افرز الواقع العملي اسم الشركة العائلية بالرغم من عدم وجود اساسا لهذا المسمى في نظام الشركات وهي ليست المقتصرة على شركات الاشخاص او شركات الاموال ونرى ان هذا المسمى ناتج عن صلة القرابة التي تربط الشركاء في الشركة دون النظر الى شكلها القانوني والذي عادة ما يكون شركة تضامن او توصية بسيطة، ومن ثم يمكن القول انه اذا كان التعريف الذي وضعه النظام للشركات هو اتفاق اكثر من طرف على تكوين مشروع بهدف الربح او الخسارة الا ان الشركة العائلية تأخذ بعدا اخر غير الهدف من اقتسام الربح اذ هي تكون الوعاء الذي تستثمر فيه مدخرات العائلة واموالها وتعطي اجتماعية للعائلة وقد توفر في غالب الاحوال فرص عمل واستثمار الابناء وذوي العائلة ذاتها.
واذا ما نظرنا الى الحالات التي تشكل فيها الشركات العائلية نجدها كما يلي:
1- يمكن ان تكون الشركة اساسا مؤسسة مملوكة لفرد والذي يطلق عليه عادة بالمؤسس ويدخل معه اولاده او اخوانه في تجارته ويحول مؤسسته الى شركة ومنح هؤلاء حصصا فيها دون ان يكون منهم جهدا واضح او اموال يمكن اعتبارها قيمة لحصصهم في الشركة.
2- تقوم مجموعة من الاخوان او اولاد العم بتكوين شركة فيما بينهم ويكون كل واحد منهم حصته في رأس المال وحدد له عملا يؤديه بالتقاسم مع المجموعة.
3- قد يقوم الاب بتحويل اعماله التجارية الى شركة بادخال ابنائه فيها والاقتصار على الذكور دون الاناث بقصد حرمانهم من امواله التي يشتغل فيها بتجارته.
4- يمكن ان تتأسس الشركة من ابناء العم والاقارب يلتقون في ذات الافكار والاهداف بقصد جمع قدراتهم العلمية والعملية.
ونعتقد انه حتى يتحقق الهدف من الشركة العائلية يتعين توفير ضمانات استمرارها لو حدث اي طارئ لأي من مؤسسيها او الشركاء فيها ومن ثم تصبح مسألة تنظيم عقد هذه الشركة وايراد البنود التي تحمي الشركة من الزعزعة او استغلال احد الشركاء اي وضع يستجد وفي رأينا ان هذه العمليات تمثل من خلال ثلاثة محاور وتعتبر ذات اهمية خاصة لتنظيم عدد الشركة العائلية هي ادارة الشركة واتخاذ القرارات وكيفية صدورها وضمان استمرارها.
ويلاحظ انه منذ بضعة سنوات اصدرت وزارة التجارة والصناعة الدليل الاسترشادي لتحويل المؤسسات او الشركات العائلية الى مساهمة والذي لم يجد له حيزا او تطبيقا في الواقع، وان المستقرئ لهذا الدليل تبين له انه استعراض لاحكام الشركات والتي تتخذ في اشكالها القانونية تضامنا، توصية بسيطة، ذات مسئولية محدودة، واخذ الدليل يسهب في الاحكام الموضوعية لكل شكل (نوع) من هذه الشركات والتي تكون غالبا ما تتخذه الشركات العائلية شكلا لها، وقد ركز الدليل على الفصل بين الملكية والادارة وكأنه يجعل هذا الامر من بداية تكوين الشركة.
وكنا نأمل ان يتطرق الدليل الى معايير حل الخلافات في الشركات العائلية وهذا ما غفله واضع الدليل. وكذلك فان فصل الادارة عن الملكية وان كان محمودا، الا انه لايكون مطلقا بل نسبيا.
وان كان الدليل قد نص على تكوين لجان لتسوية خلافات الشركات العائلية في الغرف التجارية بجدة والرياض والمنطقة الشرقية. الا انه قد اغفل وجود مستشار قانوني في هذه اللجان، وبإمكان هذه الغرف ان تضع جدولا للمهنيين من محامين ومستشارين قانونيين ومحاسبين ومهندسين، واشراك كل منهم حسب الخلاف الذي يعرض عليها. حيث يتوجب عدم وجود علاقة بين اطراف اللجنة واطراف النزاع.
ومن الامور التي اغفلها الدليل وجود مستشار قانوني للشركة العائلية لتقديم الاستشارات القانونية للحيلولة دون نشوء الخلاف وابرام اتفاقيات وعقود المصالحة وتعديل عقد الشركة في حالة وفاة الشريك المؤسس او اي من الشركاء الآخرين وكذلك عند رغبة اي من الشركاء التخارج من الشركة دون اثارة النزاع وظهوره امام الغير.
وهذا يقودنا الى القول الى قيام وزارة التجارة والصناعة في اعادة صياغة احكام ذلك الدليل وجعل احكامه واقعا ملموسا بالتطبيق لدى الغرف التجارية هذا ما نأمله والله الموفق.
[email protected]