حرامي يخترق مبنى المحافظة
ظاهرة خطف حقائب السيدات والتي يقوم بها أحداث ومراهقون على طريقة (خذ الفلوس واجري) ، لم تتوقف ، رغم جهود الشرطة في مكافحتها ، مما يعني ضرورة وأهمية المعالجات التربوية والسلوكية في البيت والمدرسة ، وتكثيف جهود الفعاليات الاجتماعية من أجل تسوية الوضع قبل أن يصبح عادة لهؤلاء طالما افتقدوا الزاجر وأمنوا العقاب الرادع.
وهذه الظاهرة أصبحت هاجسا للسيدات وحديثا للمجالس ، ويكفي أن نقرأ كل فترة وأخرى خبرا عن حادثة تختلف في تفاصيلها عن الأخرى وتتفق في الخلاصة ، وهي سرقة حقيبة نسائية سواء في الطريق العام أو في مسجد أو مستشفى أو في شركة خاصة أو في مقر حكومي كما في الخبر الذي أوردته هذه الصحيفة قبل أيام قليلة ، وجاء فيه: استنجد سارق أقدم على سرقة حقيبة يد من سيارة مواطن كانت لزوجته مقابل احد الأسواق الكبرى في إحدى المحافظات بسور مبنى المحافظة.
وفي التفاصل أنه عندما كانت العائلة تنوي دخول أحد الأسواق الواقعة مقابل مبنى المحافظة نسيت السيدة حقيبتها في السيارة ، وشاهدها السارق ، وعلى الفور قام بتحطيم نافذة السيارة وأخذ الحقيبة وبداخلها (500) ريال وجهاز جوال وولى هاربا ، ولكن زوج السيدة عاد لأخذ الحقيبة وشاهد السارق وهو يهرب ، فقام بإبلاغ الدوريات الأمنية التي حضرت على الفور ، وقامت بتمشيط المنطقة ، وبعد بحث وتحرٍ ومتابعة ، وبعد اخذ أوصاف كاملة للسارق ، اتضح أنه قام بالقفز داخل سور مبنى المحافظة .. نعم السارق قفز داخل مبنى المحافظة !! .. متجاوزاً كل التحصينات الأمنية من مراقبة وكاميرات وخلافه إن وجدت !! .
عندما غادر مبنى المحافظة بكل هدوء .. ألقت الدوريات الأمنية القبض عليه وتم التعرف عليه من قبل أصحاب المسروقات .
بالطبع مصدر الخطورة ليس في تهور السارق الحدث الذي بحسب ما ورد في الخبر أن عمره 16 سنة ، ولكن في الجرأة على اللجوء الى المحافظة وهي أعلى سلطة نظامية يفترض أن يهابها ويرتدع عن السرقة بالقرب منها أولا ، والابتعاد بغنيمته بعيدا عنها ثانياً ، ولمّا لم يحدث ذلك وإنما حدث العكس تماما ، فإن أجهزة الأمن بالمحافظة لم تلحظه وذلك يعني عدم وجود كاميرات مراقبة أو أفراد من الشرطة حول محيط المحافظة أو انهم يغطون في سبات عميق ، وذلك يفترض أن بوسع من تسوّل له نفسه اختراق الأمن بالمحافظة يمكنه أن يقوم بمثل فعل الصبي ببساطة ودون خوف ولأهداف أكبر من سرقة شنطة !! .
وهنا من حق المواطن أن يسأل: كيف يكون الحال لو تجرأ لص أو ضعيف نفس على سرقة مستند أو وثيقة أو أي شيء يهمه شخصيا الحصول عليه ؟ ، وماذا لو كان المجرم إرهابياً ؟!! .
الأمن ليس مجرد أجهزة وكوادر بشرية معرضة للخطأ والنسيان والتقصير والإهمال ولكنه إحساس داخل الإنسان يحترم فيه هيبة السلطة والنظام والقانون ولا يتجرأ على تجاوز ذلك ، والأمن شعور بالأمان في ظل حيوية الأجهزة الأمنية ومنعها الجرائم قبل حدوثها في كثير من الأحيان ، ولو لم يكن هناك أمن لتعرضت المحلات وليس حقائب السيدات للسرقة ، وهنا شعور ضعيف من قبل هؤلاء اللصوص بمتابعة الأمن لهم وذلك يعني استهانة به ، ما يتطلب دورا مناسبا للأجهزة الأمنية في بسط هيبتها وتكثيف جهودها لإشعار المجرمين والأحداث بهيبتها التي تختصر كثيرا من الجهود في مكافحة الجريمة وتقوية الشعور بالدور الفاعل لها في نفوس هؤلاء ، لأنهم في حالة أمان من العقاب ، وإن تم القبض عليهم فيما بعد فذلك حل لجزء من المشكلة وليس حلا نهائيا لها ، لأن السيدات في حالة خوف وهلع حين خروجهن من بيوتهن لقضاء حاجياتهن من تربّص لصوص الحقائب بهن ، وهذا يعني عدم شعورهن بالأمان ، مما يعني غياب الإحساس بالأمن ، وذلك يتطلب إعادة النظر في دور الأجهزة الأمنية ( وبالذات تلك الأجهزة المسؤولة عن أمن مقر المحافظات ، وعليها فرض هيبتها حتى يرتدع المجرمون ، فالأمن وقاية قبل أن يكون إجراءات نظامية ، وشعورا بالأمان .
بعض البحوث الجنائية الموضوعية تكشف كثيرا من خطورة هذه الجرائم خاصة أن من يرتكبها أحداث صغار في السن ، وستصبح سلوكا معتادا يكبر معهم وتتطور معه نوعية الجرائم وأدواتها ، واختراق محافظة مؤشر للاعتراف بقصور ينبغي مراجعته والوقوف عنده .
[email protected]