DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أسعد عبدالرحمن

أسعد عبدالرحمن

أسعد عبدالرحمن
أسعد عبدالرحمن
أخبار متعلقة
 
بشكل عام، لم تلمس شعوب منطقة الشرق الأوسط شيئاً عملياً يشجعها على تصديق السياسة الأميركية القائمة على المعايير المزدوجة التي تؤكد أن الحرية في المنطقة هي حرية إسرائيل في القتل والتدمير ومواصلة الاستعمار / «الاستيطان»‏،‏ وأن الديمقراطية مجرد كلمة باتت مبتذلة تنسحب بالضرورة على الوضع الفلسطيني، ناهيك عن العراقي وحتى السوداني . وعندما قامت الإدارة الأميركية بتخطئة سياسة بلادها السابقة تجاه دول الشرق الأوسط على مدى 60 عاماً عشية غزو العراق فإنها ـ في حقيقة الأمر ـ أكدت الازدواجية الأميركية برفضها الديمقراطية في الشرق الأوسط دون غيرها من مناطق العالم بما يخدم دولة إسرائيل وحدها . وبما أن سياسة المعايير المزدوجة لطالما كانت سائدة، ها هي مسيرة الفشل السياسي الأميركي متواصلة منذ سنوات ولن تنتهي بمغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، ذلك أن إدارته لم تفكر في التعامل مع قضية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من منطلق العدل أو القرارات الدولية على الأقل . وها قد تراجع الرئيس بوش عن وعده بإقامة الدولة قبل نهاية ولايته بالحديث يوم 6 يناير 2008 عن إنجاز اتفاق عن «طابع الدولة الفلسطينية». المتابع لخطابات رؤساء الولايات المتحدة سيصل إلى نتائج مفادها أنه ـ بغض النظر عن الرئيس الذي يجلس في البيت الأبيض ـ ليسوا في وارد حل القضية الفلسطينية وفق منطق الشرعية الدولية، بل العكس هو الصحيح، لذلك، كثيرون يعتقدون أن حديث الرئيس بوش عن حل الدولتين ربما يكون للاستهلاك السياسي والإعلامي . ويكفي الإطلاع على دراسة حديثة للباحثين الأميركيين (ستيفين والت) و(جون مريشيمر) تناولت العلاقات الأميركية الإسرائيلية منذ إنشاء دولة إسرائيل، للتأكد من أنه في عهده برز دور ملحوظ للتحالف الصهيوني في تحديد مسار السياسة الأميركية خاصة عام 2002، ومن أمثلة ذلك الحملة الإعلامية الشرسة التي شنها التحالف الصهيوني ضد دعوات بوش إسرائيل للانسحاب من الضفة الغربية، وأدت إلى تراجع بوش عن موقفه والتوقف عن مطالبة إسرائيل بالانسحاب» . وهذا الحال، أي إعلان موقف ثم سحبه قبل أن يجف حبره، أمر يقلق كل من يتابع الرئيس بوش. مع بداية فترة حكمه الأولى، أكد الرئيس الأميركي أن الدولة الفلسطينية ستنجز خلال خمس سنوات. ثم مددها لسنة إضافية إلا أننا مازلنا «مكانك سر» ، بل ربما يرى المتشائمون أننا نعود خطوات للخلف . وكان الرئيس نفسه أعلن ـ مشكوراً ـ وبجرأة في (24 يونيو 2004) عن رؤيته للتسوية عبر حل «الدولتين» أو فكرته حول دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة، ثم أعاد التأكيد مراراً عليها بعد ذلك، لكنه كان دائماً ـ عملياً ـ يتراجع مثبتاً أن واشنطن هي مع ذاك «السلام» الذي تحدده إسرائيل. وهو ما لخصه بوش في 22 أغسطس 2007 حين أعلن إيمانه بأن الصراع ليس بين الشعب الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي بقدر ما هو صراع تشهده الساحة الفلسطينية بين «المعتدلين» و«المتطرفين». أيام «أنابوليس»، أعرب بوش عن ثقته بامكان توقيع اتفاقية سلام قبل انتهاء فترة ولايته الحالية، أي هذا العام، ثم قال في مقابلة خاصة نشرتها له صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه يسعى إلى «أن تجلس اسرائيل والفلسطينيون إلى مائدة المفاوضات ويوقعون ورقة تحدد معايير (وليس تنهي تأسيس) الدولة الفلسطينية المستقبلية»، مكرراً ذلك يوم 6/1/2008، مشدداً على أن «رؤياه القاضية بحل الدولتين تصب في المصلحة الأمنية بعيدة المدى لدولة اسرائيل»، ثم عاد بعد يومين فقط ووصف للشعب الأميركي في حديثه الإذاعي الأسبوعي بالراديو ما يجري في الشرق الأوسط بأنه «في جوهره أكثر من مجرد تصادم بالسلاح، فهو صراع عقائدي في جانب منه الموت والإرهاب . وفي الجانب الآخر ملايين الناس العاديين الذين يتطلعون إلى حياة الحرية والسلام لأبنائهم» . وشدد على أن «سلام المنطقة وأمن الولايات المتحدة يعتمدان على نتيجة هذا الصراع، وأن النصر في هذا الصراع لن يكون سهلاً، لكن التاريخ يعلمنا بأنه قابل التحقيق». عديد من السياسيين والمراقبين يرون أن تكثيف بوش خطاباته بخصوص جهوده لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي ينبع من محاولته وحزبه «الجمهوري» الخروج من المناخ المتأزم المحيط بهما، الذي سببه المستنقع العراقي، بعد أن أدرك الجميع أن الغزو لم يكن نصراً لأميركا، لذا فهما بحاجة إلى أي إنجاز يظهر قدرتهما على التحكم بإدارة الأزمات . كما أن بوش يسعى ـ وكذلك إسرائيل ـ لاستثمار الشقاق الأخوي «المؤقت» بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وعليه فمن المرجح أن تحاول إدارة بوش في عامها الأخير فرض خطوات على الفلسطينيين، ومن ورائهم العرب كمقدمة لتسوية قوامها ضرورة تصرف القيادة الفلسطينية بحزم ضد «الإرهاب» حتى تنعم إسرائيل بالأمن، وهي شروط ثبتها بوش لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون فيما عرف بـ «كتاب الضمانات الأميركية»، رغم تصريحات أخيرة له تبدو «متوازنة» ونحب ـ حقاً ـ أن نصدقها. بوش سيحاول في جولته اقناع الدول العربية بأن إسرائيل هي شريكة للسلام، وأن السلام لا يصب في مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين فقط، بل في مصلحة العالم العربي أجمع، وأنه كما قال في حديثه الأسبوعي الأخير «وبصفته رئيساً للولايات المتحدة، يمكنه أن يدفع المسيرة إلى الأمام من خلال تأكيده لحلفاء الولايات المتحدة وأصدقائها في الشرق الأوسط أهمية حل الدولتين والطرق الواجب اتخاذها للتوصل إلى هذا الحل» مع أنه ـ يا للغرابة ـ يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت «الرجل القوي صاحب الرؤيا»، رغم أنه لا يختلف اثنان في إسرائيل نفسها على أن أولمرت من أضعف، إن لم يكن أضعف، رئيس وزراء مر في تاريخ إسرائيل ويعاني على الجبهة الداخلية ما يعانيه. إن كان لتحركات بوش أثرها في الضغط، ليس على الفلسطينيين ومن ورائهم العرب، بل على إسرائيل لتوقف التوسع في المستعمرات/ «المستوطنات» والقتل والتدمير، ثم إنهاء الاحتلال وإنجاز «حل الدولتين» الذي يشكل جوهر «رؤياه»، سنتأكد عندئذ من أن تصريحاته الأخيرة ، قياساً على تلك غير الواضحة دوماً التي تحاول جمع الشتاء والصيف فوق سقف واحد، ستدخله في مكان «أفضل» أم يجب أن نقول : أقل سوءا؟ من المكان المحجوز له (حتى اللحظة) في صفحات التاريخ. فهل من عزاء للمتفائلين؟  صحيفة الاتحاد الإماراتية