عندما سربت أخبار بأن الرئيس الأمريكي جورج بوش يواجه ضغوطاً في الرياض، وأن خطابه «العصبي والمتشدد» تجاه طهران قبل أيام، لم يكن إلا نوعاً من استباقية الظروف، خاصة أن واشنطن تعلم الموقف الخليجي والسعودي تحديداً جراء أي تصعيد أو تهديد بالمنطقة التي لا تحتمل حرباً جديدة. الرئيس بوش يعلم جيداً أن الرياض مختلفة عن غيرها من العواصم، وأن ما قد يسمعه فيها من وجهات نظر ربما لن يسمعه في عواصم أخرى، وأن الدور المحوري والأساسي الذي يقر به معظم قادة العالم، لا يمكن إنكاره أو تجاهله، أو المرور عليه مرور الكرام، كما أن شخصية مثل خادم الحرمين الشريفين شخصية من العيار الثقيل، لها بصمتها ورأيها المقدر على الساحة العالمية، وفي كافة القضايا. كلنا نعرف أن الرئيس بوش، يحاول إنهاء ولايتيه بشكل مشرف، وأن عليه أن يكتسب مزيدا من الأصدقاء في هذه الفترة الحرجة، خاصة بعد تردي سياسة بلاده الخارجية وانخفاض شعبيته داخلياً، كما أنه يعرف جيداً أن الصداقة السعودية الأمريكية وعبر تاريخها الطويل، تميزت بالكثير من المصداقية واستقلالية الرأي، والنظرة المستقبلية، خاصة أن المملكة دولة تعمل من أجل الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة وفي العالم، وأن النصائح الموجهة للرئيس بوش يهمها في المقام الأول، الحفاظ على هذه الصداقة بين الشعبين، واستمرار المصالح المتبادلة. الولايات المتحدة تعرف المأزق الراهن جيداً، تعرفه من خلال الإحباط العارم تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتعرفه عبر فشل سياستها في العراق، وسقوط مبررات حربها في نظر الكثيرين، وتعرفه عبر هذا الغضب الشعبي عربياً بالذات تجاه هذه السياسات. ولقد حاولت المملكة كثيراً ونجح خادم الحرمين الشريفين شخصياً في كثير من المواقف في تحويل مجرى وجهات النظر الأمريكية، وكسبها تجاه ما يحدث، وربما لا نخفي سراً عندما نؤكد أن المملكة تضغط باتجاه الحل العادل للصراع العربي الإسرائيلي، أو لفك الاختناق الجاري على الأرض في العراق، أو لحلحلة الأوضاع في لبنان. أمريكا بحاجة لسماع صوت المخلصين من أصدقائها، والرئيس بوش بالذات، عليه أن يكون أكثر المستمعين كي لا يختتم ولايتيه بحروب جديدة!