة وزرع الثقة في نفسه حتى يعيش كريما شجاعا صريحا جريئا في آرائه في حدود الأدب مما يشعره بالطمأنينة ويكسبه القوة والاعتبار بدلا من التردد والخوف. وقالت سارة السهيل : إنه إيمانا منها بدور الأدب، فقد قدمت أولى تجارها في كتابة القصة للأطفال وهي «سلمى والفئران الأربعة» التي كتبتها نصا مطبوعا، كما أخرجتها في شريط كاسيت لتناسب ذوي الاحتياجات، لافتة على أنها في وقت لاحقا طورت هذه التجربة عندما قدمت قصة «نعمان والأرض الطيبة» بطريقة برايل حتى يستفيد منها الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة، متعهدة بأنها ستبذل قصارى جهدها بأن تقدم لهؤلاء الأطفال المزيد من الكتابات الأدبية باعتبارهم أمانة في أعناق أسرهم ومجتمعهم، كما أنهم أمانة في أعناق الأدباء.