استضاف مقهى عكاظ الثقافي الفني الذي يقام أسبوعياَ مساء كل يوم اثنين في جلسته الأخيرة الشاعر محمد حبيبي الذي عرض تجربته الشعرية البصرية (غواية المكان) في نسختها الرابعة.
انطلقت فعاليات المقهى بسماع بعض الأصوات الحجازية في الغناء مثل فوزي محسون وغازي على ثم قدم الشاعر فيصل سعود قصيدة شعرية بعنوان (ماذا بعد قانا) ثم أغنية فيروز (يبكي ويضحك) ثم بدأ عرض تجربة (غواية المكان) وهى تجربة من أهم التجارب لعرض سردي بصري موسيقي شعري استطاع الشاعر من خلاله أن يحيل العوالم الشعرية نحو فضاءات من الصورة البصرية للمكان وغوايته حيث كانت جازان المشرقة بكل جميل مادة الرؤية البصرية والسمعية بينما تماهى الشاعر محمد حبيبي معها شعراً متدفقاً تداخلت الأشياء والعوالم في نسيج شفاف قاد التجربة لنوع من المتعة الفرجوية التي أشاد بها رواد المقهى. سبق للتجربة أن عرضت في نادي جازان الأدبي ونادي الشرقية الأدبي ومهرجان الشعر العربي الثالث بسوريا وحرص الشاعر الحبيبي على تجديد عرضه البصري بلوحات جديدة متدفقة في البحث عن جماليات مثل هذا النوع من العروض البصرية حيث قدم لوحات جديدة تعرض للمرة الأولى.
تداخل مع التجربة حوار عدد من رواد المقهى وكانت البداية للناقد خالد ربيع الذي أشار إلى أنه لم يحضر ليكون أحد المتداخلين وأنه يفضل الاستمتاع بالتجربة وجماليات العرض عن الحديث الانطباعي عنه ولكنه أشار إلى أن التجربة ممتعة وطازجة وتحتاج إلى زمن للحديث عنها مع الدكتور أحمد الشرفي رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الطائف الذي أشاد بالتجربة وجماليات العرض البصري وقالها إنها تجربة ممتعة بصرياً وموحية أحالتنا إلى عوالم جديدة من سحر الصورة والشعر وتداخلت فيها الفنون بشكل إبداعي.
أما الأديب الأستاذ عقيلي الغامدي فقد قدم شكره للمقهى على تبني هذه النماذج الإبداعية وقال إنه سعد بالتجدد والتجديد من الدكتور حبيبي الذي قادنا للماضي ورصد أشياء مست شغاف قلوبنا وزاوج بين الشعر وبين السرد البصري وأنا سعيد جداً بمشاهدة هذا الإبداع.
وأشار الناقد والفنان التشكيلي سامي جريدي إلى أن التجربة تكتنز مسميات ورموز وتصورات للمكان وأشار تحديداً لصور الكتابة على الجدران وفتافيت الأشياء المسكوت عنها وتحدث عن الخطاب السردي للصورة مع الخطاب الشعري وما تستطيع اللغة أن تمثله بعيداً عن الأمكنة.
وأوضح الكاتب المسرحي فهد الحارثي أن التجربة تعد فتنة وليست غواية وتحدث عن لغة الصورة في الحدث المرئي وتزاوج الصورة مع الكلمة بصورة خلقت فتنة للمكان والزمان وتمنى أن يتمكن مع زملائه في ورشة العمل المسرحي في أن يقدموا قراءة مسرحية لهذه التجربة.
وتحدث الفنان التشكيلي فيصل الخديدي عما يحمله العرض من دهشة على مستوى النص والصورة والتشكيل والموسيقى المصاحبة وتحدث عن بعض الصور المصاحبة للعرض وعدم وضوحها.
وأوضح القاص والكاتب محمود تراوري أنه يشعر بالسعادة أولاً لوجود مثل هذا المقهى الذي كانت المطالبة تلح عليه للتواصل الأدبي مع المجتمع وإن بساطة المقهى وقدرته على الاتصال والتواصل مع فئات المجتمع تجعله يشيد بالقائمين على الجمعية بالطائف لقدرتهم على تحقيق هذا النموذج وبالنسبة لتجربة محمد حبيبي فهو عمل يستدعى فلسفة الصورة كثقافة فالصورة كتاب الفقراء وأعتقد أنه يجب أن نستعيد ثقافة الصورة وهيمنة الصورة وتشكيلها وقولبة الرؤى والتصورات ونطالب باندفاع أكبر نحو الصورة وسحرها وعالمها وتجربة حبيبي تحتفي ببكارة الأشياء والإنسان القديم واحتفائه بالحياة وقد نجح محمد في توظيفه للدلالات بشكل إبداعي.
واختتم مدير جمعية الثقافة والفنون عبدالعزيز عسيري التداخل بالحديث عن الجانب السيونغرافي في العرض وأشاد بتجربة الشاعر محمد حبيبي والمجهود الجبار الذي قام به من أجل تحقيق تجربة لها عمقها وقال: لو توفرت الإمكانيات البشرية والفنية لمحمد حبيبي فما حجم الإبداع الذي كان سيقدمه؟
ثم كرم مدير الجمعية الشاعر الدكتور محمد حبيبي كما ساهمت ورشة العمل المسرحي في تكريمه.
واختتم مدير المقهى الفنان سامي الزهراني فعاليات المقهى لهذا الأسبوع مشيراً إلى أن الفعاليات القادمة ستشهد زخماً ثقافياً وفنياً.
وتواصل تداول الكتب عبر مكتبة السيد بالمقهى الثقافي بين الحضور، ويذكر أن فكرة مكتبة السيد التي تصاحب المقهى منذ نشأته قبل أكثر من شهرين تحمل اسم شخصية أحد أشهر باعة الكتب الثقافية التي كان يوفرها على كشك متحرك عرفه مثقفو محافظة الطائف منذ ما يزيد عن الثلاثين عاما.