الغيرة والحسد هي خناجر مسمومة يستخدمها البعض في الانتقام من أشخاص آخرين بدافع الحقد والكراهية لاعتبارات شخصية كأن يكون الشخص محبوبا أو متميزا أو يمتلك مهارات خاصة فتولد الغيرة حتى بين الإخوة إذا ما شعر أحدهم بأن أخاه محل الاهتمام والمحبة والرعاية من الوالدين كما تكثر الغيرة في مجتمع النساء خاصة وأنهن يحرصن على المباهاة بالقصور والأثاث والمجوهرات كما أن التميز في العمل والفروقات الفردية كذلك مجالا خصبا للغيرة وفي هذا التحقيق سنتعرف على بعض آثار الدمار التي تنشأ بسبب الحقد والغيرة .
تجربة مريرة
في البداية تتحدث نورة محمد عن تجربة وصفتها بالمريرة فقالت : لم أكن أعلم بأن الغيرة هي أبشع الصفات البشرية وأنها تحطم كل معاني الحب والمودة وتجرد الإنسان من إحساسه وضميره وتجعله وحشا ضاريا يأكل من لحم أخيه وتجربتي مع الغيرة لا يمكن لعقل أن يصدقها فكانت أختي من أمي وأبي التي تملكها الحقد والغيظ والغيرة مني لأني تزوجت رجلا محبا لي ويحسن معاملتي ويملك مركزا محترما ومرموقا فأخذت تبث سمومها وتظهر غيرتها واضحة حيث إنها لم تترفع عن زوجي وأصبحت تكلمه باستمرار وتشوه في صورتي وتشككه في أخلاقي وإخلاصي له كما حاولت أن تجذب انتباهه بأنها متدينة وعلى قدر كبير من الجمال وعرضت عليه الزواج ووعدته بحياة هانئة وأن تحفظ ابناءه واستمرت في بث سمومها في عقله وقلبه حتى طلقني فجأة دون أن أعرف الأسباب وفوجئت بعد أسبوع واحد من طلاقي بأنه يتقدم لخطبة أختي التي لم تراع مشاعري فصاحت فرحا ووافقت مباشرة وتزوجت أختي زوجي وأخذت أبنائي ودمرت حياتي فقط لأني تزوجت قبلها وكانت حياتي سعيدة الأمر الذي جعلها تلغي ضميرها بسبب الغيرة العمياء .
صور عديدة
في حين ذكرت فاطمة خالد عن صورة أخرى من صور الغيرة فقالت : تكثر الغيرة في مجتمع النساء وخاصة في مجالس المساء فلدي إحدى جاراتي هداها الله تغار إلى درجة كبيرة من امرأة أخرى لأنها على قدر من الجمال ومحبوبة من الجميع والكل يحرص على وجودها في المجلس كما أنها أكثرنا رفاهية من ناحية الزينة والمنزل والأثاث وزوجها رجل معروف بصيته وأخلاقه فبدأت تلك الجارة الحقودة بنشر الفتن واختلاق الأقاويل التي تسيء لتلك الجارة المحترمة فبدأت تطعن في شرفها وسمعتها وتفرق بينها وبين بقية الجارات وتحلف كذبا بأنها رأتها تفعل كذا وكذا ونحن للأسف صدقنا لأنها تحلف وتقسم وأصبحنا نتجنب هذه الجارة المسكينة ، وأصيبت تلك الجارة الغيورة بمرض خطير يأكل أعضاء جسدها وهو ما يسمى ( الغرغرينة ) وهو داء خبيث يأكل اللحم والعظام فدخلت إلى المستشفى في حالة يرثى لها وطلبت منا أن نحضر جميعا لتخبرنا بأمر هام واستغربنا جميعا بأنها طلبت حضور تلك الجارة التي أساءت لها وعند حضورنا بكت بشدة وقالت سامحيني يا فلانة لقد طعنت في شرفك وسمعتك وفرقت بينك وبين بقية الجارات واختلقت الأكاذيب وطعنت في ظهرك فكان هذا المرض جزائي أكل من لحمي وعظمي كم اغتبتك وأكلت من لحمك فكشفت لنا الحقيقة باكية وطلبت السماح منها فعفت عنها وسامحتها فكان موقفا يقشعر منه البدن والكل أخذ يعتذر من تلك المرأة الطيبة .
( حقد دفين )
كما أن مجال العمل هو مجال خصب للحقد والغيرة فتحدثت أسماء ناصر عن ذلك فقالت : الغيرة أمر لا يصدقه عقل وكانت لي تجربة صعبة في المدرسة فأنا معلمة أحصل على ثقة واهتمام المديرة الأمر الذي أشعل غيرة الوكيلة التي أصبحت تشعر بأني مثار الاهتمام من قبل المديرة وبقية المعلمات فأنا إنسانة مجتهدة ونشيطة ومحبوبة من الجميع والمديرة بصفة خاصة تثق بي وتعطيني بعضا من المهام الصعبة لأنها تثق بعملي فشعرت الوكيلة بأنها مهمشة وأني بدأت أسحب البساط من تحتها وكانت تخشى أن علاقتي مع المديرة ستفقدها مكانها ومنصبها الوظيفي فبدأت بالتشويش وخلق العداوات بيني وبين زميلاتي ثم التشكيك في أخلاقي وسمعتي وبدأت في اللعب بقذارة حتى تغيرت علاقتي بالمديرة وأصبحت تفجر حقدها وغيرتها أمامي فتهاجمني بشدة ولكن الأمر لن يطول لأني أثق بنفسي ولأن الحقيقة ستظهر يوما والغيرة مرض نفسي يقتل صاحبه .
( تفرقة )
أما لمياء عمر قالت : الغيرة بين الأطفال من أصعب أنواع الغيرة وأشدها فبعد أن أنجبت طفلتي الثانية على ابني الذي كان مدللا 8 سنوات أصبح شديد العصبية وفقد شهيته حيث انخفض وزنه 9 كيلوات فجأة وأصبحت أرى دموعه بعد أن ينام فهو يبلل مخدته بالبكاء وذات يوم قام بسحبها بشدة وأخبرني بأنه ينوي رميها في القمامة فشعرت بخطورة الموقف وقمت بإخضاعه لعلاج نفسي طويل حتى تجاوزت هذه المرحلة بصعوبة بالغة .
( رأي اخصائية )
في حين أكدت سمية بسيوني أخصائية أمراض نفسية بأن الغيرة مرض نفسي خطير قد يؤدي إلى الجرائم في بعض الأحيان إذا ما تم تدارك الموقف ولا بد أن يلاحظ الأهل ذلك ويبدأوا في البحث عن الحلول والعلاج لأن الغيرة تكبر ويزداد الوضع سوءا شيئا فشيئا ولا بد من السيطرة عليها لأن الغيور سواء أكان رجلا أو امرأة يهدف إلى خلق المشاكل وإثارة البلبلة ليحصل على الاهتمام والتقدير بالقوة و الإجبار .
