DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

زابينه شيفر

زابينه شيفر

زابينه شيفر
أخبار متعلقة
 
وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شويبله، الذي ظهر اسمه في الإعلام العربي مؤخرا كمدافع عن الرسوم المسيئة للإسلام، يقوم من وقت لآخر بتنظيم فعاليات في ألمانيا ظاهرها يبدو طيبا، مثل مؤتمر الإسلام، الذي يعقد سنويا منذ ثلاث سنوات بمبادرة شخصية منه. وكما هو معلن، فمن المفروض أن يساهم هذا المؤتمر في جعل الإسلام والمسلمين جزءا طبيعيا من المجتمع الألماني. لكنه قد بات واضحا في ألمانيا أن وزير الداخلية نفسه لا يتخذ منهجاً ثابتاً في التعامل مع مواطني ألمانيا من المسلمين. فطالما أطلق الشبهات تجاههم، ثم نفاها أو قلل من أهميتها. وما يبقى من إطلاق الشبهات ونفيها لدى المواطن الألماني هو فقدان الثقة تجاه الإسلام والمسلمين، وتصديق الشبهة. قبل احتفالات أعياد الميلاد في نهاية عام 2007 اقتبس شويبله في حديث له من دراسة، أعدتها وزارته وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن 40 بالمائة من مسلمي ألمانيا «لهم توجهات أصولية» وأنهم على استعداد لممارسة العنف. وبعد هذه الحادثة بوقت قصير قلل الوزير الألماني من أهمية هذه التصريحات، واتهم وسائل الإعلام بالمبالغة في نقل تصريحاته. وفي حقيقة الأمر فقد كان الأمر عبارة عن حملة دعائية موجهة ضد الإسلام. حيث ان الوزير تجاهل أن الدراسة كانت لها نتائج معقدة ومتباينة أيضا، كما تجاهل الحديث عن خطأ جوهري في الإحصاءات المستخدمة في الدراسة أدت إلى التوصل إلى نتائج مغلوطة. وعلى هذه الوتيرة سارت الأمور خلال السنوات الماضية. ففي بداية الإعداد لمؤتمر الإسلام في سبتمبر 2006، ألغي عرض أوبرا «أدومينيو»، التي تقطع فيها رؤوس بعض الرموز الدينية بسبب المخاوف من ردود فعل المسلمين، على الرغم من عدم مطالبة أحد بذلك ومن عدم وجود تهديدات صريحة. ومنذ ذلك الوقت يعلن وزير الداخلية الألماني بين الحين والآخر عن وجود «تهديدات إسلاموية»، ثم يقلل من مخاطرها ويؤكد أننا في مأمن في ألمانيا من هذه التهديدات. بقي شويبله يعمل بنفس المنطق، حين انتقد بشدة وسائل الإعلام بسبب تغطيتها المبنية على المبالغة خلال ندوة متخصصة لمناقشة «صورة الإسلام في ألمانيا»، عقدت في برلين في 27 فبراير 2008 بدعوة منه أيضا. ولكنه في الوقت ذاته خرج من الاجتماع ليطالب جميع الصحف الألمانية بضرورة إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تصور النبي محمد، احتجاجاً على تهديد الرسام الدنماركي فيسترغراد بالقتل. وهذا كله لا يأتي مصادفة، بل هو سياسة ممنهجة. وتوضح استطلاعات الرأي أن 80 بالمائة من الألمان يقفون ضد «الحرب على الإرهاب» وضد العمليات العسكرية في أفغانستان وشن الحروب بشكل عام. وهم كذلك ضد مشاركة الجنود الألمان فيها. ولكن النخبة السياسية في ألمانيا تنهج سياسة أخرى وتُمارس دعاية قوية للحرب اعتماداً على صورة الإسلام كعدو. وكلما خلا المشهد السياسي من المخاوف المتعلقة بالنشاطات «الإسلاموية»، أُطلقت التحذيرات الوهمية وسيناريوهات التهديد. ونتيجة لهذه السياسة يحبس الشعب الألماني أنفاسه خوفاً من الأنباء السيئة الآتية من العالم الإسلامي أو المسلمين في ألمانيا. وطالت صورة الإسلام من خلال هذا السياسة الكثير من التشويه، لدرجة أن بدأ الأشخاص في ألمانيا يفكرون بإحدى الطريقتين: إما أن ينمو الاستعداد لديهم للسماح بمقاتلة هذا «العدو الخطير»، من أجل توفير الحماية للآخرين، أو أن يشعر المرء نفسه مضطراً لتخليص «المرأة المسلمة المسكينة والمغلوب على أمرها» بل وجميع المسلمين من الإسلام. لقد وضع الخبير بالعلوم الإستراتيجية بيرنارد ليويس مفهوم «صدام الحضارات» ونشره عام 1990 في مجلة «أتلانتيك مونثلي» (في: جذور الغضب الإسلامي). وعلى الرغم من أن هذه الدراسة كانت تصف نفسها بأنها تحليل فحسب، لكنها على ما يبدو كانت البرنامج المفصل لاختلاق العدو الإسلامي للغرب. وحسب هذا البرنامج فإن كل المسلمين يقعون تحت شبهة كراهية «الحداثة المبنية على الحرية». كما يُصور العالم الإسلامي على أنه «عالم متخلف» يشكل خصماً ونداً «للغرب المتحضر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية». وللحفاظ على وضع الأخيرة كقوة تقود العالم، فلا بد من التركيز على صراع للحضارات، ومن خلال الصورة العدائية للإسلام يتم تأمين موارد النفط في البداية، ومن ثم السيطرة على آسيا والصين كأهداف تالية. وهناك الكثير من الخبراء يؤكدون هذه الإستراتيجية، ومنهم: زبيغنيو برزينكسي وروبرت دريفوس، ونعوم تشومسكي. وألمانيا كإحدى دول المعسكر الغربي يجب أن يتم إشراكها بصورة فاعلة في هذه الإستراتيجية. وفولفغانع شويبله ليس وحده الذي يتبع هذه السياسة المنية على زرع الشقاق بين المسلمين وغير المسلمين بنجاح. ويمكن استقراء نواياه من الخطاب، الذي ألقاه في الاجتماع المذكور في 27 فبراير. فهو لا يقتبس سوى تلك الفقرة من كتاب «الديوان الشرقي للمؤلف الغربي» للشاعر الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته: «عليك أن تصنع السمعة الحسنة وأن تميز بين الأمور ومن يرغب في المزيد سيفسد كل شيء» ويعني هذا أن على المسلمين أن يحسنوا من سمعتهم بأنفسهم ولا يبالغوا في المطالب. نعم، فهذا الاقتباس يتضمن تهديداً من أن من يطلب المزيد، يفسد كل شيء. وعلينا أن نأخذ هذا على محمل الجدية وأن لا نعترف للوزير الألماني بمصداقيته كوسيط بين المسلمين ومؤسسات الدولة في ألمانيا. فهو وغيره الكثير من الأشخاص يوظفون وسائل الإعلام بشكل مقصود من اجل إذكاء صراع حضاري. إن على حركات السلام العالمية أن تتواصل فيما بينها، كما أن إخواننا وأخواتنا من المسلمين مطالبون اليوم بشكل خاص بعدم الانجرار إلى إستراتيجية التصعيد كذلك. فعندما تتحد القوى البناءة في عملها، تضيع الفرصة على المطبلين للحروب كشويبله وأمثاله.  رئيسة معهد المسؤولية الإعلامية في ألمانيا IMV  العربية. نت