DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

غلاف الرواية

صورة الأدب الملتزم في رواية «عاشق في مكة»

غلاف الرواية
غلاف الرواية
أخبار متعلقة
 
«عاشق في مكة» رواية للكاتبين «منصور السيف ونجيبة السيد» تتحدث حول شخص ينطلق في رحلة لحج بيت الله الحرام وفي أثناء رحلته يتعرض لبعض الأحداث كما يسرد أحداثا أخرى تاريخية تضمنتها الرواية بشكل سلس ومنساب مع النص. هذه الرواية بقدر ما فيها من تحذير من أخطاء الحج بقدر ما تحمل من ترغيب في القيام بأداء فريضة الحج وزيارة البيت العتيق في مكة، كما تحمل الكثير من التفاؤل والأمل الكبير في رحمة الله سبحانه وتعالى ورأفته ولطفه بعباده.. يقول: «وتخيل نفسه في الحج متورطا...... أخطأت يا عبد القادر.. عليك أن تكفر ببدنة..... وعليك بدنة أخرى» ويقول في موقع آخر: «لا تستغرب كرم الله فهناك من دخل الجنة لأنه سقى كلبا ماء.. الله أكرم الأكرمين». وحيث إنني لا أريد أن أحرق متعة قراءة النص على المتلقي فلن أتطرق لتفاصيله وأحداثه، ولهذا سأكتفي بالتطرق لبعض الأمور . فإذا قسمنا الرواية مثلا إلى أجزاء فإننا سنقول أن جزأها الأول كان قبل السفر إلى مكة وهو جزء اتسم بأنه تمهيدي وتحريضي في الوقت نفسه فهو مهد القارئ للدخول في الرواية كما حرضه من جانب آخر على متابعة النص بما يحمله من إثارة. أما الجزء الثاني فهو في الطريق أثناء السفر إلى مكة وقد اتسم إلى جانب الإثارة بأنه يستعرض بعض الجوانب الفقهية وبعض الروايات والمعلومات والمعارف حول الحج إلى جانب تضمنه على بعض الأدعية. أما الجزء الثالث فإلى جانب أنه حوى كل ما حواه الجزءان السابقان فقد استعرض فيه الكاتب الكثير من الجوانب التاريخية في لحظات متشظية زمنيا ضمن الإطار المكاني في سبيل محاكاة اللحظة الراهنة الذي يعيشها بطل الرواية بالماضي السحيق وفق حالة من التداعي الذي تم توظيف شخصية البطل من أجله بشكل يتفق مع ما تم رسمه له كشخصية رئيسية. الرواية اعتمدت في سردها على راويين؛ الراوي الأول هو الكاتب وقد مارس الرواية كموضح أو معلق على بعض الجوانب ليكشف بعض الأمور حول الشخصية أو ليسرد أحداثا أخرى يستعصي على الشخصية الرئيسية سردها أو التحدث فيها من جوانب فنية، فيقول مثلا:»كانت تود أن يترك الحديث عن مغامراته التي لا يتفطن إلى أنها تجرح مشاعرها» والحديث هنا حديث الراوي الكاتب وليس الشخصية. أما الراوي الثاني فهو شخصية البطل ولقد استطاع الكاتب بل وفق تماما في رسم شخصيته كراو بكل اقتدار، فهذا الراوي الذي تحلق به الذاكرة لسرد أحداث تاريخية هو في الحقيقة رجل درس ويدرس مادة التاريخ وبالتالي ليس هناك أي إشكال في سرده أو استدعائه واستحضاره للتاريخ بالصورة المتمكنة التي وجدناها في الرواية على لسان البطل الذي ينطلق من خلال معرفته ويتحدث كمتخصص أكاديمي في التاريخ، كما أن لغته العاطفية تنطلق من كونه شابا عاشقا يشارف على الزفاف على محبوبته التي عقد قرانه عليها. ولقد لاحظت أن هذا الراوي يسرد الأحداث بشكل عام سواء كانت تاريخية أو غير تاريخية كما ينتقد التاريخ ويحلله ويقدم بعض الرؤى الفلسفية من خلال الكتابة التسجيلية أو من خلال الحديث عبر النقال أو من خلال التداعي. يقول وهو يقدم لنا صورة رائعة في الحديث الوجداني لهاجر وهي تنتقل بين الصفا والمروة بعد أن تركها نبي الله إبراهيم عليه السلام في مكان منقطع في مكة قرب البيت العتيق: «أتستطيع معاتبة إبراهيم؟..... لو قدر إسماعيل أن يسألها السؤال ذاته، أماه.. لم تركتني أكابد عطشي؟» لاحظت أيضا تبادل الراويين في روايتهما للأحداث إلى جانب تبادلهما سرد الرؤى والتساؤلات المختلفة وكذلك تعليقهما على بعض الأشياء ونقد الواقع وعرض إلى جانب الرؤى الفلسفية المختلفة بشكل متداخل وسلس، كما وجدت أن الأحداث والصوت في الرواية ينسجمان مع مناخها وطقسها بشكل محكم. وحيث إن الرقم 7 يشكل محورا كبيرا في حياة المسلمين فالأسبوع 7 أيام والطواف 7 والسعي 7 والرمي 7 حصيات وأقل مرات الرجم 7 والسماوات 7 وكذلك الأرضون كان لابد أن يكون هناك تساؤل يقول: «ما قيمة هذا الرقم عندالله» بهذه الطريقة وغيرها أيضا تقدم الرؤى سواء كانت على لسان الشخصية أو على لسان الراوي. «عاشق في مكة» كعنوان ملفت بالفعل، لرواية أستطيع القول إن كاتبيها وفقا في اختياره، كما أبرزا من خلال هذه الرواية احترافية الكاتب الروائي في رسم شخصياته وصنع الأحداث وابتكار المفردات التي من شأنها أن تجتذب القارئ وتشده نظرا لوجود حالة متتابعة من التشويق والتوظيف الجيد للشخصيات في أداء أدوار تستدعي وتبرر في نفس الوقت استعراض أحداث تاريخية من الواضح أنها مسرودة بخبرة الكاتب المبدع، ولهذا جاءت دون الإخلال بسياق السرد العام للرواية، إلى جانب أدوار أخرى قدمتها الشخصيات لممارسة التشويق والمفاجأة معا. هذه الرواية تحمل مجموعة وافرة من المعلومات والمعارف والأفكار والتشريعات وفلسفة بعض التطبيقات والرؤى الدينية إلى جانب الأدعية والروايات والأحاديث وبعض المأثورات الشعبية التي وظفت جميعها بشكل ينسجم مع روح النص وزمنه ومكانه وأحداثه. ولعل كون الكاتبين من الدعاة ومرشدي الحجاج رسمت هذه الرواية أحداثها عن بعض تلك التجار التي عايشاها مع بعض الحجاج وكذلك عن معارف وعلوم فقهية تختص بهذا الجانب، يتساءل: «لماذا سميت بالمزدلفة؟» ثم يجيب: «لقد علم الأمين جبرائيل أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام مناسكه، انتهى به إلى الموقف، وأقام به حتى غربت الشمس، ثم أفاض به فقام إبراهيم عليه السلام، ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة» ويقول في موضع آخر: الدعاء إن صح التعبير حركة تصحيحية للنفس المعوجة». هذه الرواية بمناخها العام والصيغة التي كتبت بها أعادت لذاكرتي رواية «عالم صوفي» للكاتب والفيلسوف السويدي «جوستاين جاردر» الذي ركز في روايته على تاريخ الفلسفة كأحد المقومات الأساسية للنص دون إخلال بفنيات وتقنيات السرد من حيث العقدة والحدث والتشويق والإثارة في تسلسل الأحداث والأفكار والرؤى ضمن قالب سردي روائي معرفي. وحيث إن رواية «عالم صوفي» اتسمت نوعا ما بالملل نتيجة الإسهاب الطويل في تاريخ الفلسفة إضافة إلى عدم التوظيف الجيد لبعض المقاطع الفلسفية ضمن قالب القصة وأحداثها وشخوصها وهي النواة الرئيسية التي تمسك بعصب السرد ككل وهو أمر وجدناه في النص المترجم عن الأصل. رغم أن «عالم صوفي» اتسمت بذلك إلا أن رواية «عاشق في مكة» في نظري استطاعت أن تتغلب على كل ذلك من خلال تأكيد تشويقها من عنوانها الذي يحيل للكثير من التداعيات والكثير من الافتراضات عما يفرضه هذا النوع من العشق في هذا المكان الذي يتسم بالقداسة والعبادة، وكيف يمكن أن يكون هذا العشق؟ ولمن يوجه؟ القصص التاريخية التي كتبها أو ألمح لها كاتب النص والتي كتبت بأسلوب أدبي هي الأخرى ساهمت بشكل كبير في إعطاء النص صبغة ولونا واحدا وسياقا مميزا. عندما تتداعى مكة في الوجدان البشري ككل في مختلف دول العالم فإنها لن تتعدى طقوسها في موسم الحج كمنطقة عبادة صرفة، ولهذا ينصرف التفكير قبل كل شيء لعشق هذه الحالة من الطقوس والعبادة، كما ينصرف لعشق مكة كمكان يتصف بالقداسة، وينصرف أيضا إلى عشق حالة العبادة هناك كحالة من التصوف تؤكد الحالة الغنوصية والعرفانية بالدرجة الأولى. النظرة الأولى المباشرة للكعبة.. هل يمكن أن تكون نظرة مجردة؟ هل يمكن أن تكون نظرة خالية من أي تداع؟ النظرة للحجيج وهم يطوفون حول البيت العتيق هل تكون نظرة كذلك مجردة وخالية من أي تداع؟ مشاهدة كل طقوس العبادة هناك والفعل العبادي هل يكون خاليا من أي تداع؟ هل يكون مجردا؟ هل ينتاب المشاهد والناظر والممارس للفعل الطقوسي حالة تسربله بالخشوع الذي يفيض بالدمع أم تتركه كالحجر الأصم؟. وهل سيمثل هذا الخشوع حالة من العشق بعد ذلك؟ كلها أسئلة لعل الراوي أجاب عن بعضها ضمن سياق النص. إن عنصر المفاجأة الذي أراده الكاتب وانتظره القارئ بكثير من التشويق المتلاحق منذ بداية النص من خلال الحديث عن اللحظة الراهنة والاستمتاع بها على لسان البطل إلى جانب صراعه النفسي الذي عاشه بعد لقائه بساجدة في محراب العبادة، والخلفية التي كونها المتلقي عن شخصية البطل، كلها أدت إلى ممارسة غواية التشويق والإثارة على المتلقي لجره لمتابعة أحداث النص الذي يتطور كما تتطور شخصياته أيضا. إنه إذا توظيف للمعرفة وتقديم للمعلومة ضمن قالب سردي مشوق، من شأنه أن يقدم الأفكار والرؤى بسلاسة وموضوعية بشكل متمازج ومنساب ومنسجم بشكل تام مع قالب سردي يمكن أن نعتبره قالبا نموذجيا في كتابة هذا النوع من النصوص المصحوب بكثير من الجاذبية والتشويق والمفاجأة. إلى جانب كل ذلك تتميز «عاشق في مكة» بملامستها لجملة من الأمور والمشاكل والقضايا الاجتماعية والأنثربولوجية وكذلك الدينية أيضا ضمن خطها السردي العام. وحيث إن المرأة نصف المجتمع بل نصفه الأهم ونصفه الأضعف في مجتمع مثل مجتمعنا والمجتمعات الشرقية بشكل عام محكوم بكثير من التعقيد، إلا أننا نلحظ في هذه الرواية حالة من الانتصار للأنثى بكل تجلياتها، كما نشهد من خلال هذا النص المواقف الجريئة والبطولية للمرأة التي تنطلق من خلال مبادئها وقيمها وعقائدها الإسلامية. وهي في الحقيقة جرأة تمثل قمة التمرد في مجتمع منغلق محكوم بكثير من التعقيد في قضايا تتعلق بالمرأة وشؤونها بشكل عام. وفي الحقيقة لم تتحل الأنثى صاحبة البطولة الجزئية في هذا العمل بالجرأة فقط بل تحلت بالبطولة والشجاعة في المطالبة بحقها عبر أساليب استخدمت فيها نوعا من التدرج حتى انتهت بذروة التصعيد في طريقة المطالبة بحقها أمام جمع من النساء والرجال الذين عجز بعضهم وجبن آخرون في تحمل إيصال الرسالة التي أوصلتها بنفسها في تعبيرها وكفاحها من أجل الحصول على حق من حقوقها التي أقرها الإسلام كما أقرتها القوانين والنظم الإنسانية. يقول الراوي وهو يتحدث عن هروب البطل من مسرح الأحداث الصاخبة ورغبته في الابتعاد عن المشاكل: «لن ينتظر حتى تجهر ساجدة بمشكلتها في الحفل الختامي وتزلزل الوضع» وليست المواضيع والقضايا الاجتماعية وحدها ما يميز هذا النص، بل هناك مميزات أخرى تميز بها من بينها مجموعة من الصيغ والرؤى التناظرية التي جاءت بصيغ مقارنة ضمن اختزالات زمنية ومكانية وفكرية وثقافية، تمثل في مضامينها جملة من المفاهيم التي وإن اختلفنا أو اتفقنا حولها فهي تشكل جانبا من المفارقة لكل من يؤمن أو لا يؤمن بها، كما تترك لديه جانبا كبيرا من الأسئلة التي تبحث عن إجابات، سواء قدمها الكاتب كتساؤلات تفرز تساؤلات أخرى، أو قدم لتلك التساؤلات إجابات أم لم يقدم. ولهذا سيكون لزاما على المتلقي أن يقدم أو يبحث عن إجابات وفق ما يشاء من طرق، ووفق ما يراه من قناعات، ولعله يقتنع أو لا يقتنع لما يتوصل له من إجابات. يقول: «ولم الطهارة ونحن بصدد رجم رمز القذارة في هذا الكون». «قميص إسماعيل قد يكون سلوى لأمه.. ولاحقا.. كان لقميص يوسف دور في شفاء أبيه.. ألهذا يحتفظ الناس بما يذكرهم بأحبابهم؟». «أحقا ذلك.. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.. مرعوبا لا يلوي على شيء يفد إلى خديجة ويسألها المشورة.. فتصل ابن خالتها ورقة بن نوفل الذي يبشرها أن الذي رآه زوجها هو وحي السماء!! هل كان خاتم الأنبياء بعد ذلك التعبد والاتصال بالسماء جاهلا ما نزل عليه بحراء فيحتاج إلى ورقة ليشهد له ويدله أن الذي رآه هنا جبرائيل وليس شيطانا اعتراه..... أو يشك الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رآه إن كان وحيا أو شيطانا.. ويأخذ يقينه من رجل نصراني لم نسمع أنه أسلم.. بل مات على نصرانيته بعد البعثة بست سنوات..... كيف يصورون التاريخ ويزيفون الحقائق بطريقة شنعاء». وبعد أن يسرد تاريخ يوم الفيل ويتحدث عن شيبة الحمد عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم يتساءل قائلا: «أو يصح أن يقال بعد ذلك عن هذا الشيخ أنه مات مشركا». هذه الرواية تستعرض بين طياتها مواقف وأحداثا تاريخية وكذلك دينية ترتبط بكليتها بمكة وبالبيت العتيق وبزمزم والصفا والمشاعر الحرام كلها، وهذا الارتباط من جانبين جانب مكاني وجانب زماني يحاكي اللحظة الراهنة التي يعيشها بطل النص الذي يحلق على الدوام في تداعيات تاريخية يحاكي من خلالها الفعل الطقوسي زمانا ومكانا، أو يحاكي من خلالها اللحظة الراهنة التي نعيشها في زمننا المعاصر، فيسقط هنا تساؤل أو يطرح هناك عبرة أو يقدم هنا نقد. ولما كانت الرواية تنطلق من الحالة الدينية فهي تفسر لنا بعض الممارسات الطقوسية الخاصة بالحج والعمرة، كما تحاكي الواقع الراهن وتنتقده بصور تناظرية يقارن من خلالها واقع الأمور، بلغة تنضح بالسخرية تارة والتهكم تارة أخرى، يقول: «كلهم يأتون إلى عرفات، مزقتهم الانقسامات السطحية الآنية، وجمعهم الأمر الإلهي في يوم من أهم أيام الله ألا يكفي الدين جامعا وموحدا لهم فيما بقي من الأيام؟». ويتحدث عن الدوخلة كفعل أنثربولوجي فيقول: «الدوخلة تعبير رمزي عن القربان، إن ما لديك هو نوع من تدريب الطفل من البداية على تقريب القربان الذي زرعه وسقاه واهتم به وأصبح كجزء منه خصوصا فيما مضى حيث تعز مقتنيات الأطفال». وكما لا تخلو الرواية من نقد للواقع سواء كان اجتماعيا أم سياسيا فهي لا تخلو أيضا من حالة التكريس للمثيولوجيا والميتافيزيقا يقول: «بعد السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وبقية الأنبياء عند دخول الحجاج للبيت العتيق أحس عبد القادر برائحة قوية تضرب أنفه، لعلها رائحة الصديقين الذين نسلم عليهم». كما يقول أيضا: «ذاكرتها تختزل ما تقوله النساء.. إن الدوخلة ترمى في يوم العيد.. ليس قبله ولا بعده حتى يرجع الحبيب سالما». ويوجد تكريس بكل تجلياته ووضوحه للميتافيزيقا من خلال حلم البطل بشيخ نوراني –كما قرر الراوي- قدم للبطل بطاقة حج بالأصالة عن نفسه وليس نيابة عن جدته كما كان مقررا ولهذا تراجع البطل عن قرار النيابة وحج بالأصالة عن نفسه وفقا لتلك الرؤية التي رآها في الحلم أثناء إغفاءة بسيطة في الحافلة. لكنه على الرغم من إيمانه الميتافيزيقي ينتقد بعض العقائد بل ويطلق عليها سمجة: «العقائد السمجة التي يتوارثها الناس ضمن مكتسبات الجهل.. لا يمكن اعتبارها حقائق وإن حوتها الكتب والمناهج واصطفت على أرفف أفخم المكتبات». ولعلها بهذا تتضح ازدواجية المتدينين التي تنطلق من خلال ايدولوجيا معينة ترى معتقدات الآخر خاطئة فيما تبرر لنفسها ممارسة بعض المعتقدات، ولهذا فالرواية أيضا انتقدت رجل الدين على لسان بطل الرواية عندما قال عنهم: «تركوا مشاكل الأمة وتخصصوا في النهي عن حلق اللحية». ويقول أيضا: «لماذا يصر بعض المتدينين على الانزواء في ركن المسجد بعيدا عن معترك الحياة الحقيقي». كما يقول في موقع آخر: «هذا الشيخ الذي يأمرهم بالإخلاص هل هو قادر عليه» وهناك الكثير من النقد سواء لهيئة السياحة السعودية أو لوزارة الحج وحملات الحجاج وللعالم الإسلامي يقول: «لم لا توفر الدولة مياها دافئة» يقصد مياها للغسل في الميقات. «لم لا يكون هناك سعي حضاري لاستيعاب ملايين الحجاج». «كل هذا التطور والمرافق ما زالت ضيقة ولا تحتمل» . «لماذا يتم الحلق بهذه الطريقة البدائية». «كم استغرب أن الحملة لا تستطيع أن توفر المبيت طوال الليل في منى». «لو كنت مسؤولا لأقمت هنا استراحة فارهة فيها ما يحتاج الصاعد لراحته، كراسي، مظلات، وجبات، تكييف هواء، دليل سياحي، مطبوعات سياحية، مظلات محمولة، أحذية......». كما يوجد في النص الكثير من الأسئلة الوجودية وغير الوجودية أيضا يقول: «من يستطيع أن يتسامى بروحه؟». «هل يفقه الإنسان اللانهاية؟». «هل يقدر المحدود أن يستوعب أو يعلم كنه اللا محدود؟». «هل الإنسان جزء من الكون العظيم، أم الكون بأكمله خلق لهذا الإنسان؟». في نهاية الرواية نجد أن الراوي أراد أن يخبرنا بأن هذه الرواية لم يكتبها إلا بطلها ذاته، وذلك عندما قدم لحبيبته قرص كمبيوتر وبادرت تقرأ أسطره التي كانت الأسطر التي بدأ بها الكاتب كتابة الرواية. إنني أعتقد أن هذه الرواية بالفعل تستحق أن تقرأ، كما أعتقد أن هذه الرواية تعتبر إضافة للأدب السعودي خصوصا لهذا النوع من الروايات المعرفية، وآمل من الأخوة النقاد تناولها ودراستها.