بكل العفوية والتلقائية، يعاود عبد الله بن عبد العزيز ترسيخ ما لم يرسخه أحد من قبل، وبكل شفافية القائد، نجده يصر على أن يتعامل مع شعبه بقلب مفتوح، وهو الذي كان دوماً ولا يزال، حريصاً على أن تتجاوز علاقته مع مواطنيه علاقة «الحاكم» أو «الملك» لتكون علاقة تماس مع المشاعر والوجدان، يسيرها عقل متفتح، ورأي ثاقب، واهتمام شديد بكل ما يهم الوطن والمواطن. فالمليك يجسد صورة المواطنة المسؤولة في أزهى صورها، لذا نجده باسمرار يلح على تحفيز المواطن (أيا كان موقعه) على التفاعل مع حقوق المواطنة وواجباتها، ولا تزال كلماته محفورة في الذاكرة حين طالب الشعب ـ عقب البيعة ـ بأن يكون عوناً وسنداً ومشاركاً في مراحل البناء والتنمية والازدهار، ولا نزال نذكر أيضاً توجيهه لكل مسؤول بالعمل المخلص والتفاني والأمانة، ومعرفة أن كل مسؤول إنما هو في موقعه لخدمة الشعب أولاً وأخيراً. وهنا، كانت كلماته بالأمس دعوة صريحة لنا جميعاً، بأن نكون عند مستوى المسؤولية الجماعية، بالتواصل والتعبير عما يدور في الحراك الاجتماعي العام من منطلق الحس الوطني الذي يقابله حضن أبوي يتسع للجميع، وهنا أيضاً يمكننا اعتبار كلمة المليك «سأتلقى بلقب مفتوح من يجد في نفسه شيئاً» عنواناً عريضاً لشخصية عبد الله بن عبد العزيز، بكل ما فيها من حب وبذل وإخلاص. هذا العنوان، يعطينا النموذج الأمثل لنظرة خادم الحرمين الشريفين الشاملة، كما أنها مؤشر واضح على ما يتمناه ويرضاه ويعمل عليه ومن أجله، وربما أيضاً تكون هذه الكلمات دعوة صريحة نحو أكبر عملية مشاركة اجتماعية في تاريخنا المعاصر، يمكن من خلالها بناء لغة تواصل مشتركة، تضمنا جميعاً، وتكون بمثابة حوار وطني من نوع جديد، نشترك في صياغته وكتابة خريطته دون حواجز أو قيود. سياسة القلب المفتوح التي يؤطر لها خادم الحرمين الشريفين إذا، تجديد لسياسة الباب المفتوح التي قامت عليها المملكة منذ تأسيسها وتشكيل هويتها، وتمثل أيضاً تحدياَ جديداً يجب أن نحافظ عليه، ونستكمل ملامحه العامة، الملامح العامة لدولة لا تغلق ابوابها أمام أي مواطن، ولقائد يفتح قلبه لأبنائه وإخوانه ومواطنيه، لتكتمل المعادلة التي نتميز بها ونعتز.
