أخبار متعلقة
علي شهاب ـ الدمام
كان العرب أول من طوروا السفن الشراعية واستخدموا فيها «الإسطرلاب» والبوصلة التي مكنتهم من الإبحار إلى الهند وملقا والصين في عام 850م. إلا أن أوروبا سبقتهم حين صنعت الدفة الخلفية للسفينة عام 1200م. وفي عام 1807 استطاعت أمريكا بناء أول قارب ذي دفع بخاري ناجح تجاريًا، ثم دشنت بريطانيا بعدها عام 1818م أول سفينة مصنوعة كليا من الحديد ، أطلقت عليها اسم «فولكان».
وتعتبر صناعة السفن من المهن التي عرفها وامتاز بها أهل الخليج منذ القدم.
واليوم يعمل بعض رجال الأعمال في المملكة على إعادة اكتشاف قدرات السعوديين لإحياء صناعة برع فيها العرب منذ القدم لينافسوا عالميا في صناعة أصبحت من الصناعات الاستراتيجية ، وليؤكدوا ريادتهم في هذا المجال.
ورغم دخول شركة الزامل للصيانة والتشغيل مجال صناعة السفن في عام 2002م ، إلا أنها استطاعت أن تؤكد للجميع أن الفرد السعودي قادر على التحدي وإثبات ذاته في صناعة من أهم الصناعات ، بل إنه قادر على منافسة دول جنوب شرق آسيا والتي لها خبرة طويلة في هذا المجال وذلك بفضل توافر الإمكانيات والبنية التحتية وذلك بشهادة العديد من الخبراء بما في ذلك شهادات الخبراء البحريين لشركة أرامكو السعودية ، وكذلك هيئة التصنيف الأمريكية «إيه بي إس» والتي تأسست عام 1862م بهدف الإشراف على بناء السفن وحفارات البترول بجميع أنواعها.
«اليوم» التقت مع الرجل الذي يقف خلف هذه الصناعة الاستراتيجية رئيس شركة الزامل للصيانة والتشغيل المهندس زامل عبد الله الزامل قبيل تدشين صاحب السمو الأمير جلوى بن عبد العزيز بن مساعد نائب أمير المنطقة الشرقية السفينة «الزامل 50» ووضع قرينة السفينة «الزامل 52» وتوقيع عقد إرساء سفينة العوامات لميناء الجبيل وتوقيع بروتوكول عقد تمديد مشروع التجهيزات البحرية بميناء الملك عبد العزيز بالدمام .. فكان هذا الحوار...
لماذا هذا الاتجاه ؟
* بداية نود أن نسألكم : لماذا اتجهت شركة الزامل للصيانة والتشغيل إلى صناعة بناء السفن ؟
ـ كان لمجموعة شركات الزامل دور مهم في تطور الصناعات المحلية والإقليمية وكان لنا السبق في توطين كثير من الصناعات المهمة وأصبح لنا اسم كبير محليا وعالميا في هذه الصناعات ولأننا مجموعة صناعية كبرى فإننا نعطي دائما أولوية كبرى للاستثمار في المجال الصناعي ، لذلك قررنا اقتحام صناعة بناء السفن وقد وضعنا في اعتبارنا عدة أشياء منها أن المملكة تمتلك سواحل كبيرة وثمانية موانئ تجارية وصناعية من أكبر وأهم الموانئ الموجودة على البحر الأحمر غربا والخليج العربي شرقا وهذه الموانئ تحتاج إلى قوارب سحب وقوارب إمداد.. أضف لذلك أن أكبر شركة نفط في العالم موجودة في المنطقة الشرقية وهي شركة أرامكو السعودية والتي لها أعمال بحرية كثيرة وتحتاج إلى العديد من مختلف أنواع القوارب والسفن المتخصصة لدعم صناعة إنتاج البترول وكذلك سحب وإرساء وإمداد وسلامة وغير ذلك من الأعمال البحرية المهمة.
ولا تنس أن 95 في المائة من صادرات وواردات المملكة تمر عبر الموانئ البحرية ، فصادرات ومنتجات المملكة وصلت إلى أكثر من 120 دولة حول العالم لذلك كان من المهم أن تتواكب مع هذه النهضة ، نهضة صناعية خاصة في صناعة استراتيجية مثل صناعة السفن التي لعبت دورا فعالا في نهضة كثير من الدول الصناعية الكبرى في العصر الحديث مثل اليابان وكوريا وسنغافورة والصين وغيرها من الدول.
اهتمام المستثمرين
* ما الأسباب التي تجعل قطاع الصناعة لا يحظى باهتمام غالبية المستثمرين ؟ وهل هناك معوقات ؟
ـ الاستثمار في قطاع الصناعة استثمار طويل الأجل ويحتاج إلى نفس طويل من المستثمر .. فإنشاء مصنع مثلا قد يحتاج إلى أكثر من ثلاث سنوات بعدها مرحلة الإنتاج التجريبي ثم التشغيل الفعلي .. والأرباح تأتي بعد معاناة ، خاصة أن المنتج الذي سوف تطرحه في السوق قد لا يجد قبولا في البداية من المستهلكين حتى يتم التأكد من جودة المنتج وملاءمة السعر، أضف إلى ذلك الدعاية التي تحتاجها للتعريف بالمنتج .. في حين هناك قطاعات أخرى لا تحتاج إلى هذا الوقت والجهد لتعطي ثمارها .. لذلك يلجأ بعض المستثمرين إليها طمعا في الربح السريع السهل دون النظر إلى مصلحة الوطن والتي يجب أن يضعها أي مستثمر أمامه.
بداية الفكرة
* كيف بدأت فكرة صناعة بناء السفن في مجموعة الزامل؟
ـ برزت الفكرة منذ وقت طويل واختمرت في الذهن خاصة أننا نعمل مع أرامكو السعودية في المجال البحري منذ فترة طويلة تصل إلى حوالي 30 عاما، وكنا أول من قام بتشغيل أحواض إصلاح السفن في الموانئ السعودية وكذلك التابعة لشركة أرامكو السعودية ونقوم حاليا بتشغيل أسطول ضخم يضم حوالي 50 قاربا من مختلف الأنواع ، وكنا نقوم ببناء قوارب السحب والإرساء في بعض دول جنوب شرق آسيا، وبدأت الفكرة .. لماذا نذهب إلى جنوب شرق آسيا لبناء هذه القوارب ؟ وبدأ التساؤل يكبر : هل نحن غير قادرين على بناء مثل هذه القوارب والسفن داخل المملكة ؟
وكان بناء القارب يستغرق فترات طويلة إضافة إلى عدم الالتزام الدقيق للعديد من هذه الترسانات بالمواصفات المطلوبة والتلاعب في تقليل التكلفة ، وفي ظل تنامي الطلب العالمي على قوارب الموانئ والإمداد والسحب، فأصبح عامل الوقت ومستوى الجودة مهما لا يمكن التراخي فيه.
وكان هذا هو التحدي الحقيقي أمامنا ، لماذا لا يتم بناء هذه القوارب والسفن داخل المملكة ؟ أولا لتخفيض الوقت وثانيا لتوطين صناعة استراتيجية مهمة برع فيها العرب منذ القدم ، خاصة مع توجه الدولة لخصخصة خدمات الموانئ والذي بدأ في فبراير عام 1997م. وبدأنا إعداد كافة الدراسات اللازمة وساعدنا في ذلك لما لنا من خبرات طويلة وتراكمية في هذا المجال.
وقررنا خوض التحدي خاصة في ظل دعم الدولة ومساندة المسئولين وتوفير المناخ المناسب للقطاع الخاص للدخول إلى الاستثمار في القطاع الصناعي. وكانت السفينة «الزامل 25» هي أول سفينة تصنع محليا بإشراف الشركة الأمريكية «إيه بي إس» لصالح شركة أرامكو السعودية وتم تجهيزها بأحدث ما توصلت إليه التقنية البحرية في العالم من أكبر الشركات المصنعة للتكنولوجيا البحرية، وتم إجراء اختبارات وفحوصات عليها من قبل الهيئة العالمية لصناعة السفن، والحمد لله أنها نافست مثيلاتها في العالم من حيث الجودة والمواصفات والمتانة في أمريكا ودول جنوب شرق آسيا وأوروبا. وكانت «الزمل 25» هي انطلاقتنا في عالم بناء السفن.
تقييم التجربة
* بعد 5 سنوات من دخول شركة الزامل للتشغيل والصيانة مجال صناعة بناء السفن .. كيف تقيم هذه التجربة؟
ـ حين دخلنا مجال صناعة بناء السفن بالسفينة «الزامل 25» لم يكن قرارنا مبنيا على معطيات اقتصادية بحتة، حيث إنه كان يمكن بناء هذه السفينة في الصين أو كوريا أو سنغافورة بسعر أقل من تكلفته محليا، ولكن ما نحمله من حب لوطننا واستشعارنا بالمسئولية الوطنية التي يتوجب على القطاع الخاص القيام بها هو الذي دفعنا إلى خوض التجربة بهدف توطين صناعة السفن في المملكة، وكان البعد الاستراتيجي لهذه الصناعة هو هاجسنا الأساسي الذي دفعنا لاتخاذ مثل هذا القرار، خاصة أن هذه المشاريع في بداياتها لا تكون مجدية اقتصاديا، إلا أنها ستكون إن شاء الله طبقا للدراسات والخطط الموضوعة مجدية على المدى البعيد.
وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية قمنا ببناء أكثر من خمس عشرة سفينة تعمل حاليا بأعلى مستوى من الكفاءة مع شركة أرامكو السعودية وميناء الملك عبد العزيز بالدمام. وأود هنا أن أؤكد أنه لولا المناخ الصحي الذي وفرته الدولة للقطاع الخاص وتشجيعها المتواصل له للقيام بدور فعال في تطوير الصناعة الوطنية لما رأينا السفينة «الزامل 25» وما بعدها. ولا شيء أدل على ذلك مما نشهده اليوم من تمديد عقد التجهيزات البحرية لعشر سنوات أخرى حتى نتمكن من مواصلة تطوير هذه الصناعة ووضع المزيد من الاستثمارات في هذا المجال.
نية التوسع
* تقوم شركة الزامل للصيانة والتشغيل ببناء السفن في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام .. هل هناك نية للتوسع لبناء السفن في موانئ أخرى؟
ـ ميناء الملك عبد العزيز بالدمام هو الميناء الوحيد حاليا في المملكة الذي يقدم صناعة السفن، وقد خضنا تجربة بناء السفن منذ بدايتها فيه خاصة أنه مجهز بالعديد من الإمكانيات والتي قمنا بصيانتها وإضافة كافة التجهيزات الأخرى اللازمة لقيام هذه الصناعة .. ونحن على استعداد تام للتعاون مع أي ميناء سعودي آخر لتوطين صناعة بناء السفن بالشكل الذي يعود بالنفع على الوطن .. فالإرادة والخبرة في المجال متوافرة والحمد لله. ولعلي لا أذيع سرا إذا قلت إننا تلقينا العديد من العروض من بعض الشركات الخليجية الكبرى لنقل هذه التكنولوجيا والتعاون معها في هذا المجال. توطين الصناعة
* ما الذي تعنيه بتوطين صناعة بناء السفن في المملكة ؟
ـ في شركة الزامل للتشغيل والصيانة نعمل على استخدام المنتجات المحلية كلما أمكن ذلك ، وهناك حوالي 89 نوعا من الصناعات تدخل في صناعة بناء السفن، لذلك فإن صناعة بناء السفن من الصناعات التي تحرك الدورة الاقتصادية ، بسبب الصناعات الكثيرة التي تتداخل فيها. أضف لذلك توظيف وتوطين العمالة الوطنية. لذلك فإن هذه الصناعة إلى جانب أنها صناعة استراتيجية هي صناعة مهمة للوطن وأبنائه فهي محركة للاقتصاد الوطني وتحريك عجلة الصناعات الأخرى إضافة إلى أنها تساهم في توظيف العمالة الوطنية مما يساهم في حل مشكلة البطالة.
خطط مستقبلية
* بعد النجاح الذي حققته شركة الزامل للتشغيل والصيانة في المملكة في بناء السفن .. ما خطط الشركة المستقبلية ؟
ـ في ظل الطلب المتنامي على السفن باعتبارها وسيلة النقل الأقل تكلفة في العالم ، فإننا نتطلع للقيام بدور في منطقة الخليج ، خاصة دول مجلس التعاون، وقد تعاقدنا مؤخرا على بناء سفينة لدولة الكويت ، ونتمنى أن يكون هناك تعاون أكبر مع بقية دول مجلس التعاون، لاسيما أن معظمها يقوم ببناء سفن في دول جنوب شرق آسيا، وقد أصبحنا منافسا قويا لهذه الدول .. أضف لذلك أننا قادرون على تلبية طلبياتهم لبناء السفن بشكل أسرع من دول أخرى وبمواصفات عالمية. فبناء قارب في دول جنوب شرق آسيا يستغرق 18 شهرا على الأقل، في حين أننا قادرون على بنائه في غضون ستة شهور على الأكثر، وأعتقد أنه في ظل النهضة الاقتصادية التي تعيشها دول التعاون بفضل الوفرة المادية بسبب عائدات النفط ، وعامل الوقت المهم فإن الأيام القادمة سوف تحمل في طياتها أخبارا سارة لشركة الزامل للتشغيل والصيانة.
وقد بدأنا مؤخرا خطة طموحة لتسويق إمكانيات شركة الزامل في بناء وإصلاح السفن والوحدات البحرية المتخصصة بالتزامن مع خطة تطوير الإمكانيات المتاحة وزيادة الإنتاجية والجودة والتنافسية، استعدادا للدخول للأسواق الخليجية والعربية والعالمية.
سفن جديدة
* هل هناك نية للتوسع وبناء سفن جديدة مثل سفن الحاويات والركاب وناقلات النفط ؟
ـ كما ذكرت فإن طموحنا في أن يكون لنا دور فعال ومستمر في تطور الصناعة بالشكل الذي يليق بالمكانة العالية للمملكة على المستويين الإقليمي والعالمي .. طموح لا يقف عند حد معين رغم أن الاستثمار في هذا المجال كما ذكرت قد يكون غير مجد اقتصاديا في بداياته. وقد استطعنا أن نترك بصمة واضحة في بناء السفن المتخصصة وأصبحنا ننافس دولا تمتلك خبرات طويلة فيها. لذلك فنحن نركز بشكل كبير على السفن المتخصصة، كما أننا تقدمنا مؤخرا بدراسات حديثة لاستثمارات إضافية لتطوير الصناعات البحرية بشكل عام وكذلك تصنيع المنصات البترولية ويجري حاليا مناقشتها مع المسئولين كما أنه ليس لدينا ما يمنع من دراسة أية مشاريع بناء للسفن أيا كان نوعها، في ظل النجاحات التي حققتها شركة الزامل للتشغيل والصيانة، الأمر الذي يؤكد استيعاب العاملين في صناعة بناء السفن بالمملكة لواحدة من أعقد تكنولوجيات الصناعة الثقيلة بالعالم وإتمام البناء بأعلى مستويات الجودة وفي التوقيت المحدد.
عقد التجهيزات البحرية
* علمنا أن ميناء الملك عبد العزيز بالدمام سوف يوقع مع شركة الزامل للصيانة والتشغيل عقد تمديد مشروع التجهيزات البحرية بالميناء لمدة 10 سنوات .. ماذا يعني ذلك للشركة ؟
ـ تمديد العقد تم دون منافسة مع أية شركات أخرى نظرا لأن الشركة قامت بإدخال صناعة استراتيجية جديدة في المملكة وحققت فيها إنجازات كبيرة. فتمديد العقد هو بمثابة تجديد للثقة في قدرات الشركة التي استطاعت خلال السنوات الماضية أن تضع اللبنة الأساسية لتوطين صناعة السفن في المملكة وهذا يضع عبئا جديدا على الشركة .. حيث إننا لابد أن نعمل على الرقي بقدرات الشركة ووضعها في مصاف الشركات العالمية العاملة في هذا المجال.
وهنا لابد من إعادة الفضل لأهله .. فدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وكافة المسئولين في الدولة كان له الفضل الأكبر فيما وصلت إليه شركة الزامل للصيانة والتشغيل. وهنا لابد من شكر المسئولين في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام على ما قدموه ويقدمونه من دعم للشركة.
وتمديد العقد مع الشركة يعني كذلك أن تدخل الشركة إلى مجالات جديدة في صناعة السفن وأن نواكب أحدث التقنيات العالمية في هذا المجال، بل أن نتوسع في أعمالنا إن شاء الله.
أحدث التقنيات العالمية
* مواكبة أحدث التقنيات العالمية في مجال صناعة بناء السفن تحتاج إلى عمالة ماهرة تتمتع بخبرات عالية .. كيف يتم توفير هذه الخبرات ؟
ـ صناعة بناء الإنسان لا تقل أهمية في مجموعة الزامل عن صناعة بناء السفن .. ومنذ اللحظة الأولى لدخولنا هذا المجال ونحن نسعى إلى استقطاب الكفاءات السعودية المتميزة .. فليس المهم بناء سفن وقوارب سحب وإرساء وإمداد وسلامة، فالأهم هو بناء من سيقود هذه القوارب والسفن. لذلك فنحن نحرص على تدريب العاملين سواء داخل المملكة أو خارجها وأن يحصلوا على خبرات في هذا المجال من خلال احتكاكهم المباشر مع الخبرات الأجنبية التي تعمل في الشركة. ولدينا الكثير من الشباب السعودي الذين يتبوأون مناصب قيادية في الشركة، وكذلك في قيادة هذه السفن والقوارب. ولدينا طاقم إرشاد كامل من السعوديين لتشغيل الملاحة والإرشاد بميناء الملك عبد العزيز بالدمام. وهناك العديد من المتدربين في طريقهم للتعيين بالشركة.
ولا يفوتني في هذا المجال تقديم الشكر لشركة أرامكو السعودية والتي فتحت مرافق التدريب لديها لتدريب الشباب السعودي الراغب في الالتحاق بالعمل في مجال صناعة بناء السفن. ولدينا فرص عديدة لتعيين الشباب السعودي المؤهل والراغب في العمل في المجال البحري سواء في مجال الملاحة أو الهندسة البحرية للعمل على سفن أسطول الشركة البحري المتخصص.
الصناعة مستقبلا
* ما رؤيتكم لصناعة بناء السفن في المملكة مستقبلا ؟
ـ المملكة مؤهلة للقيام بدور كبير في صناعة بناء السفن في منطقة الشرق الأوسط .. فهذه الصناعة تحتاج إمكانيات كبيرة أكثرها متوافر في المملكة. فالاحتياج الفعلي للمملكة من قوارب وسفن سحب وإسناد وإمداد وسلامة كبير في ظل وجود أكثر من ثمانية موانئ في المملكة ، ووجود أكبر شركة نفط في العالم فيها والتي تعمل في مناطق مغمورة بالمياه .. إضافة للتعاون مع القوات البحرية الملكية السعودية وقوات حرس الحدود إضافة إلى سفن الصيد حيث إن المملكة تتمتع بشواطئ كبيرة على البحر الأحمر والخليج العربي .. كل ذلك يؤكد أن هذه الصناعة ينتظرها مستقبل كبير.
وكما ذكرت فهذه الصناعة من الصناعات التي تقوم بعملية حراك لبقية الصناعات الأخرى حيث إنها تتطلب الكثير من المنتجات الصناعية التي يتم تصنيعها داخل المملكة الأمر الذي يعني رواجا اقتصاديا .. فصناعة السفن تعتبر قاطرة للكثير من الصناعات الأخرى.
استثمارات أجنبية
* هل تؤيد دخول الاستثمارات الأجنبية في مجال صناعة بناء السفن؟
ـ الاستثمارات الأجنبية مطلوبة ولكن لابد من اختيار الشريك الأجنبي بدقة بحيث يكون ممن يمتلك أحدث الخبرات التقنية في هذا المجال ، وأن يعمل على نقل هذه الخبرات التقنية إلى المملكة، وأن يتم تطويع هذه الخبرات لصالح المملكة. وشركة الزامل للصيانة والتشغيل تمتلك اليوم خبرات كبيرة في هذا المجال، ويتم جلب أحدث التقنيات للسفن التي يتم بناؤها في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام .. حتى أنها نافست دولا لها باع طويل مثل كوريا وسنغافورة وغيرهما.
شركة لصناعة السفن
* سمعنا عن مشروع سعودي لتأسيس شركة لصناعة السفن والقوارب .. هل تؤيد تأسيس شركة مساهمة لهذا الغرض ؟
ـ نحن مع كل ما يخدم الاقتصاد الوطني، وتأسيس مثل هذه المشروعات هو دعم للمسيرة الاقتصادية في بلادنا، والمملكة تمتلك ثمانية موانئ ويمكن إيجاد هذه الصناعة في موانئ أخرى إلى جانب ميناء الملك عبد العزيز بالدمام .. فالمهم هو توطين هذه الصناعة في المملكة، وليس توطينها فقط بل ونكون بارزين في هذا المجال مثل العديد من المجالات الأخرى التي خرجت إلى العالمية مثل مجال البتروكيماويات حيث أصبحت شركة سابك إحدى الشركات العابرة للقارات في هذا المجال.
الزامل 50
* نريد إعطاءنا لمحة عن السفينة «الزامل 50» التي سيتم تدشينها قريبا وكذلك السفينة «الزامل 52» وما الفرق بينهما ؟
ـ الزامل 50 هي السفينة التاسعة من نفس النوع الذى قمنا ببنائه مؤخرا وكانت السفينة زامل 10 هى الأولى من هذا النوع الذى قمنا ببنائه والتى تعتبر السفينة الأولى فى العالم من نوعها التى تعمل بنظام الكهروميكانيكى فبداخل السفينة توجد محطة توليد كهرباء بطاقة ثمانية آلاف كيلو واط ، تقوم بإمداد الطاقة إلى مواتير كهربائية ضخمة والتي تقوم بدورها من إدارة كافة معدات الدفع والتوجيه على السفينة كما أن لهذه السفينة إمكانية التشغيل وحفظ موقعها آليا عن طريق الأقمار الصناعية باستخدام نظام الـ DP
أما السفينة زامل 52 فتعتبر نقلة قوية لهذه الصناعة في المملكة ونقوم ببناء خمس سفن من نفس النوع حاليا بترخيص من شركة رولز رويس العالمية صاحبة التصميم وهى من ناحية الحجم وقوة المحركات ونوعيتها أعلى بكثير من سابقتها .. وإن شاء الله موعدنا نفس الشهر من العام القادم لكي نهدي الصناعة السعودية السفينة الأولى من هذا النوع والذي نعتز كثيرا ببنائها على أرض المملكة.
السفينة زامل 25 التي تم تدشينها قبل عام .. صناعة واعدة للسفن بالمملكة