أقام نادي المنطقة الشرقية الأدبي ندوة حول «الكتابة للطفل»، شارك فيها كل من رئيس النادي القاص جبير المليحان ورباب النمر، مساء الثلاثاء الماضي في مقر النادي بالدمام.
ولخصت رباب النمر في مقدمة ورقتها مظاهر استسهال الكتابة للطفل، ذكرت منها تقديم أفكار سطحية تهمش قدرة الطفل على التفكير، أو النقيض من ذلك تقديم أفكار يصعب على الطفل فهمها، أو أن تجتر النصوص المكتوبة للطفل أفكاراً بالية أو تقوم باستيراد أفكار الآخرين وتقديمها لأطفالنا، مصاغة بلغة ركيكة تقترب من الدارجة مع كثرة الأخطاء النحوية واللغوية، يرافق ذلك رداءة في الإخراج الفني من رسومات ونوع الورق وخلو المادة من عناصر الجذب والإثارة.
وقالت: إن الكتابة للطفل تحتاج لتحصيل آليات وأدوات معينة أهمها إتقان الإبداع الكتابي، ثم النجاح بالارتقاء إلى مستوى الطفل لمخاطبته بما يتناسب مع حاجاته النفسية والاجتماعية، ناصحة الكتاب الذين يستسهلون الكتابة للطفل بامتلاك الدراية الكافية بحاجاته وبأساليب إشباعها، مؤكدة أن التعامل الخاطئ يؤثر على نشأة الطفل. وأضافت أن من أسباب استسهال الكتابة للطفل الطمع في الربح المادي بالذات فيما يتعلق بالمجلات الموجهة للطفل إضافة إلى تنافس دور النشر فيما بينها، ما أدى إلى إصدارات غير موفقة، في ظل غياب النقد الأدبي عن الساحة الأدبية وغياب البحوث العربية في أدب الطفل.
وذكرت أن النظرة الدونية للطفل واعتباره في مكانة اجتماعية أقل ساهمت برداءة ما يقدم له، متسائلة: هل يؤثر الكاتب النجومية وحب الشهرة على حساب نحو 120 مليون طفل عربي أعمارهم دون 15 عاما، ويشكلون ما نسبته أربعون في المائة من التركيبة السكانية؟، موضحة أن الأطفال بحاجة ماسة إلى خطاب موجه من وسائل الإعلام المتوافرة، مستشهدة بقول د. وليد مشوح بأن المستلزمات، التي يحتاجها أدب الطفل شحيحة وبدائية والبحث في خلق المستلزمات يحتاج إلى ورش عمل جادة ومنهج، وأن الكتابة أو التعامل مع الطفل بحاجة لبنية تحتية تتطلب البناء، مستدلة برواية «ملك الأشياء» لطارق عبد الباري، والتي احتفى بها بمهرجان الكتاب بفرانكفورت 2004. من جانبه تحدث رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي جبير المليحان عن تجربته في كتابة القصة منذ كان طفلا في الثانية عشرة من عمره وتدرجه بالكتابة من الكبار إلى الصغار، وقال: إن الأطفال هم جوهر الحياة وافتقاد الإنسان طفله الداخلي يعد خسارة.
وأوضح أن تجربته في الكتابة للطفل كانت بسبب خبرته التربوية والأدبية ككاتب قصة، مشيراً إلى أنه اعتمد كثيراً في كتاباته على ما تقوله له عيون الأطفال وماتوحي به على مدى نجاح قصته وتفاعل الأطفال معها، بعد أن بنى مقاييسه من ردة فعلهم المباشرة على مايقرؤه لهم من كتاباته، وأنه من خلال عمله مدرسا في دولة البحرين كان يخضع القصة لورشة عمل بصحبة الأطفال بنين وبنات.
ولفت المليحان إلى أن الكتابة للطفل لا تقتصر على جهد المؤلف، بل تحتاج لمشروع مؤسسي (حكومي – أهلي)، مستدلاً على ذلك بالحديث عن تجربته الناجحة مع أرامكو، ومستعينا بعارض الشرائح لتعداد خصائص الطفل ومفهوم القصة وعناصرها، وذكر أن كتاب الطفل هواة في الواقع ولا يوجد كاتب محترف للطفل.
وشدد على ضرورة غرس التفكير العلمي المثير للأسئلة في القصة وألا يلجأ الكاتب للأساطير والخزعبلات وتجنب المباشرة. وعن القيم فيمكن استزراعها خلف النص واستعرض قصته (الصديقان) كمثال.
في الفترة المخصصة للمداخلات تناول محمد المعيبد موضوع التراكم الزمني واختلاف الكتابة من منقطة لأخرى، وقال: الكتابة للطفل في الأحساء تختلف عن الكتابة له في المكسيك.
واختزل نائب رئيس النادي د. مبارك الخالدي مداخلته في تعليق على مداخلتين لعبد الله وافية وإبراهيم السماعيل، وكانتا تصبان في استشراف مستوى النصوص المقدمة للطفل، حيث قال الخالدي: إدراك الطفل للغة المكتوبة يختلف عن إدراكه لما يقدم في المسلسلات، كما ذكر السماعيل، مستشهدا بشعبية مسلسل «الزير سالم» عند الأطفال وتفاعلهم معه رغم صعوبة اللغة.
وقال الناقد أحمد سماحة: إن بعض الأطفال يستطيعون صياغة النصوص بأنفسهم وما علينا سوى الإنصات لهم.
وذكر جبير المليحان، في رد على إحدى المداخلات، أن اللغة التي يكتب بها للطفل لا ينبغي أن تكون مستعصية، ولكن يجب ان تزيد ثروته اللغوية أيضا، وعندما يجد الطفل صعوبة ما، يستطيع أن يسأل معلمه أو أحد والديه، كما قال في رده على المعيبد: لا مانع أن يكون النص محليا، ولكن من الضروري ان يحمل قيمة إنسانية. وقال في رد على سؤال لأحد الحضور يدور حول أن «كليلة ودمنة» تحمل أبعادا فلسفية ربما لا يستطيع الطفل إدراكها، إن «توم وجيري» المسلسل الكرتوني ليس سوى بعض قصص من «كليلة ودمنة».
أما رباب النمر فقالت في مجمل ردها على بعض المداخلات: عاصرت الأطفال كأخت كبيرة لعدد من الأطفال ثم كمعلمة رياض أطفال وأخيرا في الكتابة للطفل في قصة «أنا وأخي» و»حسن وقلم الرصاص»، وذكرت أنها تتمسك باللغة العربية الفصحى، وأنها ضد تسهيلها، محذرة من هذه الدعوة، لأن اللغة السليمة هي معول البناء، ولا تود البدء بمعول هدم، داعية إلى التعامل مع الأشياء باسمائها العربية الصحيحة، وأن هذا سيعطي الأطفال قدرة على التعبير عن نفسه مستقبلا. كما تحدثت عن كيفية القراءة للطفل واستخدام لغة الإشارة .
وقالت في معرض إجابتها على سؤال حول مدى تقييمها لمجلات الطفل: إنها تتفاوت في مستواها فهناك الجيد نصا وصورة مثل مجلة ماجد وباسم، وهناك مجلات تطبع برداءة من أفلام الكرتون، حاثة على ابتكار شخصيات جديدة تناسبنا ومن بيئتنا كما فعل جاسم المطوع بدلا من اجترار شخصيات مستهلكة .
وتساءلت زهرا بوعلي عن مدى قدرتنا على الإنصات للطفل؟، موضحة انه سيكون قادراً على تقديم ما يناسب للطفل حين يتخلص المجتمع من النظرة الدونية للطفل، مقدمة تساؤلاً: ماالذي يمنع من ان نخرج من هذه المحاضرة بورشة عمل؟ فكل الحضور من المهتمين بالإبداع للطفل. فيما تحدثت أسماء بو خمسين عن تجربتها السلبية في الكتابة للطفل بمدارس الظهران.